هناك أيام وتواريخ مهمة ستظل خالدة فى ذاكرة المصريين أبد الدهر، لعل أهمها يوم السادس من أكتوبر عام 1973، و25 أبريل 1982، 19 مارس 1989 وأخيراً وليس آخرا 30 يونيو 2013، فكلها شهدت أحداثا عظيمة تركت بصمة فى عقل وقلب كل مصرى محب لهذا البلد.
ففى السادس من أكتوبر 73 كان النصر العظيم الذى أعاد لمصر بل والعرب جميعاً الكرامة وقضى على أكذوبة الجيش الذى لا يقهر، وفى 25 أبريل 82 تم رفع العلم المصرى على أرض سيناء الغالية تنفيذاً لمعاهدة السلام مع الكيان الإسرائيلي، وفى 19 مارس 89 تمت استعادة طابا ورفع العلم المصرى على كامل أرض سيناء، بينما كان الثلاثون من يونيو 2013 أهم أيام مصر فى القرن الحادى والعشرين، حيث كانت ثورتنا العظيمة التى أنقذت البلاد والعباد مما كان يحاك ضدهم وأفشلت مؤامرات أهل الشر وأعوانهم فى الداخل والخارج، التى كانت تستهدف اسقاط الدولة المصرية وتفتيت مؤسساتها الوطنية.
تحل خلال الأيام القليلة المقبلة وتحديداً فى الخامس والعشرين من هذا الشهر الذكرى الثانية والأربعون لتحرير سيناء، حيث تم رفع العلم المصرى على مدينة العريش فى إشارة إلى عودة أرض الفيروز إلى الوطن تنفيذاً لاتفاقية معاهدة السلام مع إسرائيل، وقد يرى البعض أن تحرير سيناء جاء بعد انتصار القوات المسلحة المصرية فى حرب أكتوبر ونجاحها فى عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف، وهذا واقع وحقيقة فرضتها المعركة العسكرية الأهم فى تاريخ مصر الحديث، بل وفى تاريخ الوطن العربى كله، ومع ذلك فإن معركة السادس من أكتوبر كانت البداية لتحرير سيناء الغالية، حيث تبعتها بعد ذلك أربع معارك مهمة لا تقل شراسة عن ملحمة أكتوبر، ولعل فى مقدمتها المعركة الدبلوماسية التى خاضتها مصر من أجل تنفيذ بنود اتفاقية السلام كاملة وإثبات أن «طابا» أرض مصرية وتزامن معها معركة قانونية لنفس الغرض وعلى مدى سبع سنوات كاملة استطاع الفريق المصرى الدبلوماسى والقانونى تأكيد أحقية مصر فى مدينة طابا فى حكم تاريخى أثبت للعالم براعة المفاوض المصرى تماماً كما شهد من قبل ببراعة المقاتل المصرى وتم بالفعل رفع علم مصر على طابا فى التاسع عشر من مارس عام 89 لتعود أرض سيناء كاملة إلى حضن الوطن.
وفى أعقاب أحداث 25 يناير 2011 وما تلاها من مؤامرات خاصة بعد وصول جماعة الإخوان الإرهابية إلى الحكم فى البلاد عام 2012 ظهر مخطط شيطانى لأهل الشر وأعوانهم فى الداخل والخارج كان يستهدف عزل سيناء العزيزة عن الوطن الأم وتحويلها إلى إمارة للإرهاب تأوى جميع العناصر التكفيرية والمتطرفة من شتى بلدان العالم، ولكن الله سلم وكانت ثورتنا العظيمة فى الثلاثين من يونيو 2013، ثم تولى الرئيس السيسى مقاليد الحكم فى البلاد منتصف عام 2014 وقرر خوض معركة البقاء ضد أهل الشر وكانت سيناء وتحريرها من جحافل الإرهاب الهدف الأكبر والاسمى لهذه المعركة، وبالفعل استطاع أبطالنا فى الجيش والشرطة بالتعاون مع المخلصين من أبناء الشعب المصري، لا سيما قبائل وعشائر سيناء القضاء على خطر الإرهاب فى مصر عامة وعلى أرض سيناء الغالية على وجه الخصوص فى ملحمة أمنية وعسكرية شهد لها العالم أجمع.
وبعد نجاح أبطالنا فى الجيش والشرطة فى حسم المعركة الأمنية ضد قوى الشر وأهله فى سيناء، بدأت الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسى فى خوض معركة خامسة لتحرير حقيقى لأرض الفيروز وذلك من خلال مد يد العمران لهذه البقعة المباركة وربطها بالوطن بإحداث تنمية حقيقية، حيث تم شق أربعة أنفاق جديدة تحت قناة السويس علاوة على مد العديد من الطرق والمحاور التى تستهدف تيسير الانتقال من وإلى سيناء، ومد خط سكة حديد وإنشاء آلاف الوحدات السكنية وتنمية وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية والثقافية مع تطوير ميناء العريش البحرى والبرى والجوى أيضاً لتشهد سيناء تنمية حقيقية بعد نصف قرن من انتصار أكتوبر المجيد وليكون الاحتفال بتحريرها هذا العام مختلفاً من حيث الشكل والمضمون.