فى أعقاب سلسلة من الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله، يشهد الشرق الأوسط الآن لحظة من التهدئة التى قد تكون حاسمة لتجنب التصعيد الإقليمي. فقد سارع الطرفان إلى إعلان نوع من الانتصارات بعد تبادل الضربات العسكرية، إلا أن لغة الاحتواء بدأت تسيطر على الخطاب الرسمى من الجانبين، وهو ما يعكس تجاوبًا مع الدعوات الدولية لضبط النفس.
قبل أسابيع قليلة، كانت المنطقة على شفا حرب شاملة بعد اغتيال إسرائيل لقائد حزب الله البارز فؤاد شكر فى بيروت. هذه الأحداث أدت إلى حالة من القلق فى إسرائيل، حيث توقعت السلطات أن يرد الحزب اللبنانى بهجوم كبير قد يمتد إلى حرب إقليمية. وفى الوقت ذاته، كان حزب الله يستعد للانتقام، مما زاد من حدة التوترات على الحدود بين لبنان وإسرائيل.
ومع ذلك، فقد جاء رد الفعل الأولى من الجانبين بشكل مدروس. فقد شنت إسرائيل ضربات استباقية على ما وصفته بأهداف لحزب الله فى جنوب لبنان، بينما رد الحزب بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة نحو شمال إسرائيل. لكن بعد ساعات من الهجمات المتبادلة، بدا أن التصعيد بدأ ينحسر، حيث أظهرت التصريحات الرسمية من الجانبين نوعًا من التهدئة والاحتواء.
فى هذا السياق، كان للرئيس عبدالفتاح السيسى دور بارز فى الدفع نحو التهدئة. فقد أكد أهمية تكثيف الضغوط الدولية لوقف التصعيد وحذر من مخاطر فتح جبهة جديدة فى لبنان. وشدد على ضرورة الحفاظ على استقرار لبنان وسيادته، داعيًا إلى التجاوب مع الجهود المشتركة المصرية الأمريكية القطرية للتوصل إلى اتفاق لوقف الحرب فى قطاع غزة وتعزيز مسار التهدئة فى المنطقة.
أضاف الرئيس السيسى أن المجتمع الدولى يجب أن يبذل أقصى جهوده لتفادى تصعيد الصراع، مشيرًا إلى أهمية الحفاظ على الأمن الإقليمى وعدم الانزلاق إلى مزيد من التوترات. وقد لاقت دعواته استجابة من بعض الأطراف، ما ساعد فى دفع الجانبين نحو خيار التهدئة.
فى وقت لاحق، أشار حزب الله إلى أنه قد أنهى «المرحلة الأولي» من هجومه، بينما أعرب وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت عن أهمية تجنب التصعيد الإقليمي، فى إشارة إلى التوجه نحو تهدئة الوضع. ورغم ذلك، يظل الوضع فى الشرق الأوسط متوترًا، حيث تظل الأيام القادمة غير واضحة فى ظل استمرار المخاوف من تصعيد محتمل.
ما زال هناك قلق بشأن إمكانية التصعيد مرة أخري، إذ يتوقع بعض المحللين أن تكون هناك مراحل أخرى قد تتطور إذا لم يتم معالجة القضايا الرئيسية بشكل شامل. ويقول إيهود يعاري، الباحث فى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني، إن هناك احتمالاً لوجود تصعيد تدريجي، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق شامل.
فى الوقت ذاته، تستمر جهود الوساطة بقيادة الولايات المتحدة، إلى جانب الوسطاء المصريين والقطريين، للتوصل إلى اتفاق يوقف الصراع المستمر بين إسرائيل وحماس. تأمل هذه الجهود فى أن تساهم فى تهدئة الوضع العام فى المنطقة وتخفيف التوترات.
قد تكون التهدئة الحالية بين إسرائيل وحزب الله خطوة إيجابية نحو استقرار المنطقة، لكن التحديات ما زالت قائمة. إن نجاح جهود التهدئة يعتمد على قدرة الأطراف المعنية على الالتزام بالدعوات الدولية لضبط النفس والعمل معًا نحو تحقيق تسوية شاملة. فى هذه الأوقات الحرجة، تبقى أهمية الحوار والتعاون الدولى أساسية لضمان استقرار الشرق الأوسط وتجنب المزيد من التصعيد.