من قلب الأزمة وبمنتهى الجرأة
–جرأة الحق– أؤكد على ما سبق وقلناه وكتبناه حول ملف الطاقة فى مصر، لقد نجحت الدولة فى تغيير مفاصل منظومة الطاقة ووضعها على المسار العالمي، ونعود قليلا إلى فترة حكم الإخوان والتى كانت فيها منظومة الطاقة فى حالة شلل شبه كامل بسبب تقادم واهتراء محطات التوليد وشبكات التوزيع، فكانت قدرة المحطات على انتاج الطاقة شبه معدومة حتى لو كانت المواد البترولية والغاز متوافرة، فقامت الدولة بتغيير كامل لجميع المحطات وشرعت فى بناء وتشييد أحدث وأضخم محطات التوليد فى العالم، لقد كانت المحطات قديمة ومتهالكة وتخرج من الخدمة فور وقوع طارئ بسيط، كانت تلك المحطات تشبه عربة «التوك توك» القديم الذى لا يسير إلا فى الحارات الضيقة الشعبية العشوائية، قامت الدولة باستبداله بسيارة حديثة وقادرة على الانطلاق بأقصى السرعات فيما يشبه السيارة المرسيدس، لذلك وضعنا الخطط الطموح لإنتاج الكهرباء وتحقيق الاكتفاء الذاتى وتصدير الباقى للدول المحيطة، وبشكل دقيق نستطيع إنتاج طاقة كهربائية بكفاءة واقتدار لتحقيق هذه الطموحات والخطط، لكن المشكلة فى توفير الوقود الذى تعمل به هذه المحطات من غاز أو مازوت، وكنا ننتج الغار ومصدر الفائض وكانت الأمور تسير فى اتجاه تحقيق الحلم بأن تصبح مركزا إقليميا للطاقة، لكن ما حدث كان معرقلا لهذه الخطط بشكل مؤقت فما هى هذه الأسباب وما هى أبعادها؟
اولاً: ارتفاعات قياسية فى درجات الحرارة كنتيجة للتغيرات الحادة فى المناخ على المستوى العالمي.
ثانيا: انخفاض انتاج الغاز فى الحقول المصرية نتيجة العمر الافتراضى لبعض الحقول ومستحقات الشركاء. الأجانب المتأخرة نتيجة أزمة الدولار الخانقة وضعف النشاط الاستكشافى فى ظل ظروف ضاغطة على الجميع.
ثالثا: الحروب المحيطة بنا من كل الاتجاهات خاصة حرب غزة والتى تسببت فى خسارة معظم إيرادات قناة السويس والتى كانت مصدرا دولاريا يساهم بشكل مباشر فى تغطية فاتورة الوقود.
رابعا: التوتر الحاصل فى منطقة شرق المتوسط جراء الحرب الدائرة فى غزة والتى أثرت على خطوط الغاز القادمة من دول الجوار فى الشرق إلى محطات الإسالة فى شمالى مصر.
خامسا: زيادة الاستهلاك الصناعى مع التوسع فى مصانع كثيفة استخدام الغاز.
سادسا: وجود ما يشبه المؤامرة على مصر لمحاولة الضغط على متخذ القرار فيها لتمرير بعض الأمور فيما يخص القضية الفلسطينية وهو ما يعكس مواقف بعض الدول التى كانت تسارع فيما مضى بامداد مصر بالطاقة لحين انفراج الأزمة لكنها لم تفعل هذه المرة وظنى ان الأمر مرتبط بواشنطن وتل ابيب دون الدخول فى تفاصيل.
من استعراض بعض هذه المسببات نرى ان محطات الكهرباء جاهزة لإمداد مصر والدول المحيطة بالطاقة لكنها فقط تحتاج الغاز والمازوت وبالطبع الغاز موجود لدى المنتجين ينتظر التحويلات الدولارية، القضية الآن ان هناك ما يشبه الفرن الذى يتم تلقيمه بأوراق الدولار ليتم حرقها على مدار الساعة، فى نفس الوقت لا توجد عوائد دولارية متجددة تعوض ما يتم حرقه كل يوم، وهذه هى المشكلة، عموما نحن نمر بأزمة طارئة وسيتم حلها جذريا وبأقصى سرعة، فليس من مصلحة أحد ان تستمر الكهرباء رهن تخفيف الأحمال على حساب معيشة وحياة ومتطلبات الناس، فالدولة والحكومة تقوم بتخفيف الأحمال رغما عنها ولا يسعدها بالتأكيد ان ترى وتسمع شكاوى الناس، الرئيس يتابع بنفسه الأزمة ويوجه بسرعة الوصول إلى حلول حقيقية وجذرية لمشكلة نتجت عن مستجدات وليست تراكمات.