تحدثت فى المقال السابق عن أهمية دور المدرسة فى تربية الأجيال الجديدة من أجل حمايتهم وتحصينهم من ويلات وتداعيات ما يحدث فى العالم من صراعات ومشاهد مأساوية وسلوكيات وأفكار شاذة وغريبة، وغزو ثقافى متعمد فى محاولة لاحتلال العقول وتشكيلها طبقاً لمخططات، وفى الحقيقة أن استعادة دور المدرسة يحتاج لإرادة قوية بلا تفريط، مع وضع رؤية شاملة لمحتوى اليوم الدراسى الذى يجب أن يتوازن ما بين التعليم والترفيه والتثقيف، والرياضة، والنقاش والحوار والتعليم التفاعلي، ورصد حقيقى لأهم التحديات التى تواجه المجتمع، وأهمية ربط دور الأسرة بدور المدرسة، لذلك يجب أن تكون هناك حوارات مستمرة ولقاءات متواصلة بين المدرسة «المعلم»، وأولياء الأمور، والاطمئنان باستمرار على نواتج التعلم والتربية فى المدرسة ومن المهم تشكيل مكتب فنى يجمع بين كل التخصصات «التعليمية والتربوية والنفسية» لكل إدارة تعليمية تعمل على متابعة محصلة التعليم والتربية فى المدارس.
مع الحديث عن دور الأسرة والمدرسة، علينا النظر أيضاً فى القضاء على ثقافات «التوك توك»، والميكروباص، والفوضى والزحام، وبقايا سلوكيات العشوائيات، فلا يعقل أن يختطف «التوك توك» «الصنايعية المهرة» الذين كانوا يجمعون بين المهارة وأخلاق أولاد البلد من شهامة وأمانة، لذلك ذهب الكثيرون منهم إلى «التوك توك» الأكثر راحة، والأسرع مكسباً، بالإضافة إلى أن التسرب من التعليم، من أهم أسبابه «التوك توك»، وهو ما رسخ سلوكيات وألفاظاً وثقافة، وممارسات غريبة.
تتجه وزارة التربية والتعليم الاستحداث منهج دراسى جديد هو مادة الوعي، فلماذا لا يكون هناك منهج دراسى عن «الرقي» «لمحاربة ثقافات غريبة، وسلوكيات شاذة أيضاً، ولابد من إنهاء ظاهرة «السناتر» لاستعادة دور المدرسة، وعود المكتبات بدلاً من «الكافيهات»، وتعليم الأبناء فضيلة الكفاح والنضال والتفانى والتعرف على العالم وتمكينهم من أساليب التفكير والابتكار»، وأيضاً الحرص على الاستقامة والاعتدال والوسطية، والحوار والنقاش بدلاً من الانحراف والتطرف والمغالاة والانغلاق وقبول الرأى والرأى الآخر، للأسف عندما تمر من أمام المراكز أو السناتر التعليمية تجد تلاميذ وطلاباً يتشاجرون ولا يتحدثون، الذراع بدلاً من اللسان، بل إن هناك معارك أمام السناتر تصل إلى استخدام الأسلحة البيضاء، لذلك يجب تربيتهم على استخدام الحوار والنقاش والحديث المتبادل بدلاً من الصدام واستخدام الأيادى أو السلاح.
نحن أمام ظواهر غريبة علينا، نستطيع أن نتخلص منها إذا امتلكنا الإرادة والرؤية والموضوعية فى التقييم، والخروج على النمطية والتقليدية، فإذا كنت تبحث عن دور المدرسة فى التربية فأين المدرسة فى الأساس، وأين المعلم فى بعض الأحوال فهو منهك ومثقل ومشغول بالدروس الخصوصية، وهى تجارة مربحة لجأ إليها حتى غير المعلمين من تخصصات الهندسة والعلوم، واللغات وتدر عليهم دخلاً وفيراً ومغرياً، لابد من إعادة الانضباط والاستقامة للمسار التعليمى قبل الحديث عن التطوير، والتربية.
أيضاً يجب إعادة النظر فى طريق التعليم والتعلم والاتجاه إلى التعليم التفاعلى المباشر الذى يشبه ورش العمل الفكرية والحوارية، وهنا يجب أن يوصى المعلم بالقراءة المبدئية والاستباقية للدروس ووحدات المنهج الداسي.
فى إطار تجديد الخطاب التربوي، يجب أن أتوجه بالتحية والتقدير لرؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى فى التوسع العمراني، ومضاعفة المساحة العمرانية التى يعيش عليها المصريون للتخلص من آثار وسلبيات وسلوكيات الزحام والتكدس والاختناق بالإضافة إلى القضاء على العشوائيات وما خلفته من كوارث سلوكية وتربوية كانت تشير إلى وجود قنابل مجتمعية موقوتة.
وفى هذا الإطار على كل مسئول أن ينفذ الرؤية التى تتبناها الدولة ويلمس الجميع نتائجها وعوائدها دون إطلاق العنان لمقولة «كله تمام» وهذا الأمر يشكل آفة قديمة قضى عليها الرئيس السيسى من خلال حرصه على المتابعة المستمرة، والاطمئنان على المواصفات والمعايير والعوائد لكل عمل ومشروع لذلك يجب أن تترسخ هذه الثقافة فى كل المجالات بما فيها التربوية والسلوكية.. وللحديث بقية.