.. تساءلت أمريكا طويلاً.. من هو الرئيس القادم؟!
ترامب أم هاريس.. وقالوا أمريكا تكون أو لا تكون!!
أخيراً.. بعد سباق ممتد حتى صباح الأربعاء نجح المرشح الجمهورى دونالد ترامب فى حسم انتخابات الرئاسة لصالحه.. بعد أن تفوق على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس. من البداية.. جاء ترامب فى المقدمة.. وأكدت الصحف الأمريكية مبكراً جداً أن ترامب فى المقدمة وأن السيدة هاريس تواجه صعوبات.. وأنها بدأت تنسحب من التجمعات الانتخابية ولم تعد تتحدث أمام الصحفيين.
.. انتهى التصويت الانتخابى وتم حسم السباق إلى البيت الأبيض لصالح دونالد ترامب.. وفى إسرائيل انتهز بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى الفرصة وتخلص من وزير دفاعه جالانت فى تل أبيب وطرده من الحكومة.
العالم الآن فى انتظار أمريكا.. الجديدة.. بعد أن حسم ترامب السباق إلى البيت الأبيض لصالحه.. وكل المؤشرات تؤكد أن هذه الانتخابات سوف تقرر مصير أمريكا فى هذا العصر.. وسوف تقرر مصير حروب إسرائيل فى الشرق الأوسط.. ومصير أوكرانيا وتايوان.. بل إنها انتخابات سوف تقرر مصير العالم.
.. ومرة أخرى قالوا.. إنه الثلاثاء الخامس من نوفمبر 2024.. أطول يوم فى تاريخ أمريكا خلال القرن الحادى والعشرين.
.. نعم كل المؤشرات أكدت أن ترامب سوف يحقق انتصاراً حاسماً فى انتخابات الرئاسة.. فى مواجهة المرشحة الرئاسية الديمقراطية كامالا هاريس. وقالوا من الصعب أن تتفوق امرأة أمريكية ملونة لا تحمل الجينات البيضاء.. الأمريكية ـ الأوروبية على مرشح رئاسى عنصرى أبيض.. مثل دونالد ترامب.
.. ومن قبل تمكن دونالد ترامب من الفوز بسهولة على المرشحة الديمقراطية السابقة هيلارى كلينتون فى انتخابات 2016.. رغم أنها امرأة أمريكية ـ أوروبية بيضاء.. وزوجة لرئيس أمريكى سابق.. هوبيل كلينتون.
.. وترددت شائعات قوية سرعان ما تحولت لحقائق من واشنطن إلى نيويورك وتل أبيب خلال الساعات الأخيرة.. بأن الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن.. يستعد لاتخاذ سلسلة من القرارات المعادية لإسرائيل.. خلال الفترة من ٥ نوفمبر 2024 إلى العشرين من يناير 2025.. يوم تنصيب الرئيس المنتخب.. دونالد ترامب.. وقالت هذه الشائعات إن هذه الفترة الانتقالية.. سوف تكون خطيرة جداً وسوف تؤدى لانقلاب أمريكى مضاد لإسرائيل.
.. وقال المراقبون إن فوز ترامب بالرئاسة للمرة الثانية.. يعتبر انقلاباً سياسياً هائلاً فى تاريخ الولايات المتحدة.. يشبه الزلزال العميق تحت الأرض.. بكل ما فيه من هزات عنيفة للأرضية السياسية الأمريكية ومؤسساتها الكبري.. سواء فى الكونجرس أو فى الأمن القومى الأمريكي.
لم يتفق دونالد ترامب وكامالا هاريس إلا على شيء واحد.. هو دعوة الناخبين لسرعة الإدلاء بأصواتهم فى أخطر انتخابات رئاسية فى تاريخ أمريكا.. وقالوا إن التصويت فى هذه الانتخابات مسألة وجودية فعلاً بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.. باعتبارها القوة الأولى التى تقود النظام العالمى فوق كوكب الأرض منذ ٥٤٩١ وحتى اليوم.
أكدت تقارير واشنطن ولوس أنجلوس أن كامالا هاريس حاولت دائماً إقناع الناخبين بضرورة الدفاع عن وجود أمريكا.
