أوكرانيا لم تدخل الاتحاد الأوروبى ولا حلف الناتو.. ضحى بها الغرب واعتبرها وقود الحرب مع روسيا واقترب العام الثالث للصراع الدائر بين كييف وموسكو وكان هناك هدف بعيد جرى التخطيط له من هذه الحرب هو إضعاف وإشغال روسيا عن ملفات أخرى لتحقيق أهداف الأمريكان والغرب وكان الشرق الأوسط وتحديداً سوريا والقضية الفلسطينية هما الهدف والمدن السورية تهاوت وسقط نظام الأسد على أيدى الفصائل المسلحة وتراجع الجيش السورى وانسحب بشكل يفوق الخيال.. بعد سقوط حلب وأدلب وحماه ودرعا وحمص ودمشق وسط كل ذلك فإن السلوك والموقف الروسى بات مستكيناً يثير الكثير من علامات الاستفهام.. فهل وصلنا إلى الهدف المراد وهو سوريا مقابل أوكرانيا.. ان تغض الطرف عن دمشق ونظام بشار الأسد مقابل وقف الحرب بين موسكو وكييف.
هناك أسئلة مثيرة وحائرة باتت تدق الرءوس وهنا أتساءل هل كان «طوفان الأقصي» فى أكتوبر من العام الماضى تمهيدا وبداية حدث سيحدث فى المنطقة؟.. هل سوريا كانت هى الهدف الأساسى بعد توسع العدوان الإسرائيلى فى قطاع غزة إلى لبنان وحزب الله.
بدأت الحكاية من طوفان الأقصى ثم العدوان الوحشى والبربرى الإسرائيلى على قطاع غزة وتدميرها بالكامل تحت ذريعة الدفاع عن النفس ورد الفعل للهجوم الحمساوى على غلاف غزة.. ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل تستمر حرب الإبادة حتى هذه اللحظة.. واتسع نطاق العدوان ليصل إلى اليمن وإيران ولكن المحطة المهمة التى يجب ان تتوقف عندها هى جنوب لبنان، بضربات مؤلمة لحزب الله من جانب جيش الاحتلال الذى اغتال جميع قيادات الحزب بدءاً من أمينه العام حسن نصر الله ثم المرشح لخلافته والقادة العسكريين لقوات الحزب حتى الجيل الثالث فى عمليات تكشف حجم الاختراق العميق لعقل وقلب الحزب وتردد ان هذا الاختراق جاء من طهران التى شهدت عملية مؤسفة ومسيئة لسيادتها وكرامتها وقدراتها حيث اغتيل إسماعيل هنية رئيس حركة حماس على أرضها وهو ضيف الرئاسة الإيرانية وفى حماية الحرس الثوري.. اغتيل وهو فى حجرته ثم توالت الضربات الإسرائيلية لحزب الله وانسحبت قواته من سوريا لدعم عناصر الحزب فى لبنان وتركت قوات الحزب المنسحبة من سوريا ثغرات فى الجبهة السورية وأيضاً عمدت قوات جيش الاحتلال على قطع الإمدادات بين سوريا وحزب الله وبالتالى من إيران إلى حزب الله وحتى طهران خففت من وجود قواتها وعناصر الحرس الثورى فى سوريا ثم انسحبت خلال هجمات الميليشيات الإرهابية وكأن ذلك مرسوم بدقة لتنفيذ هجوم الفصائل المسلحة على المدن السورية واختراقها لمنطقة خفض التعقيد وبالتالى الذين خططوا لإسقاط سوريا ضمنوا وجود فراغ لقوات صنعت الفارق فى دعم سوريا خلال مواجهة الميليشيات الإرهابية منذ 2015 وبالتالى جاءت هجمات هذه الميليشيات أشبه بـ«السكين الساخن فى الزبد» وبشكل فاق أى توقع فى ظل إدارة حرب نفسية وإعلامية مثل التى جرت فى العراق فى 2003 وهو الإعلان عن سقوط مدن قبل سقوطها بالفعل من أجل خلق روح الاستسلام والهزيمة لدى القوات النظامية وفى ظل مواقف أمريكية متواطئة تنفى الضلوع فيما حدث فى سوريا من هجمات ولكن الشواهد تشير إلى عكس ذلك.. فها هو محمد الجولانى يظهر الآن كزعيم وقائد سياسى وعسكرى معتدل يتحدث لقناة «سي.إن.إن الأمريكية» ويتواجد فى دمشق ويخطب ويدلى ببيانات فأين استخبارات أمريكا وإسرائيل ولماذا تحول الجولانى من قائد لجماعة النصرة المسلحة إلى مسمى جديد هو ميليشيات هيئة تحرير الشام ولماذا صنفت أمريكا «النصرة» المسلحة ولم تصنف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية رغم أنها تضم نفس العناصر وتحت قيادة «الجولاني».
