ما قالته الشركة «المتحدة» فى حيثيات إنهاء برنامج أحمد شوبير حارس مرمى الأهلى الأسبق.. يضعنا فى مواجهة أسئلة مهمة تخص الإعلام عموماً، والإعلام الرياضى بصفة خاصة.. فماذا تريد الدولة من الإعلام.. هل تريد كسب تعاطف الشعب ورفع منسوب الأمل والتفاؤل.. وهل تريد إحداث التأثير فى الجمهور عبر رسائل محددة يتولى توصيلها كوادر مؤهلة علميًا وتحظى بقبول شعبى ومصداقية وجاذبية.. فإذا كانت الإجابة بنعم، والمنطقى أن تكون كذلك.. فهل الوجوه التى تتصدر بعض الشاشات نجحت كلها أو بعضها أو حفنة منها فى تحقيق مثل هذا الهدف أم باعدت بين الناس وبين حكومتهم، وأحدثت أثرًا عكسيًا بتنفير المشاهدين وإثارة احتقانهم، وهل قدمت تلك الوجوه عامة ومتصدرو البرامج الرياضية خاصة ما يحتاجه الناس وينفعهم أم ما يستهويهم ويلهيهم ويغذى نوازع التعصب الأعمى بداخلهم.. وإذا أردنا معرفة ما وصل إليه إعلامنا، فاقرأوا إن شئتم تعليقات الناس وردود أفعالهم على استبعاد هذا المذيع أو ذاك أو حتى إصابته بوعكة صحية.. ذلك أنه سرعان ما تتدفق ردود الأفعال الشامتة وهو ما أرفضه تماماً، أو ردود الفعل الفرحة بمصائب هؤلاء، وكأن حملاً ثقيلاً انزاح من فوق صدورهم..؟!
إذا شكك البعض فى صدقية وموثوقية «السوشيال ميديا» ومن يقفون وراءها، ومآربهم التى تذهب كل مذهب وبعضها بالطبع موجه وغير حميد، وبعضها انطباعى أو انفعالى وعشوائى لا يصدر عن منطق مستقيم ولا غرض محمود، وبعضها محق ينبنى على أسباب موضوعية ووجهات نظر معتبرة لها وجاهتها، وليس من المنطق حيئذٍ اتهامها كلها بأنها لا تمثل الناس تمثيلاً حقيقيًا أو تصدر عن هوى وغرض.. فالتعميم فى مثل تلك الأمور لا يخدم الفضية ولا يمثل الحقيقة بداهة خاصة وأن لدينا الآن قنوات نجحت فى التغيير القوى فى الرؤية المصرية واحتلت مكانة إقليمية جيدة وتقدم إعلاماً مهنياً.
إذا أردنا قياس الرأى العام الحقيقي، ومعرفة آراء الناس ومواقفهم من الإعلام – كل الإعلام -، وإلى أى مدى يتجاوبون معه أو يتأثرون به ومدى ثقتهم فيه وفى مصداقيته فإننى أدعو من يعنيهم أمر هذا الإعلام لإجراء استطلاع رأى حقيقى لقياس آراء الناس بلا تحيز ولا مجاملة.. اختيار عينات الاستطلاع لابد أن يتم بموضوعية وتجرد وعبر اتباع الأسس العلمية بحياد.. فمثل ذلك هو الطريق الأمثل لاستعادة البوصلة والتأثير والمصداقية!!
مثل هذا الاستطلاع الذى أثق أن جهات الدولة المعنية قادرة على إجرائه ويمكنه أن يساعد كثيرًا فى تنقية الشاشات مما علاها من وجوه، ويمكن إذا صدقت النتائج أن ينقذ هذا الإعلام من تغول أصحاب الصوت الزاعق والشتامين وغير المؤهلين وغير المقبولين شعبيًا على مساحات البث، ومن تغول وجوه أضرت أكثر مما نفعت فلا أقبل الناس عليها ولا أسهمت فى صون الرأى العام وتحصينه ضد رياح الشائعات والمعلومات المضللة، بل جاءت بنتائج عكسية جعلت المشاهد ينصرف عن قنواتنا إلى غيرها من القنوات التى لا تبنى الوعى بل تزيد البلبلة وتفتح المجال للتشكيك فى أى شيء وكل شيء.
خطايا الإعلام كثيرة، وهو ما يجعل الرأى العام فى محنة حقيقية، فالمصداقية ولا أقول الريادة الإعلامية باتت على المحك، فالإعلام الرياضى مثلاً يكرس بعضه للتعصب والمجاملات والشللية وتصفية الحسابات وفق بوصلة المصالح الشخصية.
حين يعلن مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية المصرية بالاجماع، وقف برنامج شوبير، وإنهاء التعاقد معه فوراً، بعد الجدل حول وفاة أحمد رفعت لاعب فريق مودرن فيوتشر، ذلك أن مخالفة القواعد المهنية وسياسات المحتوى الخاصة بالشركة أمر غير مقبول، بحسب بيان الشركة التى أكدت أن احترام الرأى العام المصرى فى مقدمة أولوياتها».
الأخطر ما قاله البيان بأن الفوضى فى قطاع الإعلام الرياضى تستلزم مواجهة حاسمة، حرصاً على حق المواطن المصرى فى إعلام رياضى يحترم الحقيقة ويتوخى الصدق»، بحسب البيان.
نحن فى حاجة لوجوه إعلامية مهنية مؤهلة تحترم الجمهور ولا تدير البرامج بمزاجها وتقول ما يخطر على بالها دون مراعاة لمشاعر المشاهد ودون احترام لعقله.. !!
أظن أن بعض إعلامنا فى حاجة للفلترة وإعادة النظر فيمن يظهرون على الشاشات وفيما يقدمه هذا الإعلام من رسائل لا يخفى أثرها على أحد.. فهل يبادر من يهمه الأمر بعمل استطلاع لرأى الشارع فى الإعلام كله.. والرياضى بوجه أخص.. ؟!
أرجو أن يكون بيان المتحدة الجريء الحاسم بداية حقيقية للإصلاح والتطهير والتطوير.. وفى النهاية لا يقنع إلا المقنع.. والسوشيال ميديا شئنا أو أبينا بات إعلامًا موازيًا ربما أقوى تأثيرًا وأشد خطرًا فى ظل تأخر الإعلام وتراجع تأثيرها وكثرة قيوده وأثقاله وآفاته.