يؤكد ما سردناه آنفاً ما جاء فى كتاب فهمى خشيم «العرب والهيروغليفية»، نقلاً عن محمد رشدى المصرى «8331 هجرية»: «سبق العرب علماء أوروبا فى حل رموز الخطوط القديمة وترجمة كتبها إلى العربية، ولا أخال أن أوروبا توصلت إلى حل رموز الآثار والوقوف على علوم من سبق من الأمم إلا بواسطة كتب العرب وترجمتها إلى لغتهم». ويستطرد: .. فمن ذلك ما رأيته بعينى وطالعت فيه بنفسي، وهو كتاب (شوق المستهام إلى معرفة رموز الأقلام) لأحمد بن وحشية النبطي… وهنيئاً لعلماء أوروبا الذين ترجموا هذا الكتاب إلى لغتهم، فقد ترجمه الإنجليز منذ مائة وعشرين سنة، ووقفوا بواسطته على آثار الأمم الماضية… فأعمال المستشرقين ووقوفهم على حل رموز الآثار ما هى إلا نتيجة بحثهم فى هذا الكتاب ووقفهم عليه وإخفائه عنا حتى لا نسبقهم». وقد أدلل فضلاً عما سردته من أسانيد، بحجة أخرى وهى أن جون شامبليون لم يكن منفردا فى بحثه على اللغة المصرية القديمة وإنما كان قبله محاولات عدة عند اكتشاف حجر رشيد عام 1799 الذى يحمل نصاً متوازياً بالهيروغليفية والديموطيقية واليونانية، وكان مفترضا أن تدعم الترجمة اليونانية للنص المصرى القديم المصاحب لها، وسلك فى هذا المسار العالمان «أنطوان إيزاك سلفستر دى ساسي» و»يوهان ديفيد اوكرلاد» لكن دون جدوى حقيقية، وأكمل «يانغ» جهدهما فى ملاحظة أن الأحرف الديموطيقية كانت مشتقة من الهيروغليفية وهى اللغة الأم، وحدد العديد من العلامات الصوتية فى الديموطيقية، حدد أيضاً معنى العديد من الكتابات الهيروغليفية، من خلال مقارنة اسم ملك مصرى من أصل أجنبى وهو «بطليموس الخامس». ومع أوائل عشرينيات القرن التاسع عشر قارن شامبليون خرطوش بطليموس مع الخراطيش الأخرى وأدرك أن الكتابة الهيروغليفية هى خليط من العناصر الصوتية والإيديوغرامية، وتم اتهامه فى الاوساط العلمية باقتباس أفكار «يانغ» دون الاشارة الى فضله العلمى فى تقريب الحلول له، وتدريجيا أقنع شامبليون الأوساط العلمية بأنه صاحب الحق الأوحد فى ترجمة حجر رشيد. حتى جاء «كارل ريتشارد ليبسيوس» وصحح أهم العيوب الأساسية فى عمل شامبليون، وجاء بعده «إيمانويل دى روجيه» الذى قدم فهما واضحا عن اللغة المصرية بشكل تام يمكن من ترجمة حقيقية وعلمية للنصوص المصرية القديمة.. ونعود لترجمة كتاب «شوق المستهام» لابن وحشية النبطى الذى قدمه المستشرق النمساوى جوزف همر عام 1809 أى قبل 16 عاما قبل اكتشاف شامبليون. ويبقى السؤال البديهى هل أطلع شامبليون على الكتاب المترجم «شوق المستهام» مع العلم بانه درس لزمن طويل لغات الشرق واطلع على ما ترجمه المستشرقون عن اللغات القديمة .