100000 (مئة ألف) اكتمل هذا الرقم المرعب فى تمامه عند منتصف ليلة النصف من شعبان التى تؤصل بأن أول قبلة للمسلمين هى المسجد الأقصى قبل البيت الحرام، ومع انتصاف شعبان اكتمل عدد شهداء الإنسانية ثلاثين ألفًا وسبعين ألفًا من المصابين والجرحي، هذا الرقم المعجز تكرر فى مشهد مشابه لكن كان بطله الهوليودى هارى ترومان (8 مايو 1884 – 26 ديسمبر 1972)، هو الرئيس الثالث والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية، تولى المنصب من 12 أبريل 1945 حتى 20 يناير 1953، بعد وفاة فرانكلين روزفلت، وحينها كان ترومان يشغل منصب نائب الرئيس الأمريكى لمدة 82 يومًا، وهو مَن سعى لتأسيس حلف شمال الأطلسى عام 1949 بعد أن انقلب على حليفه الاتحاد السوفيتى وبدأ الحرب الباردة، وهو مَن تدخل عسكريَّا فى النزاع بين الكوريتين عام 1950، إنما الأهم والأقسى دموية فى قراراته كان عندما أمر بإطلاق أول قنبلة ذرية على هيروشيما بالاسم الكودى (الولد الصغير) فى 27 من شهر شعبان (!) الموافق 6 من أغسطس 1945 من قاذفة القنابل (بى 29 إينولا جاي)، التى كان طيارها الكولونيل بول تيبيتس من السرب 393 وبعد ثلاثة أيام تم إلقاء القنبلة الثانية (الرجل البدين) على مدينة ناجازاكي، وقتل الولد الصغير والرجل البدين ما يقرب من 70,000 (سبعين ألف) إنسان فى هيروشيما، و40000 (أربعين ألفًا) فى ناجازاكى فى ذات يومى التدمير، ومع نهاية 1945 مات نفس الرقمين من البشر متأثرين بالحروق الإشعاعية والتسمم الإشعاعى وبسبب سرطان، وكانت معظم الوفيات من المدنيين فى المدينتين، ما أشبه الليلة بالبارحة (!) فى شهر شعبان ويموت ويصاب رقم المئة ألف والقرار من الرئيس الأمريكى مباشرة عند ترومان وبالتأييد السياسى وبالدعم المالى الملياري، وبالإمداد بالأسلحة والذخائر وتكنولوجيا الحرب الفتاكة، والأقصى تبجحًا، وهو الوقوف أمام إرادة العالم بالفيتو الملعون (!)، الذى عارض مجرد وقفة إيجابية من العالم ليصدر قرارًا على ورق بوقف الحرب لينضم إلى سابقيه من القرارات الـ(700)، التى لا تزيد على كونها قرارات مؤرشفة لمجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة، وحتى مجرد القرار الورقى عارضته أمريكا(!). يعلم الكثيرون أن التركيبة السكانية لفلسطين من المسيحيين (وهم أصل ومبتدأ المسيحيين فى العالم)، ومن المسلمين وهم أكثر مَن كتب عليهم القتال فى العالم، وفى الجليل بمدينة القدس خان يهوذا سمعان الإسخريوطى السيد المسيح والمسيحية مقابل ثلاثين قطعة من الفضة، (أَلَيس أَنى أَنا اختَرتكم، الاِثنى عشر؟ وواحد منكم شيطَانٌ!) «يوحنا: 70 – 71،» ولم يستطع مَن أتى بعده من بنى جلدته أن يغسلوا يده وأيديهم من دماء المسيحية المراقة فى الجليل والقدس وسائر فلسطين، ويبدو أن اليوم أشبه أيضًا بالبارحة؛ فقد حرم نتينياهو مسيحيى فلسطين من صلاة قداس عيد الميلاد، وها هو يلوح بحرمان المسلمين من صلاة تراويح رمضان بالمسجد الأقصي.
