حالة فريدة ترسمها الدولة من خلال معرض تراثنا للحرف اليدوية والتراثية الذي يتواصل في دورته السادسة التي انتهت مطلع الأسبوع الحالي بعد إنطلاقه في 12 ديسمبر الجاري بمشاركة أكثر من 1000 عارض يمثـلون 32 قطاعاً حرفياً بجانب تخصيص أجنحة لـ 8 دول عربية لدورها الرائد في التنمية المجتمعية واسهاماتها في مجال دعم ريادة الأعمال.. المعرض هو جولة حرة عبر الأزمان في التاريخ المصري بداية من الفخار أقدم حرفة عرفها المصري القديم والتي تقدم في طابع حديث يجمع عدة فنون في قطعة واحدة تجعلك تشعر إنك أمام لوحة فنية تحمل الكثير من الإبداع لفنان عظيم.
ومن الفخار للتلي تقدم المرأة الصعيدية وتحديداً في سوهاج وأسيوط جمالاً منقطع النظير من تلك القطع التي أحالتها خيوط الذهب والفضة إلي تابلوهات تخطف الأنظار.
ويتواصل الإبداع من الصعيد حيث تأتي أخميم بقطع من السجاد اليدوي والأقمشة تضفي لمسة فريدة داخل أجنحة المعرض وقبل أن تشعر بالجوع تجد نفسك تذوب عشقاً وأنت تتذوق قطع جبن ملوي والتي تصنع بطريقة مختلفة لذا نالت شهرة كبيرة.
ومع منتجات الخوص فأنت في جولة داخل قرية دهشور تبهرك فيها المعروضات التي حولت من خلالها نساء القرية الطبيعة من حولها إلي منتجات لا مثيل لها تخلد تاريخ تلك القرية التاريخية بتراثها الفريد وقبل أن تفارق الحضارة المصرية القديمة ستجد نفسك في حضرة ملوكها وطقوسهم من خلال قطع الحلي التي مزجت بينها وبين الحضارة الإسلامية من خلال مجموعة من المصممين عانقوا التاريخ داخل ورش النحاس في حي الحسين وخانه الشهير فجاءت أيضاً منحوتاتهم النحاسية استحضاراً لتاريخ القاهرة الفاطمية.
ورغم سيطرة الطابع الحديث علي قطع الأثاث إلا أن صناعه في محافظة دمياط نجحوا في إعادته للتاريخ من خلال تلك القطع التي تم تصميمها لتناسب هذا الحدث الفريد في تفاصيل كل مشروع يحتضنه وهو ما فعلته الإسكندرية في قطع الجلود التي باتت منحوتات فنية في قلب المكان وبتفاصيل قادرة علي استحضار البطولات تأتينا مشغولات المرأة السيناوية لتحكي قصة بطولة مستمرة.. الجميل في المعرض ليس ما قدمه من معروضات غنية بتفاصيلها وإبداعها فقط ولكن في جمال العارضين فكل شخص لديه قصة بطولة وتحد لصعاب الحياة قاومها دون أي هزيمة لينطلق إبداعه يعانق التاريخ كما انطلق تراثنا يستلهمه ويستحضره من خلال تلك النافذة التي أطلقت العنان لكل أصحاب الحرف التراثية للإبداع والابتكار فتحية لراعي تلك الملحمة التراثية الرئيس عبدالفتاح السيسي وشكراً لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر الذي أبدع في تنظيمه.
ومن هنا أناشد كل محافظ لإطلاق معرض لتراث محافظته في خطوة نحاول من خلالها إعادة صناعات اندثرت أو الكشف عن منتجات ذات تفاصيل خاصة فمصر غنية بتاريخها.