أعلى قمة جبل يشكر فى حى السيدة زينب وبجوار مسجد أحمد بن طولون يقع بيت الكريتلية وهو واحد من أهم الآثار المصرية القديمة التى تحكى عنه الحكايات والأساطير. ففى مذكرات جابر أندرسون الطبيب الانجليزى الذى خدم فى الجيش البريطانى والجيش المصري فى وادى النيل والمحفوظة فى متحف فيكتوريا وألبرت بلندن كتب يقول (مصر أحب الأرض إلى قلبى لذلك لم أفارقها لأننى قضيت بها منذ مولدي). وقد ولد أندرسون فى بريطانيا عام 1881م وعمل ضابطاً فى الجيش الانجليزي، واستقر منذ عام 1908م بمصر التى عشقها بكل جوانحه واعتبرها وطنه الثاني. وقد فتن بالآثار المصرية وكان مهتماً بالآثار من جميع العصور وخاصة الفن الاسلامى حيث قام بتجميع مجموعات نادرة منها. وبعد سنوات من عمله فى مصر تقدم بطلب إلى لجنة حفظ الآثار العربية بأن يسكن فى بيت الكريتلية على أن يقوم بتأثيث البيتين الذى يتكون منهما وهما بيت محمد بن الحاج سالم والمعروف ببيت السيدة آمنة بنت سالم حيث إنها آخر من كانت تمتلكه والذى تم الربط بينهما بممر (قنطرة) ويعدان من الآثار الإسلامية الثمينة التى تنتمى إلى العصر المملوكى والعثماني، حيث بنى الاول عام 1540 أنشأه المعلم عبد القادر الحداد، أما البيت الثانى فقد بناه احد أعيان القاهرة وهو محمد بن الحاج سالم عام 1613م وتعاقبت الأسر الثرية على سكنه حتى سكنته سيدة من كريت فعرف منذ ذلك الحين ببيت الكريتلية، ووعد أندرسون فى طلبه أن يقوم بتأثيثهما على الطراز الاسلامى العربى وأن يعرض بهما مجموعته الأثرية من مقتنيات إسلامية وفرعونية وآسيوية على أن يصبح هذا الأثاث ومجموعته من الآثار ملكاً للشعب المصرى بعد وفاته أو حين يغادر مصر نهائياً. وقد وافقت اللجنة على طلبه فلم يبخل بالمال على شراء الأثاث والتحف من البيوت الأثرية ومن أسواق العاديات فى مصر وغيرها التى تنتمى للعصور الإسلامية ومنها صناعات عربية وأخرى من الصين وفارس والقوقاز ومن آسيا الصغرى والشرق الأوسط، علاوة على بعض التحف من أوروبا، وما أن توفى أندرسون حتى نفذت وصيته وآل البيتان إلى مصلحة الآثار التى جعلت منهما متحفاً باسم جابر أندرسون. وقد كان لبيت الكريتلية تاريخ مع لجنة حفظ الآثار حيث ساءت حالتهما على مر السنين قبل ان يطلب أندرسون السكن فيهما، وكاد يتم هدمهما أثناء مشروع التوسع حول جامع بن طولون فى ثلاثينيات القرن الماضى 1930/1935 إلا أن لجنة حفظ الآثار سارعت بترميمهما وإصلاحهما ليصبحا من أبدع الأمثلة القائمة على طراز العمارة فى العصر العثماني. وكان من ضمن تقسيم المنزلين تخصيص السلاملك للرجال والحرملك للسيدات وقد لعب هذا البيت دوراً بارزاً فيما عرف باسم أساطير الكريتلية وهى احد الموروثات الشعبية الادبية لمصر فى تلك الفترة.