ترى ما هى الأهداف والأدوار الحقيقية للجماعات المتطرفة من داعش إلى الإخوان فى بلادنا العربية؟ هل تهدف فعلاً إلى «تطبيق الشريعة الإسلامية»؟ هل كانت أدوارها ـ ومازالت ـ إنصاف أهل السنة ورفع رايتهم فى البلاد المنتكسة فيها؟ أم غير ذلك تماماً.
> إن تجربة هذه التنظيمات المتطرفة منذ الخوارج فى صدر الإسلام وصولاً للإخوان منذ العام 1928 وحتى تنظيمات العنف الدينى فى الربيع العربى 2011 تقول حقيقتها ومشروعها الأصلى إنها كانت ـ وستظل ـ «بندقية للإيجار» وأنها مجرد «جماعات وظيفية وليست جماعات إسلامية خالصة وطاهرة» هى بمن يوظفها لأهدافه بالمنطقة من دول وأجهزة مخابرات خارجية.. لا تهدف هذه الجماعات ومشغلوها إلا التفتيت والفوضى لجيوش ودول المنطقة وكانت تجربتها فى كل بلادنا العربية وخاصة فى بلاد الشام ومصر؛ من أسوأ التجارب وأكثرها كشفاً لدورها ووظيفتها التاريخية!
> فى كتابه الأشهر «بندقية للإيجار» يذهب الكاتب العالمى المعروف «باتريك سيل» إلى أن صبرى البنا رئيس «حركة فتح ـ المجلس الثوري» وتنظيمه الذى انشق عن حركة فتح عام 1974، لم يكن يهدف فى نضاله الأسطورى وجه فلسطين بل كان «بندقية للإيجار» للأجهزة وللأنظمة حتى قتل فى بيته فى بغداد! وقياساً مع الفارق طبعاً ـ فإن هذه الجماعات المتطرفة كانت ومازالت «بندقية للإيجار» وليس هدفها أبداً «وجه الإسلام» ولا «وجه التقدم فى البلاد» التى ابتليت بهم حتى تلك التى يتولون الحكم للأسف الشديد.. إن مشوار حياتهم يؤكد لنا ذلك وينصحنا باليقظة خاصة أنهم يأتون إلينا من الباب الخلفى مدعين «الديمقراطية» وهى منهم براء ولن تأتى على أيديهم سوى عمليات الإبادة والخراب ونشر الفوضى فى بلادنا وتهديد الأمن القومى العربى وعلينا أن ننتبه جيداً!
> منذ سنوات بعيدة كنا دائماً نطلق على جماعات التطرف فى بلادنا «جماعات إسلامية» وكانت خريطة أسماءهم تمتد من «الإخوان» و»تنظيم الجهاد» مروراً بـ «التكفير والهجرة» و»الجماعة الإسلامية» وانتهاء بـ«القاعدة» و»داعش» وأخواتها من التنظيمات المتطرفة.. كنا ولايزال البعض منا ـ من السذج ـ يسميهم «جماعات إسلامية» ولكن الواقع المر والتجربة السوداء من 2011 إلى اليوم 2025 أثبتت أننا كنا مخطئين تماماً؛ فهؤلاء لم يكونوا يوماً منتمين إلى الإسلام المحمدى النقى المعتدل السمح بل كانوا جماعات عنف وإرهاب، نجح الغرب وقوى مخابراتية إقليمية ودولية فى توظيفها فى لعبة الأمم والسياسة فى المنطقة لخدمة مشاريعه فى الشرق العربى ومن ثم من الواجب ومن الحق أن نسميها بـ «الجماعات الوظيفية» أى التى تؤدى دوراً ووظيفة محددة لمن يحركها وليس «جماعات إسلامية» ولعل «الإخوان وداعش» هم الأكثر تعبيراً فى بلادنا العربية والإسلامية عن هذا المعنى الذى نقول ونحدد ويكفى للدلالة على ذلك أنهم صمتوا طيلة حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة «التى استمرت منذ أكتوبر2023 حتى اليوم»!
