حادث مأساوي مروع.. ضحيته “طبيب شاب” في بداية حياته العملية بمستشفي أسيوط الجامعي.. انتابته حالة نفسية سيئة نتيجه لضغوط العمل والذي كان يصل لـ36 ساعة متواصلة.. اختفي بعدها فجأة ليعثر عليه أخيرًا وبعد رحلة بحث جثة هامدة في مياة ترعة الإبراهيمية بالقرب من جهة عمله وفي ظروف غامضة وسط صدمة وأحزان الجميع.. روايات كثيرة تتردد عن ملابسات الحادث المثير للدهشة والغرابة ومنها انتحاره وهو الأمر الذي ترفض اسرتة تقبله وتطالب الأجهزة الأمنية بحل اللغز وكشف المتورطين في الجريمة وضبطهم حتي تبرد نارهم ولايضيع دمة هدرا.. وتواصل النيابة التحقيق.
حكاية”طبيب العظام” أصبحت حديث الناس في كل مكان وأصابت كل من سمع بها بالفزع والرعب.. الكل غير مقتنع بأقدام شاب متدين وملتزم في حياتة علي هذا التصرف خاصة وانة كان يستعد للزفاف علي عروسة قريبا.. لكن الشي الأهم والرابط الذي تم الإجماع علية لو صدقنا فرضية تخلصة من حياته بهذة الطريقة البشعة فإن السبب الذي جعل الدنيا تسود في عينية وينهار نفسيا هوالقهر والضغط علية في العمل وبطريقه تفوق احتمال اي إنسان من أناس ومسؤلين لاتعرف قلوبهم الرحمة وهو مااكده الكثير من زملائة.. الأمر الذي يستوجب تحديد المتهمين والقصاص منهم بالقانون.

بداية المأساة
ولنروي القصة من البداية فهي للشاب الطموح علي جلال ابن قرية الروضة بمركز ملوي بصعيد محافظة المنيا هواصغر اخوته.. عانت أمه السيدة البسيطة الأمرين في رعايتة بعد وفاة والده.. كان لة تقدير ومحبة خاصة لديها علي اعتبار انة “آخر العنقود” الذي لا يفارقها أبدا ولاترفض لة طلبا قط وكأن بينهما عشق وغرام.. هكذا سارت الحياة التي تحملت فيها الكثير حتي يقف علي قدمية مثل أشقائه ويكون له شأن كبير.. ليقوم بدورة هو الآخر وبعيدا عن حياة “المراهقة وطيش” الشباب وتهورهم بتنفيذ رغبتها واستطاع بجد واجتهاد وتحد والتزام تام أن يحقق أملها في دخول كلية الطب ليري السعادة والفرحه في عينيها وهي تدعو له بإن تراه طبيب كبير في المستقبل القريب وعونا البسطاء والمحتاجين.
حلم الأم
ظلت الأم تحلم بانتهاء مهمتها مع الابن البار.. تحرم نفسها لتوفير احتياجاته وإسعاده حتي لايكون اقل من احد حولة ولايعاني الحرمان ..الي ان حانت لحظة تخرجه بعد اكثر من ست سنوات عصيبة مضت بحلوها ومرها لتحصد اخيرا ثمار جهدها وشقاء العمر الذي استثمرته في “فلذة كبدها الدكتور علي” في وقت تمنت فيه وجود والدة الراحل ليراه رجلا علي قدر المسؤلية وفخرا لاهله ونصيرا لهم.. ولم تكتف “ست الحبايب” بذلك بل كانت المفاجأة وهديتها له فور انتهاء مشواره التعليمي خطبته لفتاة أحلامه والبدء بسرعة تجهيز شقته لتفرح بة في حياتها علي حد تعبيرها له ..ليسرع الشاب الطموح والمطيع بتقبيل يديها وهو يعدها بدموع الفرحة والأحضان المتبادلة بان يعيش عونا وخادما لها ماتبقي من العمر ليعوّضها قدراستطاعته بماتحتاج إلية بعد ان “هدها “المرض وأعياها التعب.
استلام العمل
بعد ساعات معدودة من التخرج ومنذ عدة اشهر سارع الابن باستلام تكليفه بالعمل بمستشفي الجامعة بمحافظة أسيوط وهو في قمة الفرحة والسعادة داعيا المولي عز وجل دوما بالتوفيق في حياتة العملية والوقوف بجانب الغلابة والمحتاجين” بشطارته” تنفيذا لوصية الام لكن بمرور بدأ يشعر بضغوط في العمل تفوق طاقته واحتمالة “كطبيب عظام” مقيم .. نوبتجيات مستمرة تصل ل٣٦ ساعة متواصلة بدون نوم او راحه لمواجهة عجز الأطباء ليجد نفسة دوما محاطا بطابور طويل يصل الي٨٠ مريضا في بعض الأحيان لايستطيع ترك اي منهم أوالتقصير في حقهم تقديرا للأمانة واحساسا بالناس البسطاء .. وظلت الأمور علي هذا الحال الي ان سقط مغشيا عليه مصابا بانخفاض في الضغط واشياء اخري استدعت تركيب المحاليل لة ليقوم بعد افاقتة بمواصلة رحلة الشقاء مرة اخري.