وتروج للعالم ويصدقها العالم(!) بأن جيشها من أعتى الجيوش وأكثرها احترافية، وأن أجهزتها الأمنية من الأذكى على الإطلاق والأكثر تحقيقًا لأهدافها، ومع التطور الهائل فى التسليح الإسرائيلى والاعتماد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى فى مجريات الحرب؛ تستخدم ضد الأبرياء الدبابة الأسطورة التى لا تقهر – كثيرًا ما سمعنا هذه الجملة فى القصص الخيالية فحسب!- أو «ميركافا» دبابة إسرائيلية متطورة للغاية ويصفها الاحتلال الإسرائيلى بـ»الأسطورة التى لا تقهر»؛ لمواصفاتها التى تجعلها من الأكثر تحصينًا بالعالم والأقوى فى الحروب، وأحدث أنواعها وأقواها ميركافا-4 المزودة بأنظمة أمنية متقدمة وتحصين عالٍ لضمان حماية طاقمها، وأطلق عليها لقب «دبابة القرن الـ21»، ومن الطائرات المسيَّرة الطائرة هيرون من الجيل الرابع من الطائرات طويلة المدي، وتم بناؤها بتكنولوجيا حديثة، تقوم بالإقلاع والهبوط آليًّا، وتغطى مساحة واسعة من الأرض، تفى باستطلاع مباشر للأجهزة الأمنية، ولديها القدرة على الطيران المستمر لمدة 52 ساعة وبحمولة 250 كيلو جرامًا من القنابل الذكية، وهى مصممة للاستطلاع الاستراتيجي، والطائرة ماعوز الانتحارية مسيّرة من نوع «درون» تحمل رأسًا متفجرًا يصل وزنه إلى 400 جرام، وتتمتع بمميزات مختلفة تساعد فى عمليات الاغتيال والكشف عن مواقع المختبئين، وتستطيع التحليق فى مختلف الظروف المناخية، ودخلت الخدمة فى سبتمبر– أيلول 2023، وتدرج ضمن «الذخائر التكتيكية المتجولة» (أى التى تتجول وتبحث عن الهدف قبل قصفه)… وغيرهما من الأسلحة الذكية التى تستطيع الوصول لأهدافها مباشرة وبدقة متناهية. والسؤال الذى يلح فى طرح نفسه وهو: إذا كان الاحتلال قد قتل الشيخ أحمد ياسين القعيد على كرسيه وكان يوم الإثنين غرة صفر 1425هـ/ الموافق 22 مارس عام 2004م، بينما كان عائدًا من أداء صلاة الفجر فى مسجد المجمع القريب من منزله فى حى صبرا بغزة ودون أن يتأذى أحد ممن حوله، فى عملية أشرف عليها رئيس الوزراء الإسرائيلى أرئيل شارون كما يشرف نتنياهو الآن؟
ومثله الآن صالح العارورى القيادى البارز فى حركة حماس، الذى تم استهدافه منفردًا فى يناير الماضى بطائرة مسيَّرة فى لبنان، ومن قبله تم استهداف أربعة من عناصر القسام فى شهر نوفمبر أثناء سيرهم بسيارتهم الخاصة بشوارع لبنان، وأيضًا بطائرة مسيرة، وغيرهم كثر(!)
إذا كانت إسرائيل تستطيع من خلال برامج تسليحها أوآلياتها المتطورة أن تستهدف العناصر العدائية لها كما تزعم بوصفها لهم كذلك، فلماذا استخدمت المقاتلات الإف 16 وأجيالها المتطورة الفتاكة؟ ولماذا ألقت آلاف الأطنان على المدنيين الآمنين فى محافظات غزة؟ حتى وصل الرقم إلى مئة ألف من الشهداء والجرحى وأكثر من ثلاثة أرباع هذا الرقم من الأطفال والنساء، وعلى مرأى ومسمع من الضمير العالمى الغائب!
تبدو الإجابة يسيرة للغاية: وهى أن هناك حزمة أهداف خفية لإسرائيل من حربها المعلنة على حماس (!)
أتذكر ما صرح به ثروت عكاشة من زمن غير بعيد عن تجاوز ثقافى لمحنة عسكرية … وهنا تعود الثقافة لأهدافها التى تحصن الوعى العام من الغث والخبيث من الأخبار المغلوطة التى تروج لها ماكينات الإعلام العابرة للقارات، وعلى القوة الناعمة أن تفضح المسكوت عنه من المخطط الصهيونى تجاه سيناء التى سدد المصريون فاتورة الدفاع عنها بدماء أبناء المصريين.