خلال ولايته الأولى (2017-2021)، أجرى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تغييرات كبيرة ومتكررة فى فريق إدارته،وكانت هذه التغييرات مثار جدل. ففى بعض الأحيان وصل الأمر الى تغيير بعض المناصب مرات عديدة مثل كبير موظفى البيت الأبيض ووزيرى الخارجية والدفاع والمدعى العام.
التغييرات المتكررة فى مناصب الإدارة آنذاك عكست نهج ترامب غير التقليدى وأسلوبه الذى يميل إلى استبدال المسئولين بسرعة إذا لم يتفقوا مع رؤيته السياسية، وبعد انتخابه مرة أخرى كرئيس للولايات المتحدة ركز ترامب على اختيار شخصيات معروفة بولائها له وتوجهاته، وهو نهج مختلف عمّا كان عليه فى الفترة الأولي.
الإدارة الأمريكية الجديدة ستواجه أوضاعا عالمية أكثر تقلبا وخطورة مما كانت عليه عندما تولى ترامب منصبه فى عام 2017، وسط الحروب فى أوكرانيا والشرق الأوسط واصطفاف الصين بشكل أوثق مع عدوتى الولايات المتحدة روسيا وإيران، لذا كانت اختيارات ترامب مناسبة لتوجهاته والاهم انه ركز اختياراته على اهل الثقة والمتوافقين تماما مع توجهاته .
التدقيق فى اسماء فريق ترمب يمكن ان يكشف فى حد كبير اولوياته ورؤيته للمرحلة المقبلة واللملفات المهمة له.
ماركو روبيو.. وزير الخارجية
اختار ترامب السناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو ليكون وزيرا للخارجية، مما يجعله أول «لاتيني» يتولى منصب كبير الدبلوماسيين فى أمريكا. وروبيو كان الأكثر تشددا ضمن قائمة صغيرة وضعها ترامب للمرشحين للمنصب، ودعا فى السنوات الماضية إلى سياسة خارجية قوية مع أعداء الولايات المتحدة ومنهم الصين وإيران وكوبا.
لكن على مدى السنوات القليلة الماضية، خفف روبيو بعض مواقفه لتتماشى بشكل أكبر مع آراء ترامب.ويعد روبيو من أبرز الصقور المناهضين للصين فى مجلس الشيوخ وفرضت عليه بكين عقوبات فى عام 2020 بسبب موقفه المتعلق بهونج كونج.
وبخصوص الأزمة الأوكرانية، كان روبيو واحدا من 15 جمهوريا فى مجلس الشيوخ صوتوا ضد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا، والتى تم تمريرها فى أبريل.
إليز ستيفانيك .. مكافأة الولاء فى الأمم المتحدة
لطالما كانت النائبة الجمهورية، إليز ستيفانيك، واحدة من أكثر حلفاء الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترمب شراسة منذ سنوات، إذ دافعت عنه خلال إجراءات عزله فى مجلس النواب، وروَجت لمزاعمه بشأن «تزوير» انتخابات 2020، وحشدت الدعم لحملته الانتخابية الأخيرة للعودة إلى البيت الأبيض، وفق صحيفة «نيويورك تايمز».وقالت الصحيفة إن ستيفانيك حصلت على المكافأة على ولائها هذا، إذ قال ترامب، فى أحد أول إعلاناته عن موظفى فترة ولايته الثانية، إنه سيرشحها كسفيرة لواشنطن لدى الأمم المتحدة.
مايك والتز .. مستشار الأمن القومى
فى منصب مستشار الأمن القومى وقع اختيار ترامب على مايك والتز، وهو ضابط متقاعد من الحرس الوطنى للجيش ومن قدامى المحاربين. ويضع هذا التعيين والتز فى طليعة مجموعة من الأزمات الأمنية الوطنية، بدءا من الجهود المستمرة لتزويد أوكرانيا بالأسلحة، والقلق المتزايد بشأن التحالف المتنامى بين روسيا وكوريا الشمالية، إلى الهجمات المستمرة فى الشرق الأوسط من قبل وكلاء إيران، والدفع نحو وقف إطلاق النار بين إسرائيل وكل من حماس وحزب الله.
