وسط ترقب فلسطينى ودولي، تواصل إسرائيل تصعيدها العسكرى فى الضفة الغربية بالتزامن مع مماطلتها فى تنفيذ التزاماتها ضمن اتفاق الهدنة. فقد أرجأت إسرائيل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين فى الدفعة السابعة، متذرعة بانتهاكات مزعومة من قبل حركة حماس، وهو ما اعتبرته الحركة «خرقًا واضحًا» للاتفاق.
بالتوازى مع هذه الممارسات، صعدت إسرائيل عملياتها العسكرية فى شمال الضفة الغربية، حيث تم نشر دبابات وكتائب قتالية لأول مرة منذ أكثر من 20 عامًا، فيما حصل الجيش على الضوء الأخضر للبقاء فى مخيمات اللاجئين لفترات طويلة. وقد أسفر هذا التصعيد عن تهجير أكثر من 40 ألف فلسطينى من مناطق جنين وطولكرم، وسط تدمير للبنية التحتية وتشريد آلاف العائلات.
وفى ظل هذه الممارسات، تستمر إسرائيل فى تعزيز مشروعها الاستيطاني، حيث كشفت منظمة «السلام الآن» عن خطط لبناء أكثر من 1000 وحدة استيطانية جديدة، مما يعكس نية الحكومة الإسرائيلية فرض واقع جديد على الأرض يمهد لضم الضفة الغربية بشكل كامل. وتأتى هذه التحركات فى ظل حديث رئيس مجلس المستوطنات عن اعتبار عام 2025 «فرصة تاريخية» لاستكمال عملية الضم، خاصة مع التغيرات السياسية المحتملة على الساحة الدولية.
الاستراتيجية الإسرائيلية تعتمد على سياسة المراوغات العسكرية والتصعيد الأمني، ليس فقط لفرض سيطرة أوسع على الضفة الغربية، بل أيضًا لإضعاف السلطة الفلسطينية ودفع الفلسطينيين إلى خيارات صعبة، سواء عبر التصعيد الشعبى أو البحث عن حلول دبلوماسية بدعم عربي. ومع اقتراب انعقاد القمة العربية، يترقب الفلسطينيون تحركًا دبلوماسيًا لوقف الانتهاكات المستمرة ومنع التهجير، وسط تعويل على الدور العربي، لا سيما فى ظل التحركات الدولية المتزايدة لعقد مؤتمرات تعيد القضية الفلسطينية إلى الواجهة.
إجمالًا، يبدو أن إسرائيل لم تتخلَ عن مشاريعها الاستيطانية ولم تتراجع عن سياساتها العسكرية، بل تتجه نحو تكريس سيطرتها على الأرض، مما يعيد المنطقة إلى سيناريو الاحتلال المباشر، فى ظل صمت دولى وتواطؤ بعض القوى العالمية مع الممارسات الإسرائيلية القمعية.
لم يكتف الاحتلال بذلك، بل طالت ممارساته الهمجية الأسرى الفلسطينيين فى سجن «عوفر» فى ظل تدهور الأوضاع الجوية وبرودة الطقس القاسية، مما زاد من معاناة الأسري. ووفقًا لنادى الأسير الفلسطيني، فإن إدارة السجن صعدت من ممارساتها القمعية، حيث اقتحمت قوات القمع عدة أقسام مستخدمة الكلاب البوليسية والغاز المسيل للدموع، مما أسفر عن وقوع إصابات بين الأسرى بدرجات متفاوتة.
بالإضافة إلى العنف الجسدي، عمدت إدارة السجون إلى استخدام البرد القارس كوسيلة لتعذيب الأسرى عبر منع إدخال الملابس الشتوية والأغطية الكافية، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية التى تكفل حقوق الأسري. تفاقم هذه الأوضاع يشير إلى نهج ممنهج من قبل الاحتلال لتضييق الخناق على الأسرى الفلسطينيين، خاصة فى ظل تصاعد العدوان الإسرائيلى فى الضفة الغربية وقطاع غزة.