بعد حملة انتخابية لم تكن سهلة بل كانت مليئة بالتحديات، يعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض متغلبا على كامالا هاريس بفارق كبير، دونالد الذى وصف بأوصاف كثيرة منها الشعبوى والمتهور و»البيزنس بريزدنت» يحصد لقبا جديداً بهذا الانتصار وهو «قاهر النساء»، ففى عام 2016 تغلب على المرشحة عن الحزب الديمقراطى هيلارى كلينتون، وفى عام 2024 تغلب على مرشحة نفس الحزب كامالا هاريس.
عودة الرجل الذى لم يغب عن الإعلام حتى بعد خروجه من البيت الابيض، عودة غير متوقعة أثارت جدلا فى الولايات المتحدة بين المؤيدين الفرحين من ناحية والمنتقدين القلقين من سياساته المقبلة، من ناحية أخرى خاصة مع تصريحاته عن الفترة التى تولى فيها بايدن الولايات المتحدة وموقفه من الأحداث والحروب العالمية وموقفه من مشاكل الولايات المتحدة نفسها ووعوده المثيرة للجدل حول الهجرة والنفط، وسط ترحيب شديد بالأسواق وتوتر دولى حيال أجندته المقبلة وفريق عمله المنتظر.
الشاهد أن العالم أجمع يستقبل الولايات المتحدة بنسخة جديدة بعد فوز مرشح الحزب الجمهوري ترامب الذى يعود بالكثير من التحديات بما فى ذلك محاولتا اغتيال وأربع لوائح اتهام وإدانة جنائية، سوف لا يكون هو نفسه ترامب الذى ربما قادته الصدفة لرئاسة الولايات المتحدة فى فترته الأولى عام 2016.
فيما يخص منطقة الشرق الأوسط فقد تعهد ترامب بإنهاء الحربين فى غزة ولبنان وهو قادر على ذلك فعلا، لكن ماذا سيكون الثمن الذى سيدفعه ترامب لنتنياهو ليوافق على إنهاء الحرب؟، فالمؤكد أن نتنياهو، لن يوقف الحرب إلا بشروطه وفرض أجندته على الجغرافيا العربية وهذا ما يخشاه العرب، والمؤكد أيضا أن الولايات المتحدة بغض النظر عن اسم الرئيس وحزبه لديها تعهد دائم بدعم إسرائيل والدفاع عنها مهما كانت ظروفها وأخطاؤها، لذلك أتمنى أن يجلس العرب على طاولة ترامب التى يريد بها تصفير الحروب حتى لا يكون هناك جور أو فرض لرأى لا يحقق العدالة المنتظرة وأتمنى أن يستخدم العرب قوتهم الإقليمية لتحقيق هذا الغرض.
رئاسة ثانية لأكثر الرؤساء الأمريكيين جدلا قد تحمل اضطرابات رغم حالة التفاؤل بين مؤيديه، فمن ضمن أبرز التحديات والوعود تعهده بترحيل المهاجرين «بأعداد ضخمة» من اليوم الأول، وتصريحانه بأنه كما مستاء من الأموال التى تنفق فى دعم أوكرانيا، وتعهده بموقف حازم تجاه التنقيب عن النفط وعدم الالتزام باتفاق باريس للمناخ، مما قد يثير قلق المدافعين عن البيئة. وخططه التى ترفع شعار أمريكا أولا لتعزيز الاقتصاد الأمريكى عبر فرض تخفيضات ضريبية وفرض رسوم جمركية على المنتجات الأجنبية لحماية العمالة المحلية.
ويبقى التحدى الأكبر أمامه هو تقليل الانقسامات الداخلية، حيث أبدى الديمقراطيون قلقهم من خطاباته المتشددة ضد «الأعداء الداخليين» وسعيه للانتقام.
عودة إلى ملف الشرق الأوسط والذى استخدمه ترامب جيداً فى حملته الانتخابية وربما فاز به فى الولايات التى تضم أكبر عدد من العرب مثل ميتشجن، سيكون السؤال هل سيضحى ترامب بالعرب جميعا من أجل شخص نتنياهو فى وقت خطط فيه ترامب لفتح شراكات كبيرة فى المنطقة على سبيل المثال، هل يتجاهل ترامب دور الفاعلين السياسيين الإقليميين فى ملف غزة مثل مصر من أجل عيون «بيبى نتنياهو»؟ أم ستكون له حسبة خارج التوقع، الأيام القادمة حتى موعد تسلمه السلطة فعليا فى 20 يناير ستكشف لنا ما الذى يفكر فيه ترامب بعد عودته التاريخية للبيت الأبيض.