ومستشار الأمن القومى هو دور قوى لا يتطلب موافقة مجلس الشيوخ. وسيكون والتز مسئولا عن إطلاع ترامب على القضايا الرئيسية المتعلقة بالأمن القومى والتنسيق مع الأجهزة المختلفة. وفى حين انتقد إدارة الرئيس جو بايدن بسبب الانسحاب الكارثى من أفغانستان فى عام 2021، أشاد والتز علنا بآراء ترامب فى السياسة الخارجية. ويتمتع بتاريخ طويل فى الدوائر السياسية فى واشنطن.
ويشارك والتز أيضا فى فرقة عمل الجمهوريين الخاصة بشئون الصين، ويقول إن الجيش الأمريكى ليس مستعدا كما ينبغى إذا ما نشب صراع فى منطقة المحيطين الهندى والهادي.
وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال والتز إن آراءه تطورت، فبعد نشوب الحرب بين روسيا وأوكرانيا عام 2022، دعا إدارة بايدن إلى توفير المزيد من الأسلحة لكييف لمساعدتها فى صد القوات الروسية. لكن خلال حدث الشهر الماضي، قال والتز إنه لا بد من إعادة تقييم أهداف الولايات المتحدة فى أوكرانيا.
مات جيت .. تفكيك المنظمات الإجرامية
وفى منصب وزير العدل، أعلن ترامب ترشيح النائب الجمهورى مات جيتز، مشيداً بعمله فى الكونجرس على «تحقيق الإصلاح المطلوب بشدة فى وزارة العدل». وقال ترامب إن «مات سيحمى حدودنا، ويفكك المنظمات الإجرامية، ويستعيد ثقة الأمريكيين المحطمة بشدة فى وزارة العدل».
وقالت «بلومبرج»، إن جيتز مشرع محافظ ومتشدد، استعان به ترامب لإعادة تشكيل الوزارة، وتنفيذ أجندته بشأن الهجرة والجريمة والقضايا الاجتماعية الساخنة. وتعهّد ترمب بالدفع من أجل تحول جذرى فى وزارة العدل، التى تضم أكثر من 115 ألف موظف.
توم هومان .. مسئولية طرد المهاجرين
قضية الهجرة والمهاجرين الأبرز والأكثر جدلا فى ولاية ترامب الأولي، لذا اسند ترامب ملفها إلى توم هومان – وهو من المتشددين-ليكون مكلفا بتطبيق وعد المرشح الجمهورى تنفيذ أكبر عملية طرد لمهاجرين يقيمون بطريقة غير قانونية فى تاريخ الولايات المتحدة.
مايك هاكابى .. سفير واشنطن فى إسرائيل
وبشأن المناصب الخارجية، أعلن دونالد ترامبترشيح حاكم ولاية أركنساس السابق مايك هاكابي، لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل فى إدارته القادمة، والمعروف بدعمه الواسع لـ»الاستيطان الإسرائيلي»، ومعارضته القوية لـ»إقامة دولة فلسطينية «، زاعماً أنه «لا يوجد شيء اسمه فلسطين».
وقال ترامب فى بيانه: «إن هاكابى يحب إسرائيل وشعب إسرائيل، وعلى نحو مماثل، يحبه شعب إسرائيل»، مضيفاً أن مايك «سيعمل بلا كلل من أجل تحقيق السلام فى الشرق الأوسط». ويعد هاكابى أول أمريكى غير يهودى يترشح لهذا المنصب منذ أن عيّن الرئيس السابق جورج دبليو بوش عام 2008 جيمس كانينجهام سفيرا لواشنطن فى إسرائيل.
ايلون ماسك .. مهمته القضاء على البيروقراطية الأمريكية
يعتبر ايلون ماسك، الداعم المالى الأكبر لحملة ترامب والذى تعهد بالتبرع بمليون دولار يوميا خلال فترة الانتخابات لأى شخص يوقع على عريضة له على الإنترنت لدعم دستور الولايات المتحدة، لذا تم اختياره من قبل ترامب بالتعاون مع الناشط السياسى فيفيك راماسوامي، لقيادة وزارة الكفاءة الحكومية.
وأشاد ترامب بماسك وراماسوامي، موضحا أن هذه الشراكة ستمهد الطريق من أجل القضاء على البيروقراطية الحكومية، وتقليص اللوائح الزائدة، وخفض النفقات غير الضرورية، وإعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية. وقال ماسك: «هذا سيحدث هزة كبيرة فى النظام، وسيشعر بها كل من يشارك فى إهدار الموارد الحكومية، وهم كُثر».