مهموم وحزين
حاول الطبيب ابن الـ “24عاما” وعلي حد قول بعض الزملاء الشكوي والاستغاثة من عدم قدرتة علي التحمل ولكنة كان يقابل دوما بضرورة الصبر خاصة انة دكتور مقيم وفي بداية حياته العمليه ولابد من ان يثبت وجوده ونجاحه ليستسلم لقدرة ويصاب بحالة نفسية سيئة جعلتة يشعر” بالقهر” امام عدم قدرتة علي العودة لاهلة لفترات طويلة اوالراحة بالشكل المطلوب ودون ان يشعر احد به ..لتتدهور حالتة وتسود الدنيا في عينيه وتتحطم أحلامه علي ارض الواقع ويعيش مهمموما وفي عزلة تامه الي أنتهي من عملة المتواصل آخر مرة ليغادر المستشفي ويسرع لاستراحة العمل وينام بملابسة “والبالطو الأبيض” بعد غلق تليفونه رافضا الكلام مع اي شخص حتي لو كان من اهلة الذين شعروا بالقلق علية لتكون النهاية والصدمة المدوية بعدها بساعات.

لغز محير
أمام تغيب “الدكتور علي وعدم توجهة للعمل كعادته وفشل الزملاء والمسؤلين في تفسير ذلك الأمر اضطر الأهل الي الابلاغ وتحرير محضرا بغيابة وسط حالة قلق ورعب خوفا من تعرضة لمكروه وظلت عمليات البحث من الجميع وخاصة زملاء العمل الذين يعلمون بمأساتة الي كانت الصدمة بالعثور علية جثة طافية بمياة ترعة الإبراهيمية بالقرب من عمله.. وتم استخراجها بمعرفة رجال الامن ونقلها للمشرحة في مشهد حزين ..وتحليلا للموقف والضغوط التي عاني منها كثيرا ظن البعض إنتحاره بسببها وهو مارفضة الأهل وهم يتساءلون ..كيف له أن يتخلص من حياتة بهذا الشكل وهوانسان ملتزم دينيا وكان صواما وقواما ويؤدي فروض الصلاة في أوقاتها وصائم العشر الاوائل من ذو الحجة لذلك فإن هذا التصرف يتنافي مع معتقداته الدينية وغير مقنع خاصة وانة كان يستعد لزفافه علي عروسة خلال هذا العام.
مشهد صادم
أجهزة الأمن برئاسة اللواء وائل نصار مدير أمن أسيوط تجري عمليات فحص وبحث وتحري واسعة النطاق للوصول للحقيقة في نفس الوقت الذي تجمعت فية اسرة الطبيب الضحية بمشرحة المستشفي لتسلم الجثمان بقرار من النيابة والتوجه به لبلدتهم بمحافظة المنيا والدفن في جنازة مهيبة حضرها المئات وسط حالة انهيار وإعياء شديد للام المكلومه وباقي الأهل مطالبين رجال الامن بسرعة كشف الحقيقة الغائبة حتي تهدأ نيران الغضب والحزن داخلهم مؤكدين بانه إذا كان الأمر انتحارا او غير ذلك لمن كان يحظي بحب الجميع واحترامهم فإن لة لة دوافع تعرض لها ودمرته نفسيا وتستوجب الحساب وهو ماتكشفة تحقيقات النيابة بعد سماع الشهود وتحريات المباحث.
وفي أول تعليق رسمي على وفاة الطبيب الشاب، نفى الدكتور علاء عطية عميد كلية الطب ورئيس مجلس إدارة مستشفيات جامعة أسيوط، وجود أي مؤشرات تدل على تعرضه لضغوط عمل استثنائية قبل وفاته.
وقال إن الطبيب الراحل كان يؤدي عمله وفق الجدول المحدد لة دون اعتراض و بشكل طبيعي وكعادتة سلم النوبتجية آخر مرة ثم اختفى بعد ذلك، وهو ما دفع أسرته إلى إبلاغ الجهات المعنية والعثور علي جثتة بعدها بهذا الشكل غير المتوقع والصادم لهم جميعا.