الأهم فى التاريخ
.. هذه هى أهم انتخابات فى أمريكا.. وهى أهم انتخابات فى العالم.. وهى أيضاً أهم انتخابات فى التاريخ.. خصوصاً فى هذه المرة فى 2024.
.. واشنطن تعيش حالياً.. أصعب وأعقد الساعات والأيام فى تاريخها.. فى أجواء انتخابات الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية.
.. كل الشياطين المتمردة هنا.. اشتركت فى رقصة الخوف والفزع.. من الرئيس الأمريكى القادم.. فى هذه الانتخابات الرئاسية التاريخية.. التى لن تنساها أمريكا.. ولن ينساها العالم.
.. هى انتخابات فارقة.. بكل تأكيد.. سوف تنتقل أمريكا من خلالها من عصر.. إلى عصر جديد تماماً.. سواء بالسلب أو بالإيجاب.
.. انتخابات الرئاسة الأمريكية.. ليست انتخابات لرئاسة العالم.. لكنها انتخابات تهم كل العالم.. وتغطى كل العالم.. ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية واسعة.. وممتدة إلى كل مكان فى هذا العالم.
.. وقبل إعلان نتائج واسم فوز ترامب.. أكدت أغلبية واسعة من الخبراء والمراقبين من نيويورك إلى واشنطن.. وحتى لوس أنجلوس.. أن انتخابات الرئاسة فى 2024 تمثل فى الواقع فشلاً قومياً لأمريكا.. وللامبراطورية الأمريكية فى القرن الحادى والعشرين.
.. لكن كل دول وشعوب العالم تعيش فى هذه الأيام فى دنيا الحرب والصراعات المسلحة.. والتصعيد العسكري.. من واشنطن إلى تل أبيب.. وحتى طهران وموسكو.. وكييف.. وحتى بروكسل وعواصم أوروبا. ومرة أخرى نكتشف أن كل الشياطين تتواجد فى كل هذه المدن العالمية.. وتشترك معاً أيضاً فى رقصة الخوف والفزع من مخاطر الحرب.. وإراقة دماء الأبرياء.. وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية.
.. وهذه ليست إلا شياطين القرن الحادى والعشرين.. شياطين الحرب والصراعات الدموية من أجل السيطرة والانفراد بالنفوذ والهيمنة على العالم.
ويؤكد المراقبون بكل قوة أنه لو لم تكن هذه هى معارك الحرب العالمية الثالثة.. فإنها البدايات الأولى والمشاهد الافتتاحية للحرب الكبرى المدمرة القادمة فوق كوكب الأرض.
السباق المفتوح
.. العالم.. أصبح اليوم فى حالة سباق رهيب وسريع جداً فى الطريق المفتوح بلا نهاية.. فى اتجاه المخاطر المدمرة.. وتهديدات الحرب والتصعيد العسكرى فى كل مكان.
.. حتى السباق المفتوح بين كامالا هاريس ودونالد ترامب من أجل الوصول إلى البيت الأبيض.. يبدو محفوفاً بكل مخاطر العنف السياسى والفوضي.. وحتى الانحدار نحو حرب أهلية أمريكية جديدة.. تهدد وجود امبراطورية الولايات المتحدة فى هذا القرن.
.. السباق المفتوح.. نحو الدمار والحرب.. قائم وموجود دائماً بين إسرائيل وإيران.. فى دائرة جهنمية لا نهاية لها من الانتقام والانتقام المضاد.
.. وقد سارعت الولايات المتحدة إلى الدخول والاشتراك فى السباق المفتوح نحو الحرب الشاملة بين إيران وإسرائيل.. وقامت بحشد أسراب من القاذفات الاستراتيجية الثقيلة من طراز بي- 25 فى الشرق الأوسط.. فى محاولة يائسة لردع إيران ومنها من توجيه ضربة صاروخية انتقامية ثالثة لإسرائيل.
.. وذكرت تقارير المخابرات الأمريكية أن الضربة الصاروخية الإيرانية الجديدة.. سوف تتم بنوعية جديدة من الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس حربية شديدة الانفجار.. قادرة على تدمير الخنادق والتحصينات العميقة تحت الأرض فى القواعد الجوية والعسكرية الإسرائيلية فى تل أبيب وما حولها.
