تحتفل مصر هذه الايام بالذكرى الثالثة والاربعين لتحرير سيناء الحبيبة الغالية على قلوب المصريين جميعا.. سيناء التى تجلى على أرضها نور الذات الالهية فهى اغلى واعظم واقدس رقعة على وجه الارض.. وتحرير سيناء عام 1982، بعد انتصار حرب أكتوبر وتوقيع معاهدة كامب ديفيد، رمزاً للوحدة الوطنية والصمود المصري، وساهم هذا الإنجاز فى تعزيز الأمن القومي، ودفع عجلة التنمية فى المنطقة من خلال أكثر من 50 مشروعاً تنموياً، مما يعكس التزام مصر بجعل سيناء مركزاً للتقدم والازدهار.
وتحرير سيناء بدأ بالانتصار المجيد لابطال مصر على العدو الاسرائيلى ونجاحهم فى تحقيق معجزات عسكرية خارقة بعبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف والانتقال الى البر الشرقى حيث انطلق الابطال بأسلحتهم الخفيفة يواجهون دبابات وطائرات العدو بصدورهم وقلوبهم وأوقعوا فى صفوفهم خسائر فادحة ونجحوا فى تطهير مساحات كبيرة من ارض الفيروز المقدسة حتى صدر قرار وقف اطلاق النار.. ثم انطلقت مصر فى حرب جديدة لتحرير ما تبقى من الارض المقدسة وقاد الرئيس البطل انور السادات بطل الحرب ونسر اكتوبر مبادرة تاريخية للسلام مع اسرائيل بشرط استعادة اخر شبر من ارض سيناء .. واستمرت معركة السلام سنوات وسنوات حتى وقعت مصر وإسرائيل فى 26 مارس 1979، معاهدة السلام اقتناعاً منها بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل فى الشرق الأوسط، والتى نصت على إنهاء الحرب بين الطرفين وإقامة السلام بينهما وسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة وأيضاً المدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء.
وكعادتها دائما حيث لاتلتزم بعهد او اتفاق .. فجرت اسرائيل الصراع من جديد مع مصر حول طابا وعرضت مصر موقفها بوضوح وهو أنه لا تنازل ولا تفريط عن أرض طابا، وأى خلاف بين الحدود يجب أن يحل وفقاً للمادة السابعة من معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية والتى تنص على حل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضات، وإذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضات تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم.. وفى 30 سبتمبر 1988 أعلنت هيئة التحكيم الدولية فى الجلسة التى عقدت فى برلمان جنيف حكمها فى قضية طابا، والتى حكمت بالإجماع أن طابا أرض مصرية، وفى 19 مارس 1989 قام الرئيس الراحل حسنى مبارك بطل الضربة الجوية الاولى برفع علم مصر على طابا المصرية فيً نداء للسلام من فوق أرض طابا.
احتفالات مصر هذا العام بعودة سيناء كانت عامة وشاملة وحاشدة .. بدأ بقرار رئيس الوزراء باعتبار الخميس اجازة رسمية ولما سأل اولادنا فى المدارس : بمناسبة أيه ؟ قيل لهم : عيد تحرير سيناء .. فعادوا يسألون : يعنى ايه عيد سيناء ؟ قلنا لهم : سيناء انتزعها العدو عنوة فى حرب 1967 وبعد ست سنوات نجحنا فى الانتصار على العدو وعبور القناة الى الجانب الاخر وحررنا جزءا كبيرا من سيناء .. فسأل الأولاد : وماذا عن باقى سيناء .. هل تم تحريره ؟ قلنا لهم : نعم فما لم نستطع تحريره بالحرب حررناه بالسلام .. هكذا دارت حوارات ممتعة جميلة معبرة فى البيوت والمدارس والمساجد والساحات هذه الايام وبطل الحكاية سيناء الغالية .
الفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، ماذا قال فى برقيته للرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لتحرير سيناء؟ قال القائد العام للقائد الأعلي: إن هذا اليوم المجيد من أيام الكبرياء الوطنى يمثل فى وجدان كل مصرى رمزًا لعظمة هذا الشعب الأصيل وقوة وصلابة أبناءه، وقدرتهم على صنع المستحيل لتحقيق الأهداف والغايات القومية العليا وحماية التراب الوطني.. واضاف القائد العام فى برقيته للرئيس : ورجال القوات المسلحة وهم يهنئون سيادتكم بهذه المناسبة يؤكدون اصطفافهم خلف قيادتكم الرشيدة كالبنيان المرصوص، محافظين على ما تحقق على أرض سيناء من إنجازات خالدة، متمسكين بروح أكتوبر والاقتداء بجيلها العظيم فى الحفاظ على كل شبر من أرض مصر الغالية مهما كلفهم ذلك من تضحيات، لتظل القوات المسلحة درعًا قوية وحصنًا منيعًا يحمى ويصون الوطن ويدافع عن مقدساته ووحدة وسلامة أراضيه.
ذكرى تحرير سيناء ليست مجرد تاريخ او مناسبة وطنية بل رسالة حية تحمل فى طياتها معانى الوحدة والتضحية، إن سيناء، بموقعها الاستراتيجى وتاريخها العريق، تذكرنا بأهمية التمسك بهويتنا الوطنية، واليوم ونحن نحتفل بالذكرى الثالثة والاربعين علينا أن نسهم فى بناء سيناء بالعلم أو العمل والابداع والتضحية لتظل رمزًا للأمل والتقدم. فلنكن جميعًا جنودًا فى خدمة وطننا، ونحافظ على إرث أبطالنا الذين ضحوا من أجلنا ونؤكد لهم ان تضحياتهم الجليلة من اجل تحرير الارض لم تكن هباء منثورا بل بناء وتنمية ومستقبلا زاهرا للأجيال القادمة.