رغم الدعوات المتواصلة لمنع ظاهرة التنمر التى باتت تشكل أزمة حقيقية بسبب ما ينتج عنها من آثار سلبية سواء نفسية أو جسدية، مازال هناك أشخاص يتخذون من السخرية طريقا لتوصيل رسالتهم أو للتعبير عن آرائهم. الغريب فى الأمر أن التنمر لم يقتصر فقط على صغار السن أو أناس عاديين، لكن المدهش أن يتحول رؤساء دول وشخصيات مرموقة إلى مادة خصبة تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعى بسبب استهزائهم بالآخرين.
لا يختلف اثنان على أن الرئيس الأمريكى السابق والمرشح للانتخابات الرئاسية حاليا دونالد ترامب، شكّل حالة مختلفة فى السياسة الأمريكيّة أثناء ولايته بجرأته وانفعالاته غير المفهومة أحياناً. ولا شكّ فى أنّه كان من أكثر الرؤساء الأمريكيين – وربما فى العالم – إثارةً للجدل بتصريحاته وقراراته، وحتى بعلاقاته مع خصومه.
اعتاد ترامب– وفق تقرير نشرته (اندبندنت) – إطلاق صفات مسيئة وساخرة، وتحمل نوعاً من التنمّر، على كل من يعارضه أو ينتقده، بعضها وصل إلى حدّ وصف المنافسين بالكذب، الجنون، الإجرام، الانحطاط، النفاق، وحتى التهريج.
ترامب حاليا مغرم باستخدام «الفلاتر» وتقنيات التزييف العميق والذكاء الاصطناعي، فقد نشر عدة لقطات ساخرة للرئيس الحالى جو بايدن ونائبته – والمرشحة الرئاسية – كامالا هاريس، إحداها أظهرت بايدن وكأنه يدخل إلى دار للمسنين، وهاريس بعيون منتفخة ووجه مشوه، وكان من وقت لآخر يوجه للرئيس الديمقراطى رسائل من نوعية أنه لا يدرك حتى إن كان لا يزال على قيد الحياة أم لا، قاصداً السخرية من سنه وعادة النسيان لديه، ولكن الأمور هنا يمكن أن تحمل أكثر من معني، بخاصة أن سقف السخرية فيها لم ينل من الشخص وإنما من سلوكه الواضح والموثق.
كما تنمر ترامب أيضا على الملاكمة الجزائرية ايمان خليف، التى فازت بذهبية أولمبياد باريس 2024 فى الملاكمة، وزعم ترامب أن بطلة الجزائر هى رجل فى الأصل، قائلا: أود أن أهنئ الفتاة التى تحولت من رجل إلى ملاكمة، كما رأيتم فهى فازت بالميدالية الذهبية.
الطريف أن كمالا هاريس كانت مادة للسخرية عابرة للحدود، حيث وصل الأمر إلى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، المعروف بحدته فى الحديث سواء مع أفراد حكومته أم حتى مع قادة الدول، سخر بشكل صريح من ضحكة هاريس، مما استدعى تعليقاً من المتحدث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى جون كيربى الذى اعتبر تحليل بوتين الساخر لشخصية هاريس يعد بمثابة تدخل فى الانتخابات.
أما الملياردير الأمريكى مالك شركة «تسلا» ومنصة «إكس» إيلون ماسك فهو دائماً متهم بانتهاجه أسلوب الإساءة، والتهكم القاسي. وجد ماسك نفسه أخيراً فى مهب شكاوى جمهور النجمة تايلور سويفت، وذلك بعد تعليقه القاسى على رسالتها المطولة التى أعلنت خلالها تأييدها كامالا هاريس فى سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية.
واستفزت تدوينة سويفت الملياردير ماسك، وهو من أشد مؤيدى ترامب، فكتب ساخراً على منصة «إكس»، «حسناً تايلور.. لقد فزت، سأمنحك طفلاً، كما سأحمى قططك بحياتي». وكانت سويفت حرصت أن تبين رفضها للسخرية الشديدة التى وجهها جى دى فانس المرشح لمنصب نائب الرئيس فى حال فوزه إلى النساء اللاتى لم ينجبن ويكتفين بتربية الحيوانات الأليفة، من خلال وصف «سيدة قطط بلا أطفال» الذى أطلقته على نفسها فى نهاية الرسالة.
سجل ماسك الساخر شمل أيضاً المرشحة الديمقراطية نفسها كامالا هاريس، التى اعتبرها مجرد دمية فى قفاز، ووصفها بأنها دمية جديدة تشبه الدمية القديمة تماماً، قاصداً الرئيس جو بايدن. كما وأغضب ماسك الرئيس الأوكرانى فولوديميرزيلينسكى أكثر من مرة، حين نشر صورة له بملامح مشوهة، وأرفقها بتعليق وجده المتابعون مهيناً، ويظهره وكأنه لا يشبع من المال والمساعدات.
وصل التنمر الأمريكى إلى داخل حدود كوريا الشمالية، عندما نشرت صحيفة «نيويورك بوست» تقريرا عن «خدود» ابنة رئيس البلاد كيم يونج أون، حيث أشار التقرير إلى استياء سكان كوريا الشمالية من كيم جو آى لأنها تبدو ممتلئة وبصحة جيدة، وكأنها تتغذى جيدا بينما يتضور بقية الشعب جوعا.