يشكل القانون الدولى الإنسانى جزءاً رئيسياً من القانون الدولى العام وتعتبر محكمة العدل الدولية هى الجهاز القضائى الرئيسى للأمم المتحده وتلعب دوراً هاماً فى ترسيخ وتأكيد مبادئ ذلك القانون. وذلك من خلال أحكامها وآرائها الصادرة فى القضايا التى ترفع أمامها. وترسى محكمة العدل الدولية ثلاثة قواعد أساسية تحكم ضمان احترام القانون الدولى الإنسانى وهى تحديداً: الالتزام باحترام وكفالة احترام القانون الإنسانى – تقديم المساعدة الإنسانية – حظر الإبادة الجماعية.
وقد أوضحت المحكمة الدولية فى حكمها الصادر فى 11 يوليو 1996 بشأن تطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقب عليها إلى حد بعيد.
حيث أكدت المحكمة ما تضمنته المادة «1» من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقب عليها والتى تنص على أن الإبادة الجماعية سواء ارتكبت فى وقت السلم أو وقت الحرب هى جريمة بمقتضى القانون الدولى وينبغى العمل على منعها والمعاقبة عليها بصورة مستقلة عن سياق الحرب والسلم وهذا يعنى من وجهة نظر المحكمة أن الاتفاقية واجبة التطبيق بصرف النظر عن الظروف المرتبطة بالطبيعة الوطنية أو الدولية للنزاع شريطةً ارتكاب الأفعال غير المشروعة المشار إليها فى المادتين 2، 3 وأن الحقوق الوارده فى الاتفاقية هى حقوق للجميع والتزامات على الجميع.
ومن هنا يتضح أن المحكمة تقر فى رأيها الاستشارى الصادر بشأن الاتفاقية أن الدول استناداً إلى هذا الالتزام القانونى يجب أن تمارس ولاية قضائية عالمية بموجب القانون الدولي.
وحيث إن كلاً من جنوب افريقيا وإسرائيل وقعتا على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948 التى تمنح محكمة العدل الدولية الاختصاص القضائى للفصل فى النزاعات على أساس المعاهدة.
وفى حالة وجود نزاع حول اختصاص المحكمة تتم تسوية الأمر بقرار من المحكمة.
وبينما تدور القضية حول الحرب على الأراضى الفلسطينية المحتلة ولما كانت دولة فلسطين ليست عضواً فى الأمم المتحدة وليس لها أى دور رسمى فى الإجراءات القضائية.
وتلزم اتفاقية منع الإبادة الجماعية جميع الدول الموقعة عليها الالتزام بعدم ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية بل ومنعها والمعاقبة عليها وتُعرف معاهدة الإبادة الجماعية بأنها «الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلى أو الجزئى لجماعة قومية أو اثنية أو عنصرية أو دينية»،
ومنذ عام 1946 صدرت عن المحكمة الدولية أكثر من 140 حكماً فى النزاعات الدولية مؤخراً منها: الدعوى المقامة من هولندا وكندا ضد سوريا عام 2023.
الدعوى المقامة من إيران للإفراج عن أصول مالية مجمدة فى عام 2023.
ونظرت محكمة العدل الدولية الطلب المقدم من جنوب أفريقيا لغرض إجرارات طارئة ضد الكيان الإسرائيلى لارتكابه جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين حيث ترى جنوب أفريقيا أن ما تقوم به إسرائيل من قتل جماعى للفلسطينيين والتسبب فى أذى نفسى وجسدى جسيم لهم ومنع توفير الظروف المعيشة وتقاعسها فى توفير الغذاء والماء والدواء والوقود والمساعدات الإنسانية مما يؤدى إلى تدميرهم جسدياً ومعيشياً وحملة القصف المستمرة التى دمرت جزءاً كبيراً من القطاع وأجبرت قرابة عدد 2 مليون فلسطينى على النزوح وأسفرت عن قتل أكثر من 25 ألف فلسطينى وأكد الطلب الجنوب أفريقى أن جميع هذه الأعمال تُنسب إلى إٍسرائيل التى فشلت فى دفاعها ودفوعها بعدم وقوعها فى أركان جريمة الإبادة الجماعية وترتكبها فى انتهاك واضح لاتفاقية الإبادة الجماعية.
وطلبت جنوب أفريقيا فى دعواها أمام محكمة العدل الدولية فرض تدابير طوارئ لوقف الانتهاكات التى تواجه إسرائيل اتهامات بارتكابها.