الاقتصاد الأمريكى يستعد لإنطلاقة قوية
الدولار فى أعلى مستوياته.. البيتكوين وأباطرة البترول أبرز الرابحين
عواصم– وكالات الأنباء:
بعد فوز ترامب، وحصول حزبه على الأغلبية فى مجلسى النواب والشيوخ، ما يعنى عدم مواجهته صعوبات كبيرة فى تمرير السياسات، قد تكون الولاية الثانية «إيجابية»للأوضاع الاقتصادية فى أمريكا.. ولا يزال من المبكر الحكم على سياسات ترامب الاقتصادية «الجديدة»، وما إذا كانت ستدعم النمو، ولكن قياساً على ولايته الأولي، فهناك بعض المؤشرات التى يمكن الاستدلال عليها.
شهد الأسبوع الماضى وصول مؤشر الدولار إلى أعلى مستوياته أمام العملات الرئيسية الأخرى منذ عامين. ويشير ارتفاع العملة عادةً إلى ثقة المستثمرين فى الاقتصاد الأمريكي، لكن الزيادة الحالية ترتبط أيضاً بتوقعات استمرار التضخم وارتفاع معدلات الفائدة لفترة أطول، وهو ما يتعارض مع رغبة ترامب المعلنة فى خفض قيمة الدولار لجعل الصادرات الأمريكية أقل كلفة. لكن خبراء «بنك أوف أمريكا» يرون أن ارتفاع الدولار بنسبة 10٪ يقلل أرباح الشركات المدرجة فى مؤشر «إس آند بى 500» بنحو 3٪، ما يؤثر سلباً على أرباح الشركات الأمريكية العاملة دولياً. خلال ولاية ترامب الأولي، تراجعت حصة الدولار من احتياطيات العملات العالمية من 65.4٪ فى بداية عام 2017 إلى 60.7٪ عند مغادرته فى نهاية 2020، وهى أدنى نسبة منذ عام 1995. ومع نهج بايدن الأكثر استقراراً، بلغت حصة الدولار عند 58.2٪ بنهاية الربع الثاني، وفق بيانات البنك الدولي.
وكما كان الحال فى 2016، فإن التخفيضات الضريبية قد تدعم أسهم الشركات الصغيرة والمصارف، وهى قطاعات ترتبط بشكل كبير بالنمو فى الولايات المتحدة.
وبالنظر إلى مؤشر «راسل 2000» للشركات الصغيرة المدرجة، فإن فوز ترامب كان علامة فارقة، إذ قفز المؤشر بعد يوم من الانتخابات الرئاسية 5.8٪. وواصل المؤشر صعوده فى الأيام التالية، ليسجل ثانى أعلى مستوى على الإطلاق، قبل أن يتوقف يوم الثلاثاء الماضي. العملات المشفرة تُعتبر من أكبر الرابحين فى ولاية ترامب الثانية، فى حال صدقت تعهداته، خصوصاً تلك المتعلقة بتخفيف القيود التنظيمية. حيث واصل سعر «بتكوين» تحقيق أرقام قياسية، وتجاوز عتبة 90 ألف دولار وهو أعلى مستوى على الإطلاق. قفزت أكبر عملة مشفرة بنحو 30٪ منذ الانتخابات الأمريكية فى 5 نوفمبر.
وحققت عملة بتكوين رقماً قياسياً جديداً، مع تجاوزها حاجز 89000 دولار، مما رفع القيمة الإجمالية لسوق العملات المشفرة فوق ذروتها فى عصر الجائحة.
لكن أسعار الذهب تراجعت بأكثر من 4٪ منذ الانتخابات بفعل قوة الدولار، وذلك رغم خفض أسعار الفائدة. ولا يزال الذهب مرتفعاً بأكثر من 25٪ هذا العام.
وعد ترامب بدعم الحفر من أجل النفط والغاز على النقيض من إدارة جو بايدن، وتكثيف بيع عقود إيجار النفط والغاز البحريين. هذه التعهدات، إذا تمت، من شأنها أن تدعم أعمال شركات النفط المحلية، وتلك العاملة فى قطاعات مرتبطة.
