تغيرت خريطة مصر العمرانية خلال السنوات العشر الماضية بشكل لافت للنظر فى ظل رؤية وفلسفة الحكومة المصرية فى انشاء مجتمعات عمرانية جديدة تستهدف تخفيف الضغط على المحافظات القديمة وزيادة المساحة المأهولة بالسكان.. وعند التحدث عن هذا الملف لا يمكن ان نغفل الربط بين عدد من الملفات الشائكة والمهمة الخاصة بالعشوائيات التى كانت منتشرة فى كافة اركان ومحافظات مصر والملف الآخر الجور على الاراضى الزراعية والاعتداء عليها من خلال البناء عليها بشكل عشوائى وغير مخطط وتؤثر بالسلب على عدم تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء والانتاج الزراعى والملف الثالث هو انشاء المدن الجديدة بشرائحها المختلفة من اسكان اجتماعى ومتوسط وفاخر وسياحي.
ان خريطه مصر العمرانية.. والتى كانت المساحة المأهولة بالسكان لا تتعدي 3.5 ٪ من مساحة مصر البالغة مليوناً والفى كيلو متر مربع عام 1980.. زادت حتى عام 2014 الى نحو 7٪.. لتقوم الحكومة بعد تولى الرئيس السيسى بوضع خطة استثمارية تستهدف الوصول الى هدف 14 ٪ عام 2030 من مساحة مصر الفعلية.. وذلك بفضل انشاء مدن الجيل الرابع واستغلال الظهير الصحراوى للمحافظات لزيادة المساحة المعمورة.. كما تقوم بشق الطرق وانشاء الكبارى بهدف ربط المجتمعات العمرانية الجديدة بالمدن القديمة.. فمنذ عام 2014 بلغ عدد المدن الجديدة المنشأة نحو 24 مدينة بخلاف أخرى تحت التخطيط بانفاق استثمارات بمئات المليارات.
طوال الـ 30 عاماً السابقة قبل 2014 لم تتواجد تجربة حقيقية لبناء الدولة المصرية الحديثة وكان هناك تدهور كبير فى الخدمات العامة وقطاعات البنية التحتية.. وعلينا ان نعترف ان ما قامت به الدولة المصرية السنوات الاخيرة يشبه الاعجاز حتى مع الانتقادات لبعض هذه المشروعات نتيجة تحمل الشعب لجزء كبير من تبعات الاصلاح الاقتصادى والضغط على الموازنة العامة للدولة.. الا انه لتحقيق الهدف كان لابد من اجراء جراحة دقيقة.
فى تلك الفترة نحن فى حاجة ضرورية لتخفيف الضغط على المواطنين والسيطرة على ارتفاع اسعار السلع وكافة الخدمات ولن يأتى ذلك الا باتخاذ اتجاهين متوازيين الاول رقابة الاسواق ومنع الاحتكار ومطاردة المحتكرين والتجار الجشعين وذلك جنبا الى جنب بتشجيع الاستثمارات وزيادة الانتاج ومنح اهتمام أكبر بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تعد قاطرة التنمية الحقيقية للدول والشعوب.. وهنا لابد من ازالة المعوقات والتحديات وفى مقدمتها تعنت وسوء فهم الادارات المحلية فى التعامل معها.. والتى تستخدم القانون بشكل اصم كثيرا ما يضر بالاقتصاد الوطنى وصغار المستثمرين ورجال الاعمال.