ومن غرائب هذا الزمان وعجائبه التى لا تنقضي.. أننا نعيش فى عصر تدليل مجرمى الحرب والمطلوبين للعدالة الدولية ومن يفترض أنهم مطاردون بحكم القانون الدولى ولوائحه الحمراء والسوداء وغيرها من ألوان.
وبدلاً من أن نطاردهم ونترقب وصولهم إلى أى من المحطات والموانئ والمطارات لتسلمهم للعدالة فإذا بهم يلقون الدعم والمساندة من قوى دولية تحافظ حتى على مشاعرهم تبحث طلباتهم تلبى رغباتهم المجنونة وطموحاتهم المسعورة ولا يهم أنها تخالف القانون الدولى وترفضها الأعراف الإنسانية وقواعد العدالة على أى مستوي.
وبدلاً من يختفى مجرمو الحرب عن الأنظار ويبحثون عن ملجأ يختبئون فيه لا يعلمه أحد تتم دعوتهم للقاء قادة دول وحضور جلسات برلمانية ويحظون بالتصفيق والتهليل ولا يهمهم أى عار يرتكبون أو يلحق بهم..
مجرم الحرب بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال فى فلسطين العربية المحتلة هو وأركان حكومته العسكريون منهم والمدنيون على السواء انضموا إلى قائمة أشهر مجرمى الحرب فى العصر الحديث ومعهم جنود قوات الاحتلال الذين اعترفوا بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وأنهم انتهكوا كل قوانين الحرب والتعامل مع المدنيين العزل فضلاً عن معاملة أسرى الحرب وانتهاك حرماتهم والاعتداء عليهم بكل صنوف الإساءة وانتهاك كرامتهم الإنسانية بعضهم ملاحق حالياً فى كل قارات العالم والبعض الآخر ينتظر حتى تحين اللحظة.
كل أركان حكومة وجيش الاحتلال ابتداءً من نتنياهو ووزير حربه وأركان جيشه تنطبق عليهم المواصفات والشروط التى وضعتها محاكمات مجرمى الحرب بموجب ميثاق لندن وغيره من لوائح تم وضعها بعد الحرب العالمية الاولى والثانية وغيرها.. وتم تحديدها فى ثلاثة أنواع من الجرائم:
جرائم ضد السلام.. وجرائم الحرب التى تنتهك قواعد الاشتباك والمواجهة.. وجرائم ضد الإنسانية مثل فظائع الإبادة بشكلٍ عام للمدنيين والجماعات العرقية والثانية والدينية وغيرها من انتهاكات ضد المدنيين.. بدلاً من أن يختفى المجرمون من الساحة.. يحاولون الان الحفاظ على حكومتهم من الانهيار ومنحها الدعم اللازم مادياً ومعنوياً ليظل الائتلاف متماسكاً ولا تسقط الحكومة الآن.. ويتم منحهم كل ما يريدون ويطمحون إليه من أسلحة وعتاد.
تأييد مشروعاتهم واطروحاتهم فى العودة إلى الحرب واستكمال جرائمهم ومخططات الإبادة والتطهير العرقي..
الخطيئة الكبرى هى التماهى مع أطروحات المتطرفين واليمين المتشدد حتى فيما يرفضه القانون الدولى ولايقره أحد.. المؤيدون لا يتوروعون ولا يأبهون لإهانة القانون الدولى والمؤسسات الدولية وشل حركتها ومنعها من القيام بدورها الأساسى فى حفظ الأمن والسلم الدوليين وهى المهام التى أنشئت خصيصا من أجلها بعد الحرب العالمية وما حدث فيها من جرائم.
لا يريد أحد أن يتحدث عن أصول الكارثة الحقيقية وان السبب الرئيسى فى استمرارها على مدى ثمانية عقود.. وهو الاحتلال البغيض للأراضى العربية والمحاولات المستميتة للتطهير العرقى وتهجير السكان الأصليين وسلب ممتلكاتهم وأراضيهم بالقوة..
حتى السلام رغم أهميته.. إلا أن الطرف المحتل لا يؤمن بشيء اسمه سلام وقد اغتال خلال العقود الأخيرة كل أحلام السلام الحقيقية والمصطنعة وكانت كل سياساته هى وأد أى محاولة للسلام واقتلاع البذور السابقة التى بذل العالم فيها جهوداً مضنية من أجل الحصول على اعتراف بوجوده ومنحه إرضا يقيم عليها دولته إلى جانب أصحاب الأرض الأصليين إلا أنه تمادى وطغى وتجبر وتكبر.. يريد التهام كل شيء ولا يزال يحاول أن يجعل السلام مستحيلا من خلال استحالة قيام دولة فلسطينية كما يزعم.. ويظن أن مشروعاته الاستيطانية غير المشروعة ستمنحه القوة والحجة فى نفى إمكانية قيام الدولة الفلسطينية.
لا أحد يريد الإشارة إلى أن سياسات نتياهو واليمين المتطرف وتماديها فى اغتيال أفكار وأحلام السلام والعيش المشترك هى السبب فى استمرار المقاومة ورفض الخضوع والاستسلام وأن عملية السابع من أكتوبر لم تكن إلا واحدة فى سلسلة المقاومة الوطنية والمشروعة للاحتلال..وليس كما يحاول نتنياهو ويمينه المتطرف أن يروج لخداع العالم فى أن السابع من أكتوبر هو بداية الصراع وكل الصراع.
ما يثير العجب أن يتخيل البعض أن مجرمى الحرب يمكن أن يكونوا من صانعى السلام ولو على أى مستوي.. إنهم يكرهون السلام وكل ما يقرب إليه من قول وعمل ولا يقبلون إلا بامتصاص الدماء وانتهاك الحرمات وخرق كل القوانين لا يعترفون بحدود ولا يلتزمون بقيود لأنهم أساساً لا عهد لهم ولا ذمة ولا ميثاق وكذلك يفعلون فى كل عصر وحين.
إن التدليل المفرط لمجرمى الحرب لن يحولهم إلى حمائم سلام ولن يرغمهم على الخضوع لمتطلبات السلام.. فهم لا يدركون معنى السلام ومقاصده السامية ولا يعرفون معنى العيش فى ظلاله الوارفة ولا التنعم بما يفيض به من خيرات على البلاد والعباد.. هؤلاء غلبت عليهم شقوتهم وحرمهم طول الفساد والافساد فى الأرض من أى احتمال فى أن تلين قلوبهم أو أن يكون لهم ما يعقلون به فقد ختم الله على قلوبهم واسماعهم وعلى أبصارهم غشاوة فهم لا يفقهون.
مجرمو الحرب ليس لهم إلا مكان وحيد واوحد.. خلف القضبان أو خارج أسوار الحياة.
والله المستعان.