لكل هدف نريد تحقيقه لابد من توافر مقوماته وأسبابه واتاحة اسباب النجاح للوصول إليه سواء على مستوى البشر أو