ليس غريبا على الكيان الصهيونى المجرم أن يستخدم أحقر سلاح ضد من تبقى من سكان غزة على قيد الحياة، وهو سلاح تجويع الأطفال والنساء والشيوخ والمرضي؛ فقد استخدم أحقر الأسلحة ضد شعب أعزل لا حول له ولا قوة، وقتل وأصاب وشرد مئات الآلاف على مدى الشهور الخمسة الماضية، ودمر كل مقومات الحياة فى غزة.. حتى الطيور والحيوانات قتلها، والمزارع دمرها، ولم يجد سكان القطاع ما يسدون به رمقهم بعد أن نفدت المساعدات الإنسانية التى دخلت لهم من خلال معبر رفح فمات بعضهم فعلا من الجوع، ويعيش بعضهم على الأعشاب والنباتات العشوائية التى تخرج من الأرض!!
استخدام سلاح التجويع فى ساحات القتال يؤكد للعالم أجمع إنعدام إنسانية هذا الكيان وتحديه لكل المعاهدات والمواثيق الدولية، وقد أكدت العديد من المنظمات الحقوقية أن عصابة إسرائيل لجأت إلى استخدام سلاح التجويع ضد سكان قطاع غزة، واصفة إياه بـ»سلاح الجبناء» فى وقت يقف فيه العالم بين متفرج وعاجز ومتواطئ أمام هذه المأساة الإنسانية.
>>>
هذا الظلم والقهر المتواصل لشعب غزة هو الذى دفع ضابط سلاح الطيران الأمريكى إلى الانتحار حرقا أمام سفارة الكيان الصهيونى فى أمريكا ليؤكد للعالم أن هذا الظلم لا ينبغى أن يستمر، وأن هذا القتل العشوائى اليومى يجب أن يتوقف، وأن الموقف الأمريكى الظالم يجب أن يتغير لو كانت أمريكا بالفعل معقل الحريات وموطن احترام حقوق الإنسان كما تدعى وتروج لحضارتها الإنسانية الزائفة.. ولو فى أمريكا نظام حر فعلا ويحترم حقوق الإنسان لأجبر الرئيس الأمريكى على الاستقالة من منصبه بعد انتحار هذا الضابط الذى لا تربطه صلة بغزة ولا بأهلها، ولكن مشاعره الإنسانية أبت أن تتقبل استمرار هذا الظلم، فعبر عن غضبه ورفضه للمواقف الأمريكية الظالمة بهذا الاحتجاج الصارخ، ليفقد حياته وتظل صورته وهو يحترق عالقة بأذهان الأمريكان، وتطارد الإدارة الأمريكية حتى تخرج مطرودة من مواقع اتخاذ القرار فى أمريكا.
>>>
لم تجد الدول العربية وفى مقدمتها مصر بدا من إغاثة سكان شمال ووسط غزة بعد قطع جيش الاحتلال الصهيونى أوصال القطاع وعزل شماله عن جنوبه ودمر الطرق والبنية التحتية ومنع دخول المساعدات ومواد الاغاثة من طعام ودواء وكساء سوى إسقاط المساعدات الإنسانية جوا على أهل غزة فأسقطت مصر خلال الساعات الماضية عشرات الأطنان من المواد الغذائية والطبية وهكذا فعلت الأردن والامارات وفرنسا.
خطة تجويع سكان غزة بدأت منذ الساعات الأولى للعدوان، ولما فشلت إسرائيل فى فرض خططها الشيطانية وأجبرت على إدخال المساعدات الإنسانية بدأت حربا حقيرة ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، ودفعت معظم الدول لتعليق تمويلها بفعل المزاعم والأكاذيب الصهيونية، وجعلت الوكالة تنشغل عن تقديم المساعدات الإنسانية لشعب غزة المطحون بالدفاع عن نفسها.. وهكذا يواصل الصهاينة حربهم الإجرامية ضد شعب يعيش فى محنة إنسانية غير مسبوقة.
>>>
الفلسطينيون كما تكشف لنا المشاهد المأساوية القادمة من غزة يتكدسون للحصول على بقايا الدقيق الملقاة على الأرض، والمؤسف والمحزن أن دول العالم الغربى التى لطالما تغنت بالقيم الإنسانية وبحقوق الإنسان لا تزال تقف صامتة أو متورطة أو عاجزة عن فعل شيء لهم، ليواصل جيش الاحتلال المجرم عقاب شعب كامل بالقتل والتدمير والتخريب لمقومات حياته دون أن يرتكب هذا الشعب الأعزل جريمة ليعاقب عليها.
ستظل الجرائم التى ترتكب يوميا ضد شعب غزة عالقة بأذهان كل شعوب العالم الحر لتدين كل الدول التى ساندت هذا الإجرام الصهيونى ومدته بالمساعدات العسكرية والاقتصادية ووقفت متفرجة على جرائمه غير المسبوقة فى الحروب والمواجهات العسكرية بين الدول.. وستظل تلك الجرائم تدين كل الدول والكيانات الدولية التى عجزت عن وقفها وإنقاذ من تبقى من أهل غزة الصامدة.
الدعم الأمريكى المتواصل لدولة الاحتلال الصهيونى عسكريا وماديا وسياسيا سيكون وبالا على أمريكا وشعبها خلال السنوات القادمة وسيدرك الأمريكان فى قادم الأيام حجم الجريمة التى ارتكبتها الإدارة الأمريكية ضد سمعة وحضارة أمريكا.
وفى النهاية.. سيخرج الكيان الصهيونى من حرب غزة خاسرا مهزوما مهما دمر وخرب وقتل وعثا فى الأرض فسادا، فانتصارات الجيوش لا تقاس بقدر ما تعبث وتخرب وتدمر وتقتل المدنيين العزل وتزهق أرواح الأطفال والنساء والشيوخ الذين لا حول لهم ولا قوة.
ستظل صورة الكيان الصهيونى ملطخة بدماء الأبرياء وهدم بيوتهم وحرمانهم من مقومات الحياة وارتكاب أبشع جرائم الحرب ضدهم مهما حاولت آلة الدعاية والتشويه والتزوير الصهيونية فى العالم خلق مبررات لما تفعله العصابة الصهيونية فى تل أبيب.. فقد كشفت العديد من استقصاءات آراء المواطنين فى أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا أن معظم مواطنى تلك الدول التى دعمت العدوان الإجرامى ضد غزة يدينون هذه الحرب ويرون أنها حرب ظالمة وغير مبررة وترتكب فيها أبشع جرائم الحرب ويطالب الكثيرون فى تلك الدول بتقديم قادة الكيان الصهيونى للمحاكمة بتهم جرائم الحرب، وأنهم يدينون دعم قادرة بلادهم السياسى والعسكرى لحرب إبادة ضد شعب أعزل وارتكاب أبشع الجرائم ضده.