.. توقعت تقارير المخابرات الأمريكية أن الضربة الإيرانية المنتظرة.. سوف تأتى بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية.. وإعلان اسم الرئيس الأمريكى القادم.. لكنها سوف تتم فعلاً قبل الاحتفال بالتنصيب الرئاسى فى حديقة البيت الأبيض.
دعم ترامب بالشائعات
ذكرت شائعات وتوقعات صهيونية فى نيويورك وواشنطن وتل أبيب أن إدارة بايدن تستعد فى ساعاتها الأخيرة فى البيت الأبيض للاعتراف بالسيادة الفلسطينية على القدس الشرقية.. وذلك رداً على قرار ترامب القديم بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
وأكدت توقعات إسرائيلية صدور قرار من الرئيس بايدن بإعلان سيادة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة.
وقد يتم إصدار قرار قريب فى واشنطن بحظر تزويد إسرائيل بالأسلحة الأمريكية خصوصاً القنابل الثقيلة الذكية المضادة للخنادق العميقة.
بل وترددت شائعات بوجود مذكرة سرية من مجلس الأمن القومى الأمريكى تؤكد أن إدارة بايدن وهاريس تخطط للابتعاد عن إسرائيل وسياساتها التوسعية فى الشرق الأوسط.. وقد أدت كل هذه الشائعات والتوقعات إلى دفع الأغلبية الساحقة من اليهود الأمريكيين للتصويت لصالح دونالد ترامب.. كما يتمنى رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو.
.. يقولون.. إنه يوجد تحذير ساخن لإسرائيل من فترة ما بعد يوم الثلاثاء الطويل ٥ نوفمبر.
شائعات اللحظات الأخيرة أحدثت انقلاباً حقيقياً أدى إلى تحول أصوات اليهود الأمريكيين بالكامل لصالح دونالد ترامب.. رغم أن المعتاد أن أغلبية أصوات اليهود تذهب لصالح الحزب الديمقراطي.
وتؤكد الأصوات الصهيونية العالية فى نيويورك بالذات.. أن الوقت قد حان لكى تقوم أمريكا بتقديم الدعم الكامل السياسى والعسكرى والمالي.. لتتم عملية إعادة تشكيل الشرق الأوسط.. لصالح إسرائيل ووجودها فى المنطقة.
زلزال سياسي
.. من البداية.. عاشت أمريكا خلال حملات الدعاية الانتخابية لكل من كامالا هاريس ودونالد ترامب.. أجواء الزلزال السياسى الكبير. المرشحان يتبادلان الاتهامات والضربات القاتلة تحت الحزام.. بلا أى اعتبار.. خصوصاً من جانب ترامب المتعصب بشدة للأغلبية الأمريكية البيضاء.. وقد اشتعل صراع حاد وساخن فى أمريكا فعلاً بين الناخبين.. وانتشرت مشاعر الخوف العميق فى صدور وقلوب الأمريكيين.. من مخاطر عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وأكد الكثيرون أن هذه العودة يمكن أن تكون مدمرة لأمريكا ذاتها.
.. ظل السباق ساخناً بين هاريس وترامب حتى ساعات التصويت الأخيرة يوم الثلاثاء.. أطول يوم فى تاريخ أمريكا.. وبقيت هاريس.. بجوار ترامب كتفاً بكتف حسب استطلاعات الرأي.. ولم يتمكن أحد من معرفة ماذا يمكن أن يحدث يوم «الثلاثاء الأسود».. يوم التصويت الطوي .. وكان الاختيار دائماً بين ترامب وهاريس مسألة وجودية فعلاً لأمريكا ذاتها.. وليس لأياً من المرشحين للرئاسة.
دولة محتلة
.. أغلبية المهاجرين القدامى والجدد فى أمريكا.. وقفوا إلى جانب كامالا هاريس بأصواتهم.. بكل قوة.. خصوصاً بعد أن وقف ترامب خلال حملاته الانتخابية ليؤكد أن المهاجرين القادمين من المكسيك ودول أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا قد تمكنوا من تحويل «أمريكا إلى دولة محتلة».. وفى «عهد المهاجرين تحولت أمريكا سريعاً إلى صفيحة زبالة للعالم كله».
وقال ترامب إن يوم 5 نوفمبر 4202.. هو يوم تحرير أمريكا من المهاجرين.. لأنهم بعد أن يتولى الرئاسة سوف يقوم بوضع كل هؤلاء «المهاجرين الحيوانات» فى السجون الأمريكية.. باعتبارها المكان الطبيعى لهؤلاء الحيوانات المتعطشة للدماء.
