بلغت القلوب الحناجر، مرات عديدة طالب الكثيرون بفتح باب الأمل من خلال رؤية واضحة مستنيرة لتجديد الخطاب الدينى لاسيما وقد أصبح ضرورة بل هو ضرورة حتمية.
وفى تقديرى أن الآفة الكبرى تكمن فى عدم الوصول إلى تعريف دقيق لمصطلح التجديد الذى نريده فى الخطاب الديني، مما أحدث حالة من الاضطراب والخلل فى المعالجة.
فهناك من يرى أن التجديد هو عمل لا حدود له على الإطلاق ولا سقف له، ومتى وجدت مصالح العباد فلا مانع من التجديد والاجتهاد ، وإن اصطدم بالنصوص القرآنية وتعارض مع الأحاديث النبوية، حتى لو هدمت بيت «أبوك» وأنت تجدده، بينما التراث العالمى والإنسانى يقوم على صيانة الموروث وآخرون يرون أن التجديد هو ما لا نص فيه من القرآن أو السنة الصحيحة فالغايات ربما تخفى علينا والله تعالى أعلم بأحوال عباده.
نموذج للفريق الثاني: ما يتعلق مثلاً بالمعاملات الحديثة فى البنوك، وأنها تغاير الربا بمسمياته المختلفة، وقد أجمعت فتاوى دار الإفتاء المصرية على إباحتها وجواز التعامل بها ولا حرج فى ذلك، وتحديد سن الزواج للأنثى وغلق المساجد فى وقت الأوبئة.
والتجديد الذى نريده يبدأ بمناهج التعليم العام والأزهرى فى كل المراحل من خلال صياغة جديدة مستنيرة، فحواها الترسيخ لكل ما هو وسطى ومعتدل مع مراعاة ظروف الناس ومصالحهم وترشيد لغة التخاطب مع كل الشرائح.
وربما كان من الضرورى الاهتمام برجل الدعوة ورعايته اجتماعيا وثقافيا وماديا حتى يكون صاحب كلمة وحتى يتمكن من تبليغ دعوته الصحيحة البعيدة عن الغلو أو التفريط والإمساك بتلابيب التخفيف وقد يتحقق ذلك من خلال.
أولاً: التدقيق فى اختيار العناصر الصالحة لأداء الرسالة الموكولة إليهم عبر توقيع الكشف الطبى والنفسى عليهم أسوة بما يحدث عند الالتحاق بالكليات العسكرية والشرطية.
ورجال السلك الدبلوماسى ورجال القضاء.
ثانيا :لا ننكر الدور الذى قامت به وزارة الأوقاف المصرية فى السنوات الأخيرة ومراحل مختلفة من خلال الامتحانات للوقوف على صلاحية المتقدمين لشغل وظيفة «إمام وخطيب مسجد»، وإن كنت أرى أن هذه المسابقات أثمرت عن وجود أئمة نبلاء لا دعاة، وقد زاع صيتهم.
ثالثاً: تغيير نمط الدورات التدريبية المؤهلة لرجال الدعوة، وليكن الحوار والمناقشة هو العنوان الأبرز لهذه الدورات لفلترة العقول وترشيدها ومحو ما علق بها فى سنوات الصبا.
رابعا : أن يقتصر أمر الفتيا على المؤهلين لها.
واذا كنا بصدد البحث عن آفاق جديدة لتجديد الخطاب الديني، فإننا لا نغفل عن أن من رواد التجديد علماء ما زالوا رغم رحيلهم قبلة للرجوع إلى أطروحاتهم .
وكان الإمام الراحل من أوائل من نادوا بالإصلاح الدينى وتجديد الفكر الإسلامي .
ليتنا نعود إلى أزمان الإسلام الزاهرة الوارفة اليانعة . يومها كانت لنا الريادة والصدارة ..
مشروع نهضوى كبير لتجديد الخطاب الدينى ننتظر تدشينه، فهل يتحقق؟. وهل نجد ثماره على أرض الواقع؟أمل يراودنا.
وما ذلك على الله بعزيز .