خلال افتتاحه مشروعات تنموية فى جنوب الوادي، وضع الرئيس عبدالفتاح السيسى أيدى الجميع على نقطة مهمة للغاية بل هى صمام الأمان لاستكمال مسيرة الأمن والأمان والاستقرار والبناء والتنمية وتحقيق التقدم، قال «عندما يفهم ويعى المواطن، فإنه يصبح قادراً على الصبر والتحمل والمساندة» لأنه أدرك حقائق الأشياء وأسباب المشاكل والأزمات، ويعمل مع جهود الدولة على انهائها والقضاء عليها، بالوصول إلى الإدراك، وعندما يفهم ويعلم ويعى لا يضجر، ولا يشكو، ولا يستجيب لطوفان الأكاذيب والشائعات والتشكيك المتعمد والممنهج الذى تديره قوى الشر على مدار الساعة، لذلك مطلوب من الجميع خاصة النخب، والمسئولين، تحديد مجموعة من النقاط المهمة، وقضايا الساعة ذات الأولوية للحديث مع الناس، ولطالما طالبت بالاقتداء بالرئيس السيسى فى بناء جسور التواصل والحديث مع المصريين بشفافية، وصدق ووضع التحديات أمامهم، وتوضيح الصورة الكاملة، وأسباب الأزمات والمشاكل، وطرح الرؤى لحلها، وأيضاً الحديث عن جهود الدولة، ونجاحاتها لمجابهة هذه التحديات.
الحديث الواضح والشفاف والبسيط والمرتب هو الطريق الأمثل للعقول، وبناء الفهم والوعى الحقيقى لدى الناس، ووضع قائمة بالتحديات الوجودية التى تواجه الدولة المصرية، ومتطلبات عبورها، والقضاء عليها، وتحويلها إلى منح ونجاحات، ولن يتم ذلك إلا بالاصطفاف والتماسك واستنهاض إرادة الناس، وهذا يأتى من خلال الفهم والوعى والإدراك.
اقترح وضع مجموعة من النقاط التى أراها مهمة للحديث عن أبرز التحديات والتى تتمثل فى الآتي:
أولاً: محـدودية الموارد المصرية، وكيف نجحت رؤية الرئيس السيسى وإرادته فى تحقيق نجاحات وقفزات من خلال الرؤى والأفكار الخلاقة، خارج الصندوق فى حل إشكالية محدودية الموارد، وسوف نتحدث عنها بالتفصيل وهى معضلة، لم يستطع أى رئيس قبل السيسى حل هذه الإشكالية لكن الرئيس السيسى صنع الفارق من خلال رؤى ثاقبة وأفكار خلاقة، وإلمام كامل بالموارد المصرية وفرص النجاح، ونجاحه فى البحث عن موارد جديدة، أو تعظيم نقاط ومميزات لدى مصر مثل الاستثمار فى الموقع الجغرافى لمصر، وأيضاً توظيف العلم والتكنولوجيا فى تعظيم الموارد، وخلق مقومات ومؤهلات تنطلق منها نهضة اقتصادية قوامها جذب الاستثمارات الذى لن يتحقق إلا بوجود بنية تحتية عصرية.
فى العقود الماضية قبل الرئيس السيسى كان الاستسلام وعدم البحث عن الحلول والأفكار الخلاقة لحل الإشكالية والمعضلة الخاصة بمحدودية الموارد أمراً واقعاً.. وبقيت موارد مصر كما هى دون تطور ويكفى أن أقول إن الناتج المحلى أو القومى قبل الرئيس السيسى كان 218 مليار دولار فى 2010، ووصل فى عام 2020 إلى 477 مليار دولار وهذا الفارق يكشف تأثير ونتائج الرؤية والأفكار الخلاقة، والإرادة فى تحويل المحن إلى منح على طريق حل معضلة محدودية الموارد، ومضاعفة الناتج القومى وأكثر، وهناك المزيد من النجاحات تتحقق على أرض الواقع، لذلك فإن محدودية الموارد المصرية، هى وتحد كبير أتذكر «لقاء تليفزيونياً مع الرئيس الراحل حسنى مبارك سأله المذيع، كيف تنتج مصر 70 مليون رغيف خبز يومياً، أجاب مبارك: لا قرابة 300 مليون رغيف يومياً، رغم أن مصر دولة محدودة الموارد لكننا نعتمد على علاقاتنا مع الأصدقاء والأشقاء فى دعم مصر.. الرئيس السيسى لديه فكر مختلف، ورؤى وإرادة صلبة، وتحد كبير سواء فى حل إشكالية الموارد المحدودة من خلال الأفكار الخلاقة والعمل والإرادة أو ترسيخ مفهوم الاعتماد على النفس وتحقيق قدر غير مسبوق من الاكتفاء الذاتي، وإيجاد موارد إضافية، وهو ما نجح فيه الرئيس السيسى بشكل كبير، ومازال طريق النجاح يتواصل.