وكان هذا هو حديث ترامب فى الخطاب الأخير له فى ميدان «ماديسون» سكوير.. وقد أكد ترامب انحيازه التام إلى جانب إسرائيل.. رغم أن أصوات اليهود الأمريكيين تذهب عادة للحزب الديمقراطي.
الانقسام العميق
.. فى المقابل أكدت كامالا هاريس انحيازها للمهاجرين وحقوقهم السياسية والاقتصادية.
وأكدت انحيازها لقضايا المرأة وحقها فى الإجهاض.
وذكرت لوموند الفرنسية إن الإقبال الهائل على التصويت فى هذه الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. يعكس فى الواقع مدى الانقسام السياسى العميق فى أمريكا.. بين المعسكرين.. الحزب الجمهورى والديمقراطي.
المسألة لم تعد قضية أفكار سياسية جديدة أو برامج اقتصادية واجتماعية أو حتى شعارات.. لكنها مسألة خلافات طاحنة حول كل القضايا وكل الأشياء.. خصوصاً قضايا المهاجرين.. وقضايا المرأة والإجهاض.. ومخاطر التغيرات المناخية.. والصراعات العالمية التى تقف وراءها أمريكا فى أوكرانيا والشرق الأوسط.. وحتى تايوان .. وهناك ما يشبه الإجماع حقاً فى واشنطن على أن أمريكا تواجه حالياً أخطر مأزق سياسى فى تاريخها الحديث كله.. وتعانى من أزمة سياسية كبري.. لن يتم إيجاد الحل لهذه الأزمة والمأزق العظيم بالانتخابات الرئاسية.. ولا حتى بعد إعلان نتائجها.
انقسام بين الأزواج
.. بعيداً عن الضوضاء الصاخبة للحملات الانتخابية فى مواقع السوشيال ميديا وعلى شاشات التليفزيون.. والميادين الكبرى للولايات السبعة المتأرجحة.. تبقى هناك حقيقة مريرة جداً فى أمريكا حالياً.. وهى أن الانقسام السياسى الحاد فى أمريكا.. امتد من الحزبين.. الجمهورى والديمقراطي.. إلى داخل كل مدينة أمريكية وحتى كل أسرة أمريكية.
حق المرأة فى الإجهاض.. جعل كل النساء والزوجات والشابات فى أمريكا يعلنون التحدي.. ليس لترامب فقط.. بل للأزواج والآباء وأفراد العائلة.. بإعلان الانحياز والتصويت لصالح كامالا هاريس.
لكن الانقسامات السياسية الأمريكية أعمق وأبعد من قضايا المرأة وحق الإجهاض. هناك حقائق أخري.
.. الرأى العام الأمريكى لم يعد يثق فى الحكومة الأمريكية.. وانعدام الثقة وصل حالياً إلى مستويات قياسية غير مسبوقة.
.. فقد انعدمت الثقة حتى فى الصحافة الأمريكية ووسائل الإعلام وشبكات التليفزيون الكبري.
الانكسار الأمريكي
.. ووصف البعض ما حدث فى أمريكا من انقسام.. بأنه «الانكسار الأمريكي» الكبير.. أمريكا أصبحت مثل قطع الزجاج المكسور.. ومن الصعب جداً أن تلتحم أو تتماسك من جديد.. وتصبح من جديد كياناً واحداً موحداً.
ويتساءلون.. هل هذه هى الولايات المتحدة الأمريكية أم هى الولايات غير المتحدة الأمريكية؟!
الواقع يؤكد أن أمريكا فى أزمة كبري.. لن يتم إيجاد الحل لها سواء على يد دونالد ترامب أو على يد كامالا هاريس.. ومن الواضح أن قيادة أمريكا الحديثة فى هذا التوقيت الصعب من القرن الحادى والعشرين قد أصبح أمراً شبه مستحيل بصورة استثنائية وغير مسبوقة على الإطلاق.. الصورة الواضحة للمرشحين أكدت دائماً أن كامالا هاريس مثلاً تمثل رؤية الحزب الديمقراطى لأمريكا والعالم.. وهى استمرار للرئيسين.. أوباما وبايدن.
