تناولنا فى المقال السابق مدى حرص القيادة السياسية على ضمان الاستمرار فى زيادة الانفاق على قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية وان هذا الإصرار ما هو إلا انعكاس لدراسة ومعرفة بالنماذج العالمية الحديثة والتى تؤكد على أنه إذا أردنا تحسين الامكانات فعلينا تحسين القدرات ولن يتأتى ذلك إلا من خلال قدمى التعليم والصحة وكيف أن مصر انتقلت من اقتصاد الأزمة إلى مرحلة الانطلاق الاقتصادى فمصر تتمتع بامكانيات كبيرة تمكنها من احداث طفرة صناعية وأنه حتى يتسنى لنا فتح المجال أمام الاصرار على الاستمرار فى رؤية السيد الرئيس يجب تحقيق التوازن بين الجغرافيا والديموغرافيا باتساع المعمور المصرى من 7 ٪ إلى 14 ٪ من مساحة مصر وهى قفزة تجعل من هدف الوصول إلى 25 ٪ من مساحة مصر ممكنًا خلال السنوات القليلة القادمة كما ان الاهتمام بالصناعة وتعظيم مساهمة قطاع الصناعة فى الناتج المحلى الإجمالى سيساعد فى الوصول إلى صادرات تتجاوز الـ145 مليارًا وفق رؤية مصر 2030 وبالتالى فإن مواجهة الاقتصاد المصرى للرياح العالمية بنمو يفوق التوقعات يدفعنا لتسليط الضوء حول الامكانيات التى يتمتع بها اقتصادنا والتى تقوم على وجود موقع جغرافى استراتيجي.
تعد مصر معه أحد أهم ممرات التجارة العالمية بين الشرق والغرب ويرتبط ذلك بطاقة بشرية معظمها شباب حيث تصنف مصر دولة شابة فيبلغ عدد السكان بها دون الـ30 عامًا نحو 61 ٪ من إجمالى السكان 90 ٪ دون الـ50 عامًا ليساهم ذلك فى كبر حجم السوق الاستهلاكى لذا نرى أن المقومات السابقة تعزز من مقومات الجذب السياحى التى يمتلكها الوطن حيث يمتلك الوطن وحده ثلث آثار العالم وعليه يجب أن ننظر إلى صناعة السياحة كأحد أهم مصادر الدخل القومى والعملة الأجنبية للاقتصاد المصرى الوطنى ولكن فى المقابل لا يجب الاعتماد على السياحة فقط فيتعين وضع رؤية ومنهجية استراتيجية تقوم على تنوع الاقتصاد المصرى تستند على قطاع الخدمات وعوائد قطاع النفط والانتاج الزراعى والصناعات التحويلية وعوائد السياحة ودخل قناة السويس الأمر الذى يجعل الاقتصاد المصرى متنوعًا ويجعله أكثر مرونة لتداعيات الصدمات العالمية الحالية والمتوقعة مع امكانية زيادة المشاركة والاندماج فى سلاسل الانتاج والقيمة على المستوى العالمى ولا شك أن ما سبق تؤمن به وتطمئن إليه القيادة السياسية لذا أدرك الرئيس السيسى أن ترؤسه للمجلس الأعلى للاستثمار قد يكون البداية نحو استغلال المقومات السابقة وتوفير العديد من فرص الاستثمار الحقيقى والمستدام والذى سيكون ذا تأثير ايجابى ملموس على تحقيق التنمية بمصر والتى يتمثل أهمها فى تنمية محور قناة السويس وتعمير واستثمار منطقة شمال غرب خليج السويس وشمال سيناء والساحل الشمالى الغربى وغيرها من المشروعات التى ستحول مصر لمركز لوجيستى عالمى وتمثل فرصًا استثمارية عالية الجاذبية والربحية هذا ويتسق ذلك مع استهداف مصر مضاعفة المساحة المعمور المصرى فرغم الجهود الوطنية لزيادة المعمور المصرى من 7 ٪ إلى 14 ٪ من مساحة مصر خلال الفترة الماضية إلا أن الهدف هو الوصول إلى 25 ٪ من مساحة مصر خلال السنوات الست القادمة مع الاستغلال الأمثل للثروات المتوقع اكتشافها وكذلك ضمان تحقيق الأمن الغذائى عبر تقليل الاعتماد على استيراد السلع الاستراتيجية فمصر ثانى أكبر دولة مستوردة للقمح ونسبة كبيرة من المواد الغذائية إلا أنها استطاعت أن تخرج من هذه الأزمة وتحقق معدل نمو 4.7 ٪ ويبقى الرهان الحقيقى على توافر موارد الطاقة المتجددة فى مصر والتى تعد من الدول الواعدة فى مجالات انتاج الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتى تساعد على توليد الطاقة الكهربائية والتى تحتاجها مصر الآن أكثر من أى وقت مضى فى النهوض بقطاع الصناعة الذى أهمل سابقًا ادراكًا ويقينًا بأنه هو المصدر الأساسى لتشغيل العمالة فى كل اقتصاد نام ناجح فى أعقاب عقود سابقة من النمو المخيب للآمال كان أداء التصنيع فيها ضعيفًا بشكل خاص ويعكس هذا عجز مصر المزمن عن المنافسة فى الأسواق الدولية على المنتجات الكثيفة العمالة وبالتالى فإن تحسين واستغلال قدراتنا سيزيد حتمًا تحقيق التوازنات التنموية اللازمة للمنافسة.