السنوات العشر الماضية شهدت محاولات عدة للقفز خارج أسوار الهيمنة الأمريكية المطلقة، بعدما تجلت فيها مظاهر الشيخوخة والبلطجة معا، ومؤخرا ظهرت على السطح بداية تشكيل تحالفات جديدة بعيدة عن تلك التحالفات الكلاسيكية التى تشكلت عقب الحرب العالمية الثانية، خاصة أن الحرب الروسية – الأوكرانية كشفت لدول أوروبا أن المتغطى بأمريكا عريان وتأكد لها ذلك عقب بوادر التصالح بين الرئيس الأمريكى ترامب ونظيره الرئيس الروسى بوتين دون وجود للدور الأوروبى، والمؤكد أنه سوف يكون على حساب جثة دولة أوكرانيا وما خفى كان أعظم، بعد أن تسببت تلك الحرب فى خسارة فادحة للاقتصاد الأوروبى سوف يعانى منها لسنوات قادمة.
وبما إنه لا هيمنة بلا نهاية لأحد وبعدما كشفته لهم حرب أوكرانيا فمن ضمن تحركات دول أوروبا المجروحة والمصدومة من سياسات الرئيس الأمريكى أنها بدأت فى تكوين تحالفات جديدة خاصة فرنسا التى تعد أكثر دولة أوروبية تجنح إلى إيجاد شركاء حلفاء أقوياء يُعتمد عليهم من خارج أوروبا، وبالتالى فإن الشراكة الإستراتيجية مع مصر القوية التى تمثل «بوابة أفريقيا» ولديها شراكات وطنية إستراتيجية مع غالبية دول أفريقيا قائمة على استغلال الثروات بنظام المشاركة تمثل أهم السبل المؤدية إلى تحقيق المصالح والنجاة من السطوة الأمريكية، والحقيقة أن زيارة الرئيس الفرنسى ماكرون المرتقبة لمصر زيارة مهمة جداً وسوف تعزز التحالف مع الدولة الفرنسية العظمى فى الفترة القادمة، وأتوقع أن يتم فيها الاتفاق على صفقات واستثمارات تعزز قوة العلاقات بين البلدين، ولمن لا يعلم فإن دولة 30 يونيو قد طورت من سلاح طيرانها باستخدام الرافال الفرنسية التى كانت محجوبة عنها فى العقود السابقة، وكذلك طورت من قدراتها العسكرية باستخدام قمر صناعى عسكرى فرنسى متقدم للغاية، وأيضا دخلت فى مجال مراكز البيانات العملاقة بالتعاون مع شركة اورنج الفرنسية، إذن هناك انفتاح فرنسى ضخم للتعاون مع مصر منذ سنوات لأنهم يعلمون قدر مصر وأهميتها بالمنطقة، وبالتالى من الطبيعى أن تشهد الزيارة توقيع المزيد من صفقات أحدث الأسلحة، وبرامج مشتركة، ونقل تكنولوجيات فى كل المجالات التى تحتاجها مصر، وفى المقابل تلبية مطالب مصر من الاتحاد الأوروبى وخاصة فرنسا نظير دخول إفريقيا وتلبية حاجتها من المواد الخام والموارد الطبيعية والتعدينية التى تعج بها إفريقيا من خلال شركات مصرية أو بالشراكة معها طبقاً للأصول والأعراف التجارية الدولية، وكذلك فتح الطريق أمام توجيه جزء من استثمارات أوروبا نحو أفريقيا من البوابة المصرية هربا من تأثير اجراءات ترامب برفع الرسوم الجمركية التى دعت الرئيس ماكرون للخروج رسميا لدعوة الشعب الاوروبى لمقاطعة كل ماهو امريكى مستخدما شعار «استخدم الأوروبى» وبالتالى تساهم تلك الدعوة فى تدمير الاقتصاد الأمريكى الذى بدأت تنهال عليه الكوارث الخانقة وتتصاعد فيه المعاناة يوما بعد يوم بسبب السياسة الامريكية الجديدة «الضغوط القصوى» التى تم اختراقها ويتم التعامل معها بحرفية.
كلمة فاصلة:
ببساطة.. قرارات الاتحاد الأوروبى بعودة الجيوش الوطنية بموازنات ضخمة من المليارات للدفاع عن أنفسهم هى رسالة مباشرة لكل المغيبين، وأعادت إلى ذهنى ذكرى الحملات المسعورة والمشبوهة التى كانت تتبناها قوى الشر وذيولها فى الداخل من خلال إعلامهم المأجور بعد قيام الرئيس عبدالفتاح السيسى بتحديث وتطوير قوة الجيش المصرى بشكل غير مسبوق فى ظل الأزمة الاقتصادية فور توليه المسئولية، والتى تبين لنا الآن أنه كان من أهم الإجراءات التى أنقذت مصر من المؤامرة الشيطانية الكبرى، ومنعت عنها كوارث ضخمة آخرها تهجير الفلسطينيين القسرى لمصر وتصفية القضية الفلسطينية، وبالتالى فإن قوة الاصطفاف خلف القيادة السياسية يجب أن تظل متنبهة ومستيقظة لأنها حائط الصد الصلب فى مواجهة الصهيونية العالمية وإفشال مخططاتها.. حفظ الله مصر وشعبها.