اقترب موعد شهر رمضان الكريم، وبدأت رياح الدراما الجديدة تهب علينا ومعها اسماء المسلسلات التى يتم اعدادها الآن لنراها بعد شهر واحد تقريبا، وبدأت ايضا موجة التوقعات الاعلامية لفرز الاسماء التى سنراها على شاشاتنا من النجوم والنجمات، والنجوم اولا دائما فى الاهتمام الإعلامى مع ان المفروض ان يكون الاهتمام الاول موجها للكتاب والمؤلفين للأعمال الدرامية، ثم المخرجين، فبدون كاتب قوى قادر على وضع حدث البداية وتطويره فى بناء قوى ومنطقى ومحكم إضافة إلى بناء شخصيات العمل ومتابعتهم كبشر من لحم ودم وصولا للأفكار والرسائل التى نكتشفها كمشاهدين ونخرج بها فى النهاية سعداء بما رأيناه، أو محبطين وربما غاضبين، «وقد نصب غضبنا على نجوم التمثيل فى العمل الذين اختارهم المخرج بعناية، ووجههم بحرفية فقدموا أداء رائعا» أقول بدون الكاتب القوى والمخرج المتمكن يصبح من الصعب ان يسبح الممثل فى بحر العمل، مهما كانت شهرته، ومن هنا فإن مهرجان الدراما السنوى فى رمضان اصبح مقياسا مهما لنا، من المشاهدين فى كل بلد عربي، إلى النقاد وبالطبع العاملين فى المهن الدرامية نفسها، وكل فئة تذهب إلى ما تريده من معرفة عدد الأعمال الجديدة، واكتشاف الأفكار المهمة، والتقدم المهنى فى أداء العاملين بالتمثيل والتصوير والمونتاج والإخراج وكل مفردات العمل، باختصار، اصبح موسم الدراما الرمضانى مهرجانا حقيقيا مفتوحا نعرف منه جميعا حالة الفن الدرامى التليفزيونى فى مصر وكل بلد عربى ينتج هذه الأعمال، وأى فكر شغل صناع الدراما، وهل هو فكر حديث متجاوب مع احداث العالم حولنا والحياة عندنا، ام انه فكر تقليدى لا زال يفكر مثل الأجداد،وليتحول الموسم الدرامى إلى اختبار حقيقى للعاملين بالفن، ورهان على المستقبل وهناك من خسر هذا الرهان فى السنوات القليلة الماضية لتمسّكه بأفكار لفظها الزمن برغم حشد النجوم، وهناك ايضا من كسب الرهان لإصراره على إعلاء كلمة الحق وسط غيوم مجتمعية، ولعل الملاحظة المهمة هنا هى تراجع مسلسلات الشهر، اى الثلاثين حلقة، فى مقابل مسلسلات الخمسة عشر حلقة، وهو تقليد قديم للدراما المصرية وليس مأخوذا من أعمال المنصات كما يظن البعض، وأهمية هذا فى تعبيره عن زمن مختلف، ومشاهد غير صبور، والتركيز على القضية أو الشخصية المحورية للعمل بدون ضياع للوقت والجهد.
ايهما نرى «المسلسل»، أو «الاعلان» على الشاشات الآن مباراة اخرى غير مباريات الكرة تخص الإعلانات التى زادت بشكل كبير،وفى موسم الدراما الرمضانى واشتكينا كثيرا منها منذ سنوات، وسوف نشكو بعد ان أضاف صناع الإعلانات المزيد من كبار النجوم اليهم الآن، ولم يمانع هؤلاء من الحركة، بل والرقص، داخل الإعلانات وكأنها دراما فكيف سنفرق كمشاهدين بين «فلان» بطل المسلسل وبينه وهو بطل إعلان يقوم فيه ايضا بالواجب التمثيلي! وهل من الممكن ان يمتزج الاثنان بذاكرتنا فتضيع ملامح الدراما، خاصة مع الحرص على إذاعة الإعلان فى فواصل المسلسل وكأن القناة تخيرنا بينهما، ولماذا هذه الحرب علينا كمشاهدين؟