ولعل تعهدات ترامب فى هذا المجال، هى التى دفعت أباطرة النفط إلى إغداق الأموال على حملة ترامب، لتصبح هذه الصناعة رابع أكبر مصدر تمويل للحملة الانتخابية. كما أن الرئيس التنفيذى المشارك لشركة خطوط الأنابيب «إنيرجى ترانسفير» وصف إدارة ترامب المقبلة، بأنها ستجلب «نسمة هواء نقية» للصناعة.
بعيداً عن القطاعات الأوسع، فهناك شركات بعينها استفادت بشكل كبير من فوز ترامب الجديد. «تسلا» فى طليعة تلك الشركات؛ ولكنها لم تكن خاضعة لقواعد السوق، بل مرتبطة بمدى قرب إيلون ماسك من ترامب، خصوصاً مع تعيين أغنى رجل فى العالم، مع رجل الأعمال فيفيك راماسوامي، لقيادة وزارة جديدة لكفاءة الحكومة. وظهر هذا التمايز من خلال أداء سهم «تسلا» مقارنة مع صناع السيارات الكهربائية الأخري، إذ انخفضت أسهم العديد من الشركات، على غرار «ريفيان» و»لوسيد» و»نيو» الصينية يوم إعلان ترامب فوزه، ما بين 2 و9٪، باستثناء «تسلا» التى ارتفعت بـ14٪. ومنذ ذلك الحين، كسب السهم 30 ٪ . ونظراً إلى تعهد ترامب بقيامه بحملة ترحيل للمهاجرين لم يسبق لها مثيل، ارتفعت أسهم شركات السجون الخاصة، يومى الأربعاء والخميس الماضيين، على أمل تحقيق مكاسب ضخمة من هذه التعهدات. لم تقتصر عدوى «تجارة ترامب» على الأسواق والأصول الأمريكية، بل امتدت إلى الأسواق العالمية أيضاً.
لى زيلدين.. حلم عودة الهيمنة الأمريكية على الطاقة
كما اختار ترامب النائب الجمهورى السابق لى زيلدين لقيادة وكالة حماية البيئة. وقال الرئيس المنتخب فى بيان إن زيلدين «سيضمن اتخاذ قرارات تنظيمية عادلة وسريعة»، مضيفا أن هذه القرارات «ستنفذ بطريقة تطلق العنان لقوة الأعمال الأمريكية، مع الحفاظ فى الوقت نفسه على أعلى المعايير البيئية، بما فى ذلك الهواء والماء الأنظف على كوكب الأرض.
وأفادت وسائل الإعلام الأمريكية بأن زيلدين لا ينظر إليه على أنه يمتلك خبرة كبيرة فى السياسة البيئية، ولكن بالنظر إلى تصريحات ترامب، يتوقع أن يقوم بتخفيف اللوائح التنظيمية.وكتب زيلدين على منصة التواصل الاجتماعى (إكس) «سنعيد الهيمنة الأمريكية فى مجال الطاقة، ونعزز صناعة السيارات لاستعادة الوظائف الأمريكية، ونجعل الولايات المتحدة رائدة عالميا فى مجال الذكاء الاصطناعي، وسنفعل ذلك مع حماية الوصول إلى هواء وماء نظيفين».
ستيف ويتكوف .. مستثمر عقارات مبعوث خاص للشرق الأوسط
كما قال ترامب إنه اختار المستثمر العقارى والمتبرع لحملته ستيف ويتكوف، ليكون مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط.ويعود ستيف تشارلز ويتكوف -من مواليد 1957- لعائلة يهودية فى برونكس ونشأ فى بالدوين هاربور، بمدينة نيويورك.
جمعت ترامب وويتكوف صداقة كبيرة، وهو ما يفسر ظهوره المتكرر خلال الحملة الرئاسية والتجمعات الانتخابية للمرشح الجمهوري، إذ ألقى ويتكوف خطابًا فى الليلة الرابعة من المؤتمر الوطنى للحزب الجمهورى يوليو الماضي. ويرى ترامب أن ويتكوف، الذى وصفته «رويترز» بالحليف القديم للرئيس المنتخب، قائد يحظى باحترام فى مجال المال والأعمال الخيرية، واصفًا إياه بـ»الصوت الذى لا هوادة فيه من أجل السلام»، بحسب «فوكس نيوز».