ثانياً: التحدى الأخطر، الذى يزيد من معضلة محدودية الموارد، يتمثل فى الزيادة السكانية غير الطبيعية فالنمو السكانى فى مصر يرتفع بمعدل أكثر من مليونى نسمة سنوياً وبطبيعة الحال فإن ذلك يعنى ضغطاً إضافياً على الموارد المصرية المحدودة لأن معدل زيادة النمو السكانى له متطلباته سواء فى الضغط على الموارد والاحتياجات الضرورية من غذاء ودواء وبنية أساسية، وتعليم من مدارس وجامعات وصحة من مستشفيات ودواء، وإسكان من وحدات سكنية، وهو ما يتطلب توسعاً عمرانياً له تكلفته الباهظة، وأيضاً فرص العمل لهذه الأرقام فى ظل ارتفاع تكلفة فرصة العمل الواحدة، وأيضاً الضغط على الموارد المائية المحدودة التى تعتمد بنسبة 98 ٪ على مياه نهر النيل التى تظل ثابتة دون زيادة لا تزيد على 55 مليار متر مكعب سنوياً، ومع الزيادة السكانية يتراجع نصيب الفرد من المياه طبقاً للمعدلات العالمية، بالإضافة إلى احتياجات التوسع العمرانى والزراعى لتلبية احتياجات النمو السكانى المطرد، ولعل ارتفاع تعداد مصر السكانى لـ 25 مليون نسمة منذ 2011 يشكل مؤشراً خطيراً على مستقبل التنمية والشعور بثمارها، فهناك دول لم يزد نموها السكانى خلال الخمسين عاماً الأخيرة ومازالت تحتفظ بنفس التعداد السكانى وهو أحد أهم أسباب تقدمها، وشعور مواطنيها بعوائد التنمية، والوصول إلى معدلات للدخل والرفاهية تصنيفها كدول متقدمة اقتصادياً، لذلك من أهم التحديات التى تواجه الدولة المصرية هو كيفية ضبط معدلات النمو السكانى ويحتاج إلى جهد مكثف وأفكار خلاقة، واقناع من أجل التخلص من الأفكار والموروثات التى تتعارض مع التقدم على كافة المسارات سواء للدولة أو المواطن نفسه.
ثالثاً: هناك تحديات أخرى مستجدة وهى تداعيات الصراعات والنزاعات والأزمات والحروب فى العالم والمنطقة «الإقليم» وما لها من تداعيات قاسية وطاحنة خاصة على الصعيد الاقتصادي، فلا يخفى على أحد الفواتير الاقتصادية الباهظة التى تكبدها الاقتصاد العالمى ومصر جزء منه، جراء جائحة «كورونا»، ثم الحرب الروسية ــ الأوكرانية والاضطرابات الجيوسياسية فى المنطقة خاصة منذ اندلاع العدوان الإسرائيلى على غزة، كل ذلك له تداعياته الاقتصادية من اضطرابات سلاسل التوريد فى العالم وارتفاع غير مسبوق فى أسعار الطاقة والسلع الأساسية والإستراتيجية وارتفاع معدلات التضخم وهو ما يلقى بظلاله وتأثيراته وتداعياته على الاقتصاد المصرى وجهود التنمية، وتتحمل الدولة الفارق من أجل المواطن، وكما قال الرئيس السيسى إن المواطن المصرى من الصعب أن يتحمل الحصول على السلع بالأسعار العالمية، لذلك فإن ما يقدم للمواطن فى مصر ليس بالأسعار الحقيقية، وهو ما يتطلب إحداث توازن ومواءمة وخفض وتخفيف التحميل على الدولة واقتصادها حتى ولو بجزء منطقى يتحمله المواطن.
وللحديث بقية
تحيا مصر