> قبل فترة نشرت مجلة «فورين بوليسي» «شهادة وثائقية خطيرة» لأحد قادة داعش الهاربين تحمل عنوان «داعش من الداخل» ونشرتها على ثلاث حلقات وحملت معلومات مهمة عن علاقات التنظيم بالأمريكان، ودور أيمن الظواهرى وخلافاته مع البغدادي، وخلافات الأخير مع جبهة النصرة ثم امتلاكهم للأسلحة الكيماوية التى يؤكد هذا القيادى الداعشى واسمه الحركى «أبو أحمد» أنها استخدمت لتشويه الجيوش العربية وكانوا هم دائماً من يستخدمها ويلصقها بالآخرين خدمة للموساد وللمشغلين العامين الذين يستخدمونهم كما يحدث اليوم تماماً!
> هذا ومما لا جدال فيه أن وقائع التاريخ والأحداث الدامية التى تجرى اليوم فى أغلب بلادنا العربية تجزم أننا أمام تنظيمات إرهابية عابرة للحدود وأنها بمثابة جماعات وظيفية «لقوى أكبر لديها أجنداتها الخاصة فى المنطقة»، لماذا لأن هذا النوع من الإرهاب الوظيفى لا سقف ولا إمكانية مطلقة للسيطرة على «الوحش» الأداة التى تم صناعتها فهى غالباً ستتمرد «ولنا فى نموذج أسامة بن لادن عبرة»؟.
> ويحدثنا التاريخ وحقائقه الوثائقية الدامغة عن نشأة ووظيفة هذا التنظيم؟ «داعش»؛ أنه عرف بداية باسم تنظيم القاعدة ثم سمى نفسه بـ «الدولة الإسلامية فى العراق» فى 15 أكتوبر 2006 إثر اجتماع مجموعة من الفصائل المسلحة ولكنه كان وسيظل أبعد التنظيمات عن الإسلام ودولته القائمة على حرمة قتل المسلم وهو عين ما يقوم به اليوم بعد تمويله بما يقترب من 150 مليار دولار من بعض الدول الإقليمية والغربية لنشر هذا النمط الإسلامى المكروه فى بلادنا وتحقيق جملة خطيرة من أهدافهم المستقبلية والتى أبرزها:
1 – تشويه للإسلام المحمدى النقي، فما قام به الإخوان وداعش و»النصرة!» وأخواتهم من تنظيمات الإرهاب فى المنطقة، يكفى لإدانة الإسلام لمائة عام قادمة ونكاد نجزم بأنه من الصعب تصحيح الصورة النقية للإسلام للأسف ما بقى هذه التنظيمات وغيرها موجوداً.
2 – تفكيك البلاد العربية المركزية، وإشغال جيوشها فى معارك الداخل بعيداً عن أطماع ومصالح الأعداء الحقيقيين للأمة.
3 – خلق سوق مفتوح لتجارة السلاح الدولى فى المنطقة، وكلما وجد القتل الداعشي، راجت تجارة السلاح، وهى تجارة تحركها لوبيات وجماعات كبرى ميزانيتها تفوق ميزانية دول عظمي.
٤- سرقة النفط العربى خاصة «العراقى والسوري» وبيعه بأسعار زهيدة عبر شبكات دولية أصبحت اليوم معروفة.
> نحن إذن أمام تنظيمات وظيفية وليست إسلامية «من الإخوان إلى داعش والتنظيمات الشبيهة وخلاياهم النائمة فى بلادنا العربية»؟! نحن أمام «بندقية للإيجار» علينا أن ننتبه لها ولليد التى تحركها من الخارج ولن يتم ذلك إلا ببناء «استراتيجية عربية قومية شاملة» لا تقتصر فقط على تجفيف «الإرهابين» بل تجفيف بيئة وعقيدة «الإرهاب نفسه» والذى لا يهدد الأوطان فقط بل يهدد «الإسلام» ذاته والله أعلم!