ما مصير سوريا بعد سقوط الأسد وجيشه؟.. هل تشهد الأمن والسلام والاستقرار والتنمية والعدل والمساواة بعد سقوط النظام والدولة الوطنية ومؤسساتها.. أم ان سوريا تلقى نفس مصير تجارب الدول التى تعرضت لنفس السيناريو الشيطانى ذهبت ولم تعد ومازالت الفوضى تعيث فيها فساداً وإرهاباً فى ظل تعدد الأعلام والرايات والطوائف والمذهبيات والشعارات.. هل سيرضى الجميع بسوريا الموحدة أم كل يبحث عن الغنائم والمكاسب فى تقطيع تورتة سوريا.
نحن نسأل ببراءة وطبقا لمعطيات الواقع المرير هل تسبب طوفان الأقصى فى كارثة إستراتيجية طبقا لأحاديث المتطرف بنيامين نتنياهو وهل ربحت القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى من هذا الطوفان والسؤال المهم لماذا تغيرت جميع المفاهيم لدى دولة الاحتلال فإسرائيل تتحمل الخسائر الفادحة فى الأرواح والمصابين والآليات والمعدات بل وتطيل أمد وزمن الحرب إلى بدء الشهر الخامس عشر لها والأدهى والأمر أنها تقتلهم ولا يعنيها أن يكونوا أحياء أو أمواتا فهى تدرك ان هذا القصف البربرى المتواصل على جميع ربوع ومدن وأحياء قطاع غزة بأيدى وطائرات ومسيرات إسرائيل كل ذلك يثبت ان نتنياهو وحكومة اليمين الأشد تطرفا لديهم مخطط خبيث وان نتنياهو ما هو إلا مجرد مقاول ينفذ «الماكيت» المرسوم بعد ان تم هندسته بشكل شيطانى دون ان يصرخ أو يتألم من شدة الضربات أو الخسائر أو حتى يعبأ بنداءات العالم ولم تخذله الولايات المتحدة الأمريكية التى دفعت له أكثر من 40 مليار دولار وحركت أساطيلها وحاملات طائراتها وغواصاتها وصواريخها إلى المنطقة من أجل حمايته.
ليس هذا فحسب كانت ومازالت واشنطن مظلة الحماية لاجرامه.
هناك حقيقة ساطعة مثل الشمس باتت أمامنا هى ان الجماعات والميليشيات والتنظيمات التى تتاجر بالدين وتخدع الناس بشعاراته وترفع راياته وتطلق العنان لصيحات «الله أكبر» ما هى إلى أدوات للمؤامرة الشيطانية لصالح المخطط «الصهيو- أمريكي» والإخوان هم الإخوان فى أى مكان فى الأرض نفس العقيدة الخبيثة والخيانة الحقيرة والتبعية فى خدمة أسيادهم الأمريكان والصهاينة.. هم مجرد أدوات للهدم ووسائل لإسقاط الدول وأبواق يخدعون ويهدمون الأوطان بالتستر والمتاجرة بالدين الذى هو بريء منهم فهم بالفعل خوارج وخونة هذا العصر.