بلغ عدد الأطفال المتسربين من التعليم بمرحلتيه الابتدائية والاعدادية وفقاً لإحصائيات 2021/2022 ووفقاً لآخر بيانات جهاز الاحصاء نحو 125 ألفاً و226 متسرباً، بينهم 30 ألفاً و219 متسرباً فى المرحلة الابتدائية، و95 ألفاً فى المرحلة الإعدادية.
تعد مشكلة التسرب من التعليم من أخطر المشكلات التى تواجه العملية التعليمية فى مصر وتؤثر على بنية المجتمع وتقف عائقاً أمام تقدمه، نظراً لما يترتب عليها من استمرار زيادة البطالة والفقر وتعميق الممارسات الاجتماعية الخاطئة وهدر طاقات المجتمع المستقبلية والقضاء على عائد متوقع من خطط التنمية المستدامة.
التسرب من التعليم له أثر على الأمية الهجائية والمعرفية، التى وصلت نسبتها إلى 24.2٪ حتى نهاية 2022، وبلغت 40٪ لدى الذكور و60٪ لدى الإناث، حيث يرجع ارتفاع نسبة الأمية لدى الإناث أكثر من الذكور نظراً لأن تعليم البنات يتوقف عند نهاية المرحلة الابتدائية فى بعض المحافظات الحدودية أو فى الصعيد، وذلك لعدم الرغبة لدى الأسرة فى اتمام البنت تعليمها من أجل الزواج المبكر، ربما فى الرابعة عشرة والسادسة عشرة من عمرها، وهذا ما لمسته بالفعل فى احدى المحافظات الحدودية.. ليت الحكومة تضرب بيد من حديد على أيدى الآباء والأمهات الذين يقدمون على عدم اتمام بناتهن العملية التعليمية من أجل الزواج المبكر، خاصة زواج الأقارب الذى ينجم عنه بعض المشاكل الصحية لدى الأطفال، مما يوقع الأسرة والدولة فى مشكلات لا حصر لها لعلاج ورعاية هؤلاء الصغار، ناهيك عما يصيب الأم التى تنجب العدد الأكبر من الأطفال فى سن مبكرة من أمراض.
توجد أسباب عديدة للتسرب من التعليم، أهمها نسبة الممارسين للتدريس لغير المتخصصين، وبعض الظروف الاجتماعية التى تتصل بأسرة التلميذ وبيئته، ومنها التفكك الأسرى وبعض العادات الاجتماعية القديمة، كتفضيل تعليم الذكور على الإناث، ومنها بعض المناهج الدراسية المعقدة التى يصعب استيعابها من الدارسين، فضلاً عن لجوء الوزارة إلى تقسيم اليوم الدراسى إلى فترتين صباحية ومسائية، وغير ذلك.
لا شك أن هناك فروقاً فردية لدى الأطفال، منهم من يستوعب بسرعة ومنهم يحتاج إلى رعاية خاصة من المعلم حيناً ومن الأسرة أحياناً أخرى إذا توفرت هذه الظروف، فمن الممكن أن ينهض الدارس ويستمر فى دراسته.. وإذا لم تتوفر هذه الظروف، فسوف يتسرب الدارس من التعليم دون تفكير، لأن استمراره بالمدرسة يعد بمثابة تحصيل حاصل أى دون جدوى من استمراره بالمدرسة.
بإمكان إدارة المدرسة التعرف على ظروف هذه الشريحة ودراسة ظروفها من خلال معلم الفصل من ناحية والاخصائى الاجتماعى الذى أصبح غير متوفر الآن بالمدرسة بقدر كاف، وإذا نجحت الإدارة مع الأسرة فمن الممكن إعادة تأهيل هذه الشريحة وتجميعهم فى فصل دراسى فى نهاية اليوم ولو ساعة يومياً لتأهيلهم نفسياً واجتماعياً وتربوياً وتعليمهم القراءة والكتابة، وبالفعل نجحت هذه التجربة فى بعض المدارس، ليتها تتكرر.
أعول على نجاح بعض الدارسين الذين لا يجيدون القراءة ولا الكتابة بحكم القانون، مما يجعل هذه الشريحة تستغل مكاناً بالمدرسة دون جدوى من ناحية، ومن ناحية أخرى سوف يصل الدارس إلى نهاية مرحلة التعليم الأساسى فى سن متقدمة دون جدوى من التحصيل الدراسي، كما أنه لا يمكن تعليمه حرفة أو مهنة مثل النجارة والحدادة والميكانيكا أو الزراعة أو الالتحاق بمراكز التأهيل المهنى لاحترافه مهنة بعينها.
هل بإمكان الوزارة وضع قرار أو تشريع يسمح للطالب بالاستمرار حتى للصف السادس حتى يتمكن الدارس من إكمال دراسته أو الاحتراف من أجل نفع نفسه ومجتمعه؟