فى حين أن ترامب يمثل الاتجاه المعاكس والمضاد تماماً.
لكن.. إلى أين يمكن أن تصل أمريكا فى النهاية؟!
لا أحد يعلم.. الرؤية غائمة.. وغائبة.. وغير واضحة على الإطلاق.. أمريكا تواجه أسوأ مأزق سياسى فى تاريخها منذ الحرب الأهلية فى 1862.. والرئيس الأمريكى المنتخب الجديد سوف يواجه أسوأ مهام ومسئوليات تحملها أى رئيس أمريكى آخر.. فى تاريخ الامبراطورية الأمريكية التى تهتز بعنف.
ويكتشف الأمريكيون.. خلال الانتخابات بصعوبة كبيرة أن كلاً من كامالا هاريس ودونالد ترامب من أضعف مرشحى الرئاسة فى تاريخ أمريكا.. وكلاهما يعانى من انعدام الشعبية إلى درجة عميقة.. ولن يستطيع ترامب أو هاريس إعادة توحيد أمريكا.. أو كما يقولون لا يتمكن أياً منهما من إعادة إصلاح الزجاج الأمريكى المكسور!!
وهما أضعف مرشحى الرئاسة الأمريكية على مدى 70 عاماً مضت.
.. وفى النهاية اكتشف الأمريكيون الحقيقة المريرة وهى أن مؤسسة الرئاسة الأمريكية فى البيت الأبيض قد فقدت مصداقيتها.. ولم يعد 30 ٪ من الأمريكيين يشعرون بالثقة فى مؤسسة الرئاسة.. بصرف النظر عن اسم وهوية أى رئيس. وهذا أسوأ حالة من حالات الإفلاس السياسى فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
معضلات وأزمات
.. وهذا يعنى أن الرئيس المنتخب الجديد ترامب سوف يواجه معضلات وصعوبات هائلة فى إدارة شئون الامبراطورية الأمريكية.. التى تشبه الامبراطورية الرومانية فى أيامها الأخيرة.
وهناك من يقولون إن أمريكا فى الواقع تواجه حالياً أعراضاً سياسية خطيرة.. تشبه أعراض أزمة السويس فى 1956.. حين قامت مصر بتأميم قناة السويس.. وفى النهاية انتهت الأزمة بسقوط أنتونى إيدين رئيس الوزراء.. وسقوط امبراطورية بريطانيا العظمي.. مرة واحدة وإلى الأبد.
المشاهد اليومية لحياة المواطن الأمريكى تؤكد أنه إنسان يعيش فى حالة مزمنة من الإحباط.. وتراجع مستوى المعيشة والارتفاع الجنونى للأسعار وزيادة معدلات التضخم. هناك نوع من الغضب داخل المجتمع الأمريكي.. ينفجر من وقت لآخر فى رصاصات الجنون التى تغتال حياة الأبرياء فى الشوارع والكنائس والمدارس والجامعات وفى المولات التجارية وداخل المساجد. الرصاصة لا تغتال سوى المواطنين السود والملونين المهاجرين لأمريكا من كل أنحاء الدنيا.
السقوط
.. أمريكا هى التى وقفت إلى جانب أوكرانيا فى الحرب ضد روسيا.. وقدمت لها حتى الآن أكثر من 250 مليار دولار مساعدات عسكرية ومالية. فى حين حصلت إسرائيل على ما يزيد على 22 مليار دولار مساعدات عسكرية خلال شهور معدودة.
.. وفى النهاية.. قد يتغلب الضعف على أمريكا.. وتفقد قدرتها على تقديم هذا النوع من الدعم العسكرى الهائل للحلفاء مثل أوكرانيا وإسرائيل .. أمريكا.. تعانى فى الواقع من حالة ضعف وإرهاق سياسي.. واستنزاف اقتصادى وعسكري.. وهذه ليست حالة جديدة على أمريكا.. لكنها أصبحت حالة متجددة ومزمنة وطويلة المدي.
.. فقد سبق أن قدمت أمريكا أكبر أنواع الدعم المالى والعسكرى لفيتنام الجنوبية.. وفى النهاية تعرضت أمريكا لأسوأ هزيمة عسكرية فى حرب فيتنام.. وسقطت سايجون واختفت فيتنام الجنوبية من خريطة العالم.
