ما يجرى الآن حولنا يحتاج إلى اليقظة والانتباه والوعى والفهم، ما يجرى لاشقائنا فى كل مكان أمر يدعو لمزيد من الحذر، الجيوش العربية تفككت فى العراق بعد الاحتلال بقرار أمريكي، وفى سوريا الآن بقرار من أبنائها المتطرفين، وقبلها فى ليبيا واليمن ولبنان والصومال، تفككت الجيوش بخطة فوقعت الدولة الوطنية دون خطة، لذلك أقول تبا لأصحاب الغفلة، والذين يتبنون فكر التغييب ويمتدحون التهييج، ففى سوريا أقول، لا قلب لمن يحزن على رحيل الاسد ولا عقل لمن يؤيد الارهابيين لحكم سوريا، صاحبة الجيش الأول الذى تبخر تحت اقدام المرتزقة.
>>>>>>>
وهنا أتذكر قول الحكيم الشاعر قس ابن ساعدة احد شعراء وحكماء ووجهاء الجاهلية حيث قال فى ثنايا خطبة عصماء «تبا لأرباب الغفلة» حيث قال «أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا وَعُوا، مَنْ عَاشَ مَات، وَمَنْ مَاتَ فَات، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آت.. مطر ونبات وأرزاق وأقوات وآباء وأمهات وأحياء وأموات جمع وأشتات، لَيْلٌ دَاج، وَنَهَارٌ سَاْج، وَسَماءٌ ذَاتُ أبْرَاجٍ، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ومهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تَمور، وبحار لا تغور، وَنُجُومٌ تَزْهَر، وَبِحَارٌ تَزْخَر.. إِنَّ فِى السَّمَاءِ لَخَبَراً، وإِنَّ فِى الأرضِ لَعِبَراً، مَا بَاْلُ النَّاسِ يَذْهبُونَ وَلاَ يَرْجِعُون؟!، أرَضُوا فَأَقَامُوا، أمْ تُرِكُوا فَنَامُو؟!، تباً لأرباب الغفلة من الأمم الخالية والقرون الماضية وهذا هو بيت القصيد وعقدة مقالنا هذا.
>>>>>>>
يواصل الأيادى صرخته فى الناس بقوله « أيْنَ الآبَاءُ والأجْدَادُ؟، وأيْنَ الفَرَاعِنَةُ الشِّدَادُ؟، أَلَمْ يَكُوْنُوا أكْثَرَ مِنْكُم مَالاً وأطولَ آجالاً؟، طَحَنَهُم الدهْرُ بِكَلْكَلِهِ، ومزَّقَهم بتطاوُلِه.. وأقسم بالله قَسَماً لا إثم فيه إن لله ديناً هو أرضَى لكم وأفضل من دينكم الذى أنتم عليه، إنكم لتأتون من الأمر منكراً».
وعلى ذكر قس ابن ساعدة أتذكر افضل ما قاله من حكم حيث قال: «إذا خاصمتَ فاعدل، وإذا قلتَ فاصدق، ولا تستودعنَّ سرك أحداً، فإنك إن فعلتَ لم تزل وجِلاً ومَن عيَّرك شيئا ففيه مثله، ومَن ظلمك وجد مَن يظلمه، وإذا نهيتَ عن الشيء فابدأ بنفسك، ولا تشاور مشغولاً وإن كان حازماً، ولا جائعاً وإن كان فهِماً، ولا مذعوراً وإن كان ناصحا.
>>>>>>>
وهنا أقول قولى الفصل عن حتمية اليقظة والإدراك للأمم والشعوب من خلال سير السابقين وتجارب الآخرين وكما يقول القائل أنا لست غبيا حتى أتعلم من اخطائى على ان أتعلم من اخطاء الآخرين، فأن يدرك الناس أنهم فى مأزق فهذا الإدراك يمثل أولى خطوات الخروج من المأزق – اى مأزق -، لكن السؤال المهم هنا هل تدرك الامة المأزومة أنها مأزومة ووصلت إلى مرحلة المأزق ؟ هل يرى الإنسان المحاصر أنه محاصر ؟ ربما يكون الشخص المأزوم غارقاً فى التفاصيل ولا يكاد يرى أبعد من تحت أقدامه، فكل منا ينظر فقط إلى وضعه وحاله وإمكاناته وطموحاته واهدافه ووعوده وتحدياته ويهمل فى النظر إلى الآخرين وإمكاناتهم وطموحاتهم وتحدياتهم، من هنا لا يرى كلانا الآخر إلا فى مراحل النهاية أو المواجهة والنزاع والصراع، ففى البداية يخوض الشخص المواجهة ويدير النزاع وهو لا يرى إلا نفسه أما فى ساحة الصراع فقطعا سيرى عدوه او منافسه وهنا سيخفت صوت غروره قليلا ويبدأ فى مراجعة قراراته وتعديل أولوياته واهدافه وفقا لما رآه فى ساحة النزال، ولو كان قد وقف على حقيقة الآخر لما حدث الصراع من الأساس.