انتهى العام الدراسى للعديد من سنوات النقل لتبدأ سيطرة الألعاب الإلكترونية على أطفالنا فتفقدهم القدرة على أداء الكثير من تفاصيل الحياة اليومية بعد أن سلبت عقولهم وباتت هى المحرك الرئيسى لها لتجد نفسك أمام أوضاع مستفزة تستدعى التوقف واستدعاء كل قواك العقلية للخروج من عنق الزجاجة الذى دخلناه بكامل إرادتنا دون أن نعى كيفية الخروج منه.
مأساة نعيشها ويعيشها أطفالنا وربما تكون سبباً رئيسياً فى تشكيل شخصياتهم وصفاتهم المكتسبة من الحياة وتحويلهم إلى أشخاص معزولين اجتماعياً لا يجيدون التعامل إلا مع الآلة فيغلب عليهم الانطواء وعدم القدرة على التعامل مع الآخر حتى أنهم غير قادرين على التعبير عن أنفسهم ووصف المواقف التى يتعرضون لها .
هذا الواقع المؤسف لم تكن ظروف الماضى تسمح بوجوده بسبب وجود العديد من الأنشطة التى نمارسها فى الأجازة الصيفية فكنا نذهب إلى المدرسة لنشارك فى الأنشطة الصيفية علاوة على شراء القصص والمجلات التى كانت تزيد من مخزوننا الثقافى والمعرفى وقدرتنا على التعبير عن مشاعرنا والكثير من مواقف الحياة ولا شك هذا الأمر ساهم فى وجود جيل على درجة مختلفة من الوعى والإدراك.
وفكرة ممارسة الأنشطة الصيفية تعود بى لإحد عشر عاماً قضيتها من حياتى فى محافظة دمياط حيث مسقط رأس والدى وكنت أجد الأطفال من الأولاد رغم اختلاف مستوى عائلاتهم الاجتماعية والاقتصادية يذهبون للعمل فى ورش النجارة وغيرها من المهن المتعلقة بصناعة الأثاث حيث تشتهر دمياط الأمر الذى خلق منهم شخصيات قوية تقدر قيمة العمل والمال.
هذا الأمر يدعونى للتفكير فى ضرورة وجود تدريب صيفى اجبارى يلتحق به أطفال المدارس فى الأجازة الصيفية من خلال توقيع بروتوكلات تعاون بين وزارة التربية والتعليم بكياناتها المختلفة سواء مدارس أو إدارات تعليمية وعدد من الجهات التى تمارس أنشطة يمكن للطلبة الالتحاق للعمل بها فى الاجازة الصيفية والحصول على مقابل مادى حتى لو كان رمزياً لتشجيعهم على ممارسة ما يوكل لهم من مهام ولعل بعض الأسر وخاصة فى المناطق الراقية تلجأ لهذا الأمر حيث يتم إلحاق أطفالهم للعمل فى بعض المطاعم والمتاجر صيفاً لإثقال شخصياتهم بالكثير من الخبرات وتعزيز ثقافة الاعتماد على النفس والقدرة على اتخاذ القرار لبناء شخصية قوية قادرة على القيادة .
أطفالنا فى خطر والاستمرار فى الوضع المأساوى الذى نعيش فيه فى ظل هوس الألعاب الإلكترونية وعزوفهم عن المشاركة الاجتماعية وانعدام ثقافة التعامل مع الآخر والقدرة على التصرف فى الكثير من المواقف سيكون سبباً رئيسياً فى خلق جيل مهتز فاقد الإدراك لما يحاك بنا من مؤامرات خارجية هدفها الأساسى هذا الوضع الذى يسلب الأجيال القادمة الكثير من قيم الإنتماء والتضحية وحب الوطن.
نحن فى حرب تفتقد صورتها التقليدية لذا علينا جميعاً الإنتباه والتكاتف من أجل الحفاظ على جيل غير مدرك للكثير من الأبعاد والبداية تأتى من بناء شخصية أطفالنا بشكل يجعلهم قادرين على استيعاب الكثير من الأحداث وإدارك أبعادها حتى لا نجد أنفسنا أمام كارثة لن نتحمل عواقبها.