بعيداً عن الثوابت والأصول التى تنسدل من مقاصد الشريعة الإسلامية، والعمل على تحقيق الأمن والأمان والاستقرار ودحر صور التعصب وتوقف مبررات العنف والصدام والتفكير الصحيح.
وفى هذا الإطار الواضح نؤكد أن فلسفة تجديد الخطاب الدينى تنبرى على عيار رئيسى لا حياد أو مزايدة حوله بصورة قطعية لا تقبل مجالاً للتشكيك أو المداهنة، وهذا المعيار يتمثل فى العمل بالثوابت والأصول التى تتسق مع مقاصد الشريعة الإسلامية مبدأ التجديد وبؤرة عماده، مع الأخذ بمبدأ تجديد الاحكام فى الفروع والمتغيرات بما يتناغم مع العصر ومستجداته.
وانتقال تجديد الخطاب الدينى من حيز النظرية إلى التطبيق يستهدف لا ريب تأليف القلوب، ويستوعب الأفهام، ويقضى على الأوهام، ويوحد الصف، ويزيد من الهمة نحو النهضة والتقدم، ويحض على حب الأوطان ويصقل ماهية الولاء والانتماء فى النفوس، ويعمل على غرس ثمرات الخير ما دامت السماوات والأرض، فالحياة باتت متجددة فى مجالاتها المختلفة ومساراتها المتلونة، لذا تنطوى ماهية التجديد فى شموليتها كمطلب رئيسى نواكب من خلاله شتى التغيرات المتنامية وفى الأحداث المتسارعة والجارية من حولنا.
ومن ثم نوقن أن تجديد الخطاب الدينى يحفظ على الإنسان آدميته وكرامته، وعلوه على سائر المخلوقات على الأرض، ومكرمته التى أشار الله عز وجل إليه فى محكم التنزيل، وفى هذا السياق يعد تجديد أداة رئيسة لتقويم سلوك الانسان، حيث يحدد له أدواره المستجدة فى زخم التغيرات التى طرأت آثارها على كل شيء، ومن ثم تسهم بقوة فى تعديل سلوكه وتمسكه بقيمه، بما يساعد فى تشكيل الفكر الجمعى لدى المجتمع.
والخطاب الدينى المتجدد يحض على تعضيد الهوية الوطنية رغم ما تواجهه المجتمعات من تطورات متباينة فى الحياة العلمية والعملية والمعيشية، ولا يتوقف دور الخطاب الدينى المتجدد عند هذا الحد، بل يشمل الحياة السياسية والتنموية بكل صورها.
ورسالة طمأنة حيال الدعوة إلى تجديد الخطاب الدينى بشأن من يقوم بهذه المهمة السامية، حيث يتوجب أن تتوافر لدى من يشارك فى هذه القضية الخطيرة أن يتسم بنقاء العقيدة وصحة المنهج، ويبذل الجهد ليصل إلى استنباط احكام شرعية وفق أدلة نقلية وعقلية تسهم فى عمومية النفع للمجتمع وتعدل من سلوكه ليوصف بالقويم، فالتجديد متعلق بكل أمر مستحدث يجتهد المجدد ليضع من الحلول ما يتغلب بها على المشكلات التى تنتج من هذا الأمر، وفى ضوء ذلك إشارة واضحة إلى أن الدين صالح لكل زمان ومكان وعليه بات الخطاب موجهاً بقوة نحو الحوار البناء الذى يقبل الشراكة والمشاركة فى نهضة البلاد وتعضيد أركانها، فلا مجال للمزايدة فوق مصالح الوطن العليا.