.. وخلال الحرب الأمريكية المزعومة على الإرهاب.. قدمت أمريكا أكثر من2.5تريليون دولار للنظام المعادى لطالبان فى أفغانستان. وفجأة انسحبت أمريكا بجيوشها من كابول.. وسقط النظام المعادى لطالبان خلال ساعات ولم يعد له وجود نهائياً.. تماماً مثل فيتنام الجنوبية من قبل.
إلى أين المصير؟!
.. ولا أحد يدرى حالياً ما هو المصير النهائى لأوكرانيا بعد كل هذا الدعم المالى والعسكرى الأمريكي.. لكن شبح السقوط يحاصر أوكرانيا من كل اتجاه.. فى هذه الأوقات الأمريكية الصعبة.
.. وفى تل أبيب.. لا أحد يدرى ما هو المصير النهائى لإسرائيل.. بعد كل ما حصلت عليه من مساعدات أمريكية هائلة خلال الحروب الراهنة الدائمة فى الشرق الأوسط.. لكن شياطين السقوط.. تراقص نتنياهو.. وتراقص دولة إسرائيل.. وتراقص كل فرص المشروع الصهيونى فى البقاء والوجود فى القرن الحادى والعشرين.. ودروس سايجون وكابول تبدو حالكة السواد وشديدة المرارة.
.. هناك مخاوف كبرى فى أوكرانيا مثلاً.. لأن فوز ترامب يعنى غالباً أن المساعدات الأمريكية لأوكرانيا سوف تتوقف.. لأنه يرفض استمرار هذه الحرب. ويتردد فى واشنطن حالياً فعلاً أن ترامب قد يوقف المساعدات لأوكرانيا فعلاً.. لكن الدولة الأمريكية العميقة لن تتردد هذه المرة فى التخطيط لاغتياله كما حدث مع كيندى من قبل. وقد كانت محاولات الاغتيال التى تعرض لها خلال الانتخابات.. هى مجرد رصاصات التحذير الأولي.
.. وفى تل أبيب تخشى إسرائيل من مخاطر فوز كامالا هاريس بالرئاسة بدعوى أنها قد تقوم بوقف الدعم العسكرى لإسرائيل.
قرارات تاريخية
.. هناك قرارات تاريخية كبري.. سبقت الرئيس الأمريكى المنتخب إلى مكتبه فى البيت الأبيض تنتظر الحسم.. وملفات رئيسية معقدة للأمن القومى تبقى مفتوحة فى انتظاره.
الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب يواجه مناخاً دولياً معقداً.. خصوصاً فى مجالات الأمن القومى الأمريكي.. ومصالح أمريكا الواسعة حول العالم.. ويحدث كل ذلك فى مناخ دولى يتدهور سريعاً فى اتجاه الصراعات المسلحة.. والحرب والتهديد بالتصعيد العسكري.. سواء فى الشرق الأوسط أو أوروبا.. أو تايوان.
حتى فى الداخل أمريكا.. تواجه أمريكا مخاطر لم يسبق لها مثيل. هناك تدهور وانعدام ثقة فى المؤسسات الفيدرالية الأمريكية الكبري.. بدءاً من مؤسسات الرئاسة فى البيت الأبيض.. وحتى الكونجرس.. وكل مؤسسات الأمن القومى فى البنتاجون والجيوش الأمريكية.. وحتى أجهزة المعلومات والمخابرات بكل فروعها الواسعة .. وتخوض أمريكا حالياً صراعات جيو استراتيجية واسعة مع محور جديد من القوى العالمية.. يضم الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية.. وتريد هذه القوى إعادة تشكيل النظام الدولي.. على حساب الولايات المتحدة الأمريكية.. ومصالحها ونفوذها.
.. هكذا يبدو واضحاً أن الأزمة الأمريكية الكبرى سوف تستمر.. وقد يزداد المأزق الأمريكى عمقاً.. وقد يتصاعد سريعاً.. بما يهدد وجود وبقاء أكبر امبراطورية عسكرية واقتصادية فى التاريخ المعروف لهذا العالم.. وهى الولايات المتحدة الأمريكية.
