تنجح دائماً الولايات المتحدة الأمريكية فى صناعة الكذب والخداع وخلق أعداء وهميين لإقناع شعبها.. باتخاذ قرار حرب أو إجراء عنيف وهذا ما حدث فى وقائع كثيرة مثل العراق وأفغانستان.. بل وفى الحرب الروسية- الأوكرانية.. ولماذا لا تجيد دول أخرى الترويج والتسويق لعشرات العدائيات والتهديدات وبناء وتشكيل رأى عام داعم ومساند وقناعة بهذه التهديدات الخطيرة واتخاذ إجراءات حيالها.
مصر تواجه تحديات وتهديدات ومخاطر لم تمر بها عبر تاريخها فيما يتعلق بحجم واتجاهات هذه التهديدات. خاصة أنها على جميع حدودها فى مختلف الاتجاهات الإستراتيجية.. وأيضاً تداعيات قاسية جراء الصراعات الإقليمية والدولية على الداخل المصري.. متمثلاً فى تحديات اقتصادية.. ضف إلى ذلك شيطانية النوايا والمخططات والأطماع والمؤامرات والمشروعات المشبوهة التى تستهدف المنطقة وفى القلب منها مصر فما نعيشه الآن من حرائق وتصعيد وصراعات ونذر حرب شاملة هى حلقة جديدة وإعادة الكرة لمخطط الشرق الأوسط الجديد الذى لم يحقق أهدافه فى مؤامرة يناير 2011.
من المهم ربط التحديات والتهديدات الإقليمية والدولية وتداعيات الأزمات والصراعات فى المنطقة والعالم وآثارها الاقتصادية الصعبة.. والأزمة الاقتصادية والصعوبات والتحديات المعيشية التى تواجه المواطن المصرى حتى يدرك ويعى أن المعاناة والصعوبات فرضت على الدولة المصرية.. ولم تصنعها ويجب ان نتحملها من أجل العبور بالوطن إلى بر الأمن والأمان وعدم التورط أو استدراجنا فى مستنقع الصراعات الإقليمية وأتون الحرائق المشتعلة فى المنطقة وهذا العبور الآمن بعيدا عن الصدام هو جوهر النصر الحقيقى الذى تحصده الدولة المصرية دون اطلاق رصاصة.. والحقيقة ان القيادة السياسية تؤدى هذا الدور وتحقق هذا الهدف بعبقرية ووفق حسابات وتقديرات موقف دقيق وبتطبيق لإستراتيجية ودبلوماسية الاتزان والصبر الإستراتيجى والتعامل بحكمة.. ومن مظاهر هذا النجاح ان القاهرة باتت مركز الثقل والحل وقبلة الباحثين عن تسويات سياسية وترسيخ السلام واستعادة الأمن والاستقرار.. لذلك ترى الزيارات من كل صوب وحدب تتوالى على مصر.. فعلى مستوى التنسيق مع الأشقاء العرب هناك زيارتان مهمتان للشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات وزيارة الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى رئيس مجلس الوزراء ثم زيارات وزيرى الخارجية الإسبانى والإيرانى والاتصالات المتوالية بالرئيس عبدالفتاح السيسى بحثاً وسعياً للوصول إلى حل ومحاولة ايقاف الحرب الإقليمية المحتملة.. وما تشهده القاهرة يمثل نجاحاً عميقاً لسياسة الحكمة والتوازن.
الأوضاع فى المنطقة قابلة لمزيد من الانفجار والتعقيد واتساع رقعة الصراع فى ظل تأكيد الجانب الإسرائيلى اقتراب الهجوم على إيران.. وفى ظل تصريحات الرئيس الأمريكى جوبايدن.. لذلك فإن هذا الهجوم له تداعياته الخطيرة.
مصر لن تدخل صراعاً أو حرباً إلا إذا فرض عليها أو حدث انتهاك لحدودها ومحاولات للمساس بأمنها القومى.. مصر لا تسعى للحرب ولا تريدها ليس عن ضعف.. فهى تعيش أزهى عصور القوة والقدرة..
الحقيقة ان جملة هذه التحديات والتهديدات غير المسبوقة والوجودية التى تواجه الدولة المصرية وربما لم تشهدها أى دولة أخرى جهودا مكثفة ومتواصلة ورؤى شاملة لبناء وعى حقيقى وخلق إدراك لدى الشعب بدقة اللحظة.. لذلك من المهم بناء سياق ووعى لهم ما يدور وما يحدث وما هو قادم.. هذا السياق يحتاج رؤية شاملة بل إستراتيجية مكثفة تجوب كل ربوع البلاد.. خلية عمل تجمع بين المسئولين ومؤسسات الدولة والإعلام والثقافة والنخب الفكرية والثقافية والجامعية فإذا كانت هناك جهود فهى متفرقة ومتباعدة تحتاج بالفعل حملة مركزة لفرض ما يدور على أرض الواقع بالمنطقة وأسبابه ونتائجه وانعكاساته وتداعياته على الدولة المصرية.
يجب ان ننسى ان مصر هى من تقف كالجبل الشامخ فى وجه المخطط الشيطاني.. حتى يتحمل الناس أو المواطنون بكل رضا وصوب ومشاركة فى حماية الوطن لابد ان يعلموا ويدركوا ما يواجه مصر من تحديات قاسية وتهديدات وجودية وأنها تواجه بكل السبل والوسائل من أجل الحفاظ على الوطن والشعب والسعى بكل قدرة وبما هو متاح إلى توفير احتياجات المواطنين وتخفيف معاناتهم قدر الامكانات وفى ظل هذه الظروف القاسية.. لذلك فإن نشر واتساع دائرة الوعى والوصول إلى صيغة لمضمون ومحتوى يصل إلى قناعة ووعى وعقول الناس بصدق وشفافية.. المهم ان تنجح فى العرض الذكى ونستطيع ان نربط ما بين الصراعات والتهديدات والمخاطر وتداعيات الأزمات الإقليمية والدولية فى فرض بعض الصعوبات والتحديات تنعكس على المواطنين خاصة أن الجبهة الداخلية هى أساس النجاح فى عبور هذه التحديات أو تجاوز وامتصاص هذه التهديدات والوصول إلى عبور مستنقعات التهديدات والمخططات.
خطاب اللحظة الذى من المفترض ان يوجه لبناء الوعى وتعظيم الاصطفاف واللحمة وقوة الجبهة الداخلية عليه ان يركز على مجموعة من النقاط أبرزها شرح التهديدات والتحديات والمخاطر الإقليمية والحدودية التى تواجه الدولة المصرية وموقف الدولة المصرية وجهوزيتها وما هو مطلوب من الشعب وذلك من خلال عرض واف وشامل يجوب البلاد بواسطة شخصيات لديها قبول وقدرة على التواصل.
البند الثالث هو جهود الدولة المصرية سواء فى التعامل مع ما يدور فى المنطقة ودورها فى الحفاظ على الوطن ودرء التهديدات بأساليب لا تحدث مغامرات أو صدام أو تورط واستدراج والتأكيد على أن النصر الحقيقى لعبور هذه التهديدات بأمان هو المطلوب فى حال لم تفرض علينا الموجهة بشكل مباشر إذا وقع انتهاك أو مساس بأمننا القومى وأرضنا ومواردنا الوجودية.
أيضا عرض جهود الدولة المصرية قيادة وحكومة فى تخفيف هذه التداعيات الصعبة وتأمين احتياجات الشعب وأيضاً عرض ملامح المستقبل القريب والبعيد وارسال تطمينات وتصدير حالة من التفاؤل حول ما لدى هذا الوطن من فرص.
اعتقد ان الحكومة مطالبة بالتحرك سريعا نحو بناء وعى حقيقى حتى وان كانت تحرص على المصارحة والمعلومات والبيانات من خلال مؤتمرات صحفية دورية.. من خلال فريق قادر على إحداث حالة الوعى وإدراك دقة اللحظة التى تواجه الوطن.. هذا الفريق يتكون من أعضاء فى الحكومة ونخب فكرية وفنية وثقافية وأيضا حضور إعلامى واستهداف كل الفئات خاصة الشباب ولماذا لا تشكل خلية عمل تجوب الجامعات وتتحدث فى الإعلام وتعقد لقاءات فى المحافظات والتجمعات الشبابية وتستثمر وسائل النقل الحديثة من خلال شاشات الوطن برسائل قصيرة جامعة ومانعة وشاملة تثقف الناس وتخلق وعيا لديهم بما يدور فنحن هناك لدينا أعداء وتهديدات وتحديات حقيقية وليست وهمية.. لذلك رسالتنا ستكون ناجحة وسوف تصل إلى العقل المصرى لتعظيم الاصطفاف.
تحيا مصر