فى الوقت الذى يكثف فيه العدوان الإسرائيلى قصفه على جنوب لبنان، مسقطاً مئات القتلى والمصابين، يواصل جيش الاحتلال عمليات الإبادة الجماعية والتدمير الممنهج فى قطاع غزة، فى ظل عدم اكتراث تل أبيب بالقانون الدولي، وغياب أساليب الردع العالمي، التى تستطيع أن توقف المجازر بحق سكان غزة، الذين يتعرضون للقتل والخراب والدمار على مدى ما يقرب من عام.
استكمالاً لعمليات العدوان الإسرائيلى على مدار 357 يومًا، اُستشهد ثلاثة مواطنين، وأصيب آخرون، أمس، بعد أن قصف الاحتلال بشكل متواصل عدة مناطق فى قطاع غزة.
أعلنت مصادر طبية، عن استشهاد شاب آخر، وإصابة آخرين بجروح، جراء قصف الاحتلال خياماً للنازحين داخل مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح، وسط القطاع.
قالت المصادر ذاتها، إن فلسطينيان استشهدا، كما أُصيب آخرون بجروح، بعد قصف الاحتلال منزلاً فى منطقة الجرن فى جباليا.
كما أصيب أيضاًً عدد من المواطنين بجروح مختلفة، جراء استهداف الاحتلال مجموعة من الأهالى فى بلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس، جنوب القطاع.
يكثف الاحتلال قصفه المدفعى فى شرق حى الزيتون، جنوب شرق مدينة غزة، ومنطقة العمور، شرق بلدة الفخاري، جنوب شرق مدينة خان يونس.
فى وقت سابق، كان قد قصف الاحتلال عدة مناطق متفرقة فى قطاع غزة، مما أدى إلى استشهاد 31 فلسطينياً.
ويقترب العدوان على قطاع غزة من العام الأول مسفراً حتى الآن عن استشهاد 41,534 مواطنا، وإصابة 96,290 آخرين، غالبيتهم من الأطفال والنساء، فى حصيلة غير نهائية، حيث لا يزال آلاف المفقودين تحت الأنقاض ولا تتمكن طواقم الإسعاف والإنقاذ من الوصول إليهم.
فى سياق متصل، اجتمع عدد من الوزراء والمسئولين الدوليين على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها الـ79، بمدينة نيويورك الأمريكية، من أجل مناقشة الوضع فى غزة.
حضر الاجتماع مجموعة الاتصال الوزارية لجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأوروبي، بالإضافة للنرويج، حيث تم الاتفاق على اطلاق تحالف دولي، من أجل إقامة الدولة الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين.
خلال هذا التجمع، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يمهد الطريق لتفاوض متكافئ، مشيرا إن المنطقة ستظل تعانى من انعدام الاستقرار وغياب الأمن، إذا لم يتم التحرك فوراً وبعزم حقيقى لتغيير الواقع الذى أوصلنا إلى الوضع المأساوى والخطير الذى نعيشه اليوم.
شدد أبوالغيط على ضرورة العمل بشكل فعال وعملى لتنفيذ حلّ الدولتين، من خلال إضعاف الاحتلال، والامتناع عن مساعدته، فضلاً عن دعم كافة المساعى الفلسطينية لإقامة الدولة.
كما أكد على وجوب العمل على زيادة وتيرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مضيفاً أن السبيل الوحيد لتوسيع رقعة السلام وصون اتفاقياته القائمة، هو إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.
بدوره، شدد محمد مصطفي، رئيس الوزراء، ووزير الخارجية الفلسطينى على ضرورة أن يتحرك المجتمع الدولى لوقف جرائم الإبادة الجماعية فى غزة، والتَطهير العِرقى فى الضفة الغربية، بما فى ذلك القدس الشرقية، وكذلك ايقاف العدوان الإسرائيلى على لبنان.
أضاف مصطفى أنه يجب الاعتراف بدولة فلسطين ودعم عضويتها فى الأمم المتحدة، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة بما فى ذلك ما تم اتخاذه من جانب الجمعية العامة عقب الرأى الاستشارى لمحكمة العدل الدولية، والذى يشمل التزاماتٍ ملموسة وآلياتٍ جماعية، وتقديم الدعم السياسى والمالى لفلسطين و كذلك دعم وإغاثة أبناء قطاع غزة.
من جانبه، أكد وزير الخارجية السعودى فيصل بن فرحان، أن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة حقٌ أصيل وأساس للسلام، مضيفاً أن تنفيذ حلّ الدولتين هو الحل الأمثل لكسر حلقة الصراع والمعاناة، وانفاذ واقع جديد تنعم فيه كافة المنطقة، بها فيها إسرائيل، بالأمن والتعايش».
من ناحية أخري، قال البنك الدولى إن الأراضى الفلسطينية تقترب من السقوط الاقتصادى الحر، وسط أزمة إنسانية تاريخية فى قطاع غزة.
بحسب وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية «وفا» التى نشرت تقريراً صدر عن البنك، ارتفع التضخم فى قطاع غزة لــ 250٪، بسبب تبعات العدوان المستمر منذ نحو عام، وتفاقم فجوة التمويل لدى السلطة الفلسطينية.
كما شهدت الأراضى الفلسطينية انخفاضا بنسبة 35٪ فى الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى فى الربع الأول من عام 2024، مما يمثل أكبر انكماش اقتصادى لها على الاطلاق.
يتفاقم الوضع الإنسانى بسبب نزوح ما يقرب من 1.9 مليون شخص، مع امتلاء الملاجئ، وعدم كفاية خدمات الصرف الصحي، حيث أدى النقص الحاد فى الغذاء والماء والوقود والمعدات الطبية إلى انتشار انعدام الأمن الغذائي، وظروف شبيهة بالمجاعة.
يتوقع التقرير أن تصل فجوة التمويل لدى السلطة الفلسطينية إلى 1.86 مليار دولار فى عام 2024، أى أكثر من ضعف فجوة عام 2023، خصوصاً التأثير على تقديم الخدمات العام، معبراً عن قلقه من أن الفجوة لا تزال تُملأ فى الغالب بالاقتراض من البنوك المحلية والمتأخرات للقطاع الخاص، والموظفين العموميين، وصندوق التقاعد.