.. من هنا يلاحظ المراقبون أن المشاعر والمخاوف الكبرى واحدة وممتدة من عواصم أوروبا الكبرى فى لندن وباريس وبرلين.. حتى إسرائيل وأوكرانيا.. واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان. لا أحد يعرف فى هذه العواصم الكبري.. كيف يمكن الاستعداد لأصعب اللحظات فى التاريخ.. بعد أن تم إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. وانتقلت أمريكا والعالم إلى هذا العصر الجديد.. عصر الحرب والصراعات المسلحة.. والمشاهد الدموية الافتتاحية للحرب العالميةالثالثة فى أوكرانيا وفى الصراع العسكرى بين إسرائيل وإيران.
مكافأة لبوتين
كما أن مثل هذه التسوية التفاوضية تنطوى على مكافأة استراتيجية كبرى لروسيا وللرئيس بوتين. والنتيجة الأخيرة يتم تقويض قدرة أمريكا على الردع.. ليس فى أوروبا فقط.. لكن حتى فى مواجهة الصين فى الصراع على تايوان .. وسوف يتحمل الرئيس المنتخب ترامب مسئولية اتخاذ القرار.. خصوصاً وأنه مع مواصلة الحرب قد يضطر بوتين للتصعيد العسكري.. وقد هدد كثيراً فعلاً باللجوء لاستخدام الأسلحة النووية.
.. ثانياً هناك ملف إيران.. وهى دولة تتهمها أمريكا رسمياً بأنها دولة راعية للإرهاب فى الشرق الأوسط.. وقد هاجمت إيران إسرائيل.. هى والميليشيات التابعة لها. كما هاجمت القواعد والمصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط مرات عديدة. ويمكن لإيران القيام بإنتاج الأسلحة النووية فى أية لحظة.. خلال شهور أو أسابيع قليلة.
وقد أكدت إسرائيل أنها لن تتسامح مع امتلاك إيران للأسلحة النووية.. ويقول البعض إن أمريكا لم تعد قادرة على ردع إيران.. وهنا لابد أن يتخذ الرئيس المنتخب القرار.. إما أن تلجأ أمريكا لاستخدام القوة لمنع إيران.
.. ومن الآن.. وحتى يتم تنصيب الرئيس المنتخب.. تتراكم الملفات والقرارات فى مقره بالمكتب البيضاوى فى البيت الأبيض.. وهى قرارات مصيرية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فى القرن الحادى والعشرين.. خصوصاً بالنسبة لاتجاهات الأمن القومى الأمريكى فى المستقبل.
.. الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب سوف يواجه مأزق تحديد أهداف الأمن القومى الأمريكي.. وما يجب عمله.. وما يمكن توفيره من موارد وأدوات تساعد على تعزيز قدرة أمريكا على الفعل.. والردع لحماية المصالح الأمريكية ومواصلة الالتزام بدعم الحلفاء.
أهم القرارات
أولاً.. ملف الحرب الروسية فى أوكرانيا: فقد قدمت أمريكا ودول الناتو كل ما يمكن من مساعدات عسكرية واقتصادية.. ساعدت أوكرانيا على البقاء حتى اليوم.. فى مواجهة الغزو الروسي.. الآن على الرئيس المنتخب ترامب أن يتخذ القرار الحاسم.. ويحدد هل يواصل الدعم العسكرى لأوكرانيا.. أم يتجه إلى التسوية السلمية مع روسيا. التفاوض سوف ينتهى بتنازل أوكرانيا عن أجزاء من أراضيها لروسيا.. مقابل وقف الحرب.. ومثل هذه التسوية تعتبر خيانة لأوكرانيا ولأوروبا.
من إنتاج السلاح النووي.. أو أن تقدم لإسرائيل ما يكفى من الدعم العسكرى للقيام بهذه المهمة من أجل تدمير المنشآت النووية الإيرانية .. وتفكر إسرائيل حالياً فى الحصول على القاذفات الاستراتيجية الأمريكية طراز بي-25.. ولو بالإيجار.. بهدف استخدامها فى قصف وتدمير خنادق المنشآت النووية الإيرانية بقنابل جى بى يو 75.. التى تزن أكثر من 30 ألف رطل.
وأكدت إسرائيل استعدادها لإعطاء الجنسية الإسرائيلية للطيارين الأمريكيين.. مقابل القيام بتدمير البرنامج النووى الإيرانى ومنع طهران من إنتاج أسلحة ذرية.