- مفاجأة في الطريق؟.. لماذا قد يغير البنك المركزي سياسته قريبًا
- التثبيت الآن والخفض لاحقًا.. خطة البنك المركزي لإنقاذ النمو مع كبح التضخم
- هل نهاية سياسة الفائدة المرتفعة قريبة؟.. قراءة في إشارات البنك المركزي
- الاقتصاد تحت الاختبار.. قرار الفائدة القادم قد يُحدد مسار التعافي
تباينت آراء خبراء الاقتصاد بشأن اتجاه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي خلال اجتماعها المرتقب 22 مايو المقبل، حيث يرى فريق منهم أن هناك فرصة قوية لتثبيت أسعار الفائدة خاصة في ظل رغبة البنك المركزي في دعم معدلات النمو وتحفيز الاستثمار بعد سلسلة من الزيادات الكبيرة خلال الفترة الماضية، إلى جانب استقرار نسبي في السوق وتراجع معدلات التضخم على أساس سنوي، وايضا مع هدوء الحرب التجارية بين أمريكا والصين.
في المقابل، يتوقع فريق آخر أن يتجه المركزي إلى رفع جديد في أسعار الفائدة بنحو 1% إلى 2% لمواجهة الارتفاع الشهري في التضخم خلال أبريل، وللحفاظ على جاذبية أدوات الدين الحكومية في ظل المنافسة مع الأسواق العالمية.
ويشير هذا التباين إلى أن قرار لجنة السياسات النقدية سيكون مرهونًا بتوازن دقيق بين السيطرة على التضخم من جهة، ودعم النشاط الاقتصادي من جهة أخرى، وسط مراقبة حذرة للمتغيرات المحلية والعالمية، مع استهداف الخفض التدريجي لأسعار الفائدة في الاجتماعات على مدار العام.
وأوضح الخبراء، أن أسعار الفائدة تلعب دورًا رئيسيًا في تحقيق التوازن بين استقرار الأسعار ودعم النمو الاقتصادي، حيث يستخدمها البنك المركزي كأداة لضبط السيولة والأسعار. فعند ارتفاع التضخم، تُرفع الفائدة للحد من الاستهلاك وتقليل الأسعار، كما حدث بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
وأضافوا أنه في حالات تباطؤ النمو أو انخفاض التضخم، تُخفض الفائدة لتحفيز الإنفاق والاستثمار. ويكمن التحدي في الموازنة بين هذين الهدفين المتعارضين، بما يعكس رؤية البنك المركزي للمتغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية.

توقع الدكتور رمزي الجرم، الخبير الاقتصادي، أن تتجه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعها المقبل بمقدار يتراوح بين 1% و2%، وذلك في ضوء الارتفاع الأخير في معدلات التضخم وتزايد الضغوط السعرية على السلع والخدمات.
وأوضح الجرم أن هذا الرفع المحتمل يستهدف احتواء التضخم وكبح جماح ارتفاع الأسعار، خاصة بعد أن أظهرت بيانات أبريل ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات التضخم، ما يستدعي تحركًا استباقيًا من البنك المركزي للسيطرة على توقعات التضخم والحفاظ على استقرار الأسعار، إلى جانب دعم جاذبية الجنيه المصري في مواجهة الضغوط الخارجية
وأضاف أن قرار لجنة السياسة النقدية في اجتماعها الأخير بخفض سعر الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس، بعد سلسلة من الزيادات وصلت إلى 19% منذ مارس 2022، يمثل بداية لمرحلة جديدة من التيسير النقدي، مشيرًا إلى أن هذا القرار أثار قلق قطاع واسع من المدخرين، لا سيما من الأفراد الذين يعتمدون على العائدات البنكية كمصدر دخل أساسي.
وأشار إلى أن البنوك استجابت سريعًا لهذا التخفيض عبر لجان الأصول والخصوم لديها، حيث خفضت أسعار العائد على شهادات الادخار بما يتناسب مع قرار المركزي، ما يعني تراجعًا بنحو 2.25% على المنتجات الادخارية الجديدة المطروحة اعتبارًا من 27 أبريل.
أشار الجرم إلى أنه من المرجح أن تخفض لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة بنحو 400 نقطة أساس إضافية حتى نهاية العام، إذا استقرت الظروف الاقتصادية، وهو ما سينعكس على مزيد من التراجع في العوائد البنكية، لكنه سيقابل بتحسُّن في القوة الشرائية للنقود مع تراجع معدلات التضخم، مما يحافظ على قيمة المدخرات الحقيقية.
ولفت إلى أن الفائدة المرتفعة في الفترة الماضية كانت تُعوض جزئيًا تآكل القيمة الشرائية للنقود بفعل التضخم، لكن مع تراجع معدلات التضخم، فإن الفائدة المنخفضة لن تعني بالضرورة خسارة حقيقية للمُودعين، بل على العكس، فإن القيمة الحقيقية للنقود سترتفع، وسيتمكن المواطن من شراء سلع وخدمات أكثر بنفس المبلغ من المال، وهو ما ينعكس إيجابًا على مستويات المعيشة والنمو الاقتصادي ككل.

توقع الخبير المصرفي أحمد شوقي أن تتجه لجنة السياسة النقدية إلى تثبيت أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل، وذلك في ظل الارتفاع الأخير في معدلات التضخم خلال شهر أبريل، والذي قد يدفع البنك المركزي إلى التريث قبل اتخاذ أي خطوات جديدة بشأن الفائدة.
وأضاف أن الاستقرار في أسعار الفائدة خلال هذه المرحلة يهدف إلى مراقبة تأثير التخفيضات السابقة وتقييم مدى استيعاب السوق لها، خاصة مع استمرار الدولة في تنفيذ حزمة من الإجراءات الاقتصادية تستهدف دعم النمو دون التسبب في ضغوط تضخمية إضافية.
أشار إلى إن التغيرات الاقتصادية الأخيرة، خاصة التراجع الملحوظ في معدلات التضخم، دفعت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري إلى خفض أسعار الفائدة في اجتماعها الأخير، في إطار توجه عام لخفض أعباء الفائدة على الموازنة العامة للدولة، وتحفيز النمو الاقتصادي.
وأشار شوقي إلى أنه من المتوقع أن تتجه لجنة السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة إلى اتباع سياسة خفض تدريجي لأسعار الفائدة، وليس بشكل متتالي أو سريع، وذلك بهدف تقييم تأثير هذه القرارات على الأسواق، ومدى قدرتها على الاستجابة، وكذلك على معدلات النمو الاقتصادي.
وأضاف أن التوازن بين معدلات التضخم وأسعار الفائدة أصبح أمرًا ضروريًا، لا سيما في ظل تراجع التضخم، وهو ما أتاح للمودعين الاستفادة من معدل عائد حقيقي موجب، على عكس ما كان سائدًا خلال الفترات الماضية حينما كانت معدلات التضخم تتجاوز الفائدة، مما أدى إلى تحقيق عوائد سالبة للمودعين، وبالتالي تآكل القيمة الحقيقية للمدخرات.
وأكد شوقي أن خفض الفائدة له أثر إيجابي مباشر على خفض أعباء خدمة الدين العام، ما يتيح للحكومة توجيه الموارد التي كانت تستهلكها الفائدة المرتفعة إلى أوجه إنفاق أكثر فاعلية، مثل دعم السلع الأساسية، وتحسين خدمات التعليم والصحة.
ولفت إلى أن خفض أسعار الفائدة يُسهم كذلك في زيادة حجم التمويلات الممنوحة من القطاع المصرفي للحكومة والقطاع الخاص، مما يعزز من قدرة الشركات على التوسع، وزيادة الإنتاج، وبالتالي رفع معدلات التشغيل، وتحقيق وفرة في السلع والخدمات، وهو ما يُسهم بدوره في خفض معدلات التضخم واستدامة معدلات النمو الاقتصادي في المستقبل.

أكد محمد رضا الخبير والمحلل المالى أن السياسة النقدية التى تتبعها الحكومة منذ ٢٠١٧ وحتى الآن حققت التوازن المطلوب طبقا لظروف كل مرحلة، مشيرا إلى أنها فى بداية تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى وما تبعه من ارتفاع معدلات التضخم اتبعت سياسة نقدية استباقية مؤقتة للسيطرة على التضخم، وفى عام ٢٠١٨ اتجه البنك المركزي نحو السياسة النقدية التوسعية من خلال خفض أسعار الفائدة، مما كان له الأثر الإيجابي على النمو الاقتصادي ودفع عجلة الإنتاج والتوسع فى المشروعات، وتابع أنه خلال الستة المالية ٢٠٢١/ ٢٠٢٢ اتبع المركزى إجراءات تتسق مع الظروف المحيطة وتستهدف احتواء الضغوط التضخمية من جانب الطلب.
واضاف أن قرار خفض الفائدة لأول مرة منذ أكثر من 4 سنوات ليصل إلى 25% للإيداع و26% للإقراض، يأتى مستهدفا دعم وتحفيز النمو الاقتصادى وتقلل تكلفة التمويل بما يشجيع القطاع الخاص على المزيد من ضخ الأموال للاستثمار، موضحا أن هذا الخفض يأتى اتساقا مع تراجع معدلات التضخم والتى سجلت تراجعا خلال شهر مارس الماضى عند مستوى ٩.٢%، وتوقع أن يخرج الاجتماع القادم للبنك المركزى بقرار تثبيت سعر الفائدة، لافتا أنه سيتم الخفض التدريجي لأسعار الفائدة خلال ٢٠٢٥.
وأوضح أنه مع تراجع أسعار الفائدة على الودائع والقروض تنشط حركة الأموال وتداولها وتوسعات الشركات وجذب المزيد من المستثمرين، مع تشجيع الأفراد والشركات على الاقتراض لضخ السيولة فى المشاريع الإنتاجية وبالتالى ينعكس هذا بارتفاع معدلات النمو والتشغيل وتراجع معدلات البطالة.
وأكد أنه لابد من تحقيق اتساق بين السياسة المالية والنقدية بما يخلق توازنا يشجع على الادخار وزيادة المدخرات من ناحية وكذلك تنشيط الاقتصاد، من خلال التوسع فى إنشاء أوعية استثمارية تلبى طموحات المواطنين وتوظيف مدخراتهم فى المشروعات الإنتاجية والقطاعات الاقتصادية الواعدة، لافتا إلى أهمية العمل على دعم جاذبية السوق لجذب أموال المدخريين، مع المراجعة الدائمة للسياسات المالية والنقدية بحيث تكون سياسات مشجعة وجاذبة للأموال ، وتتفق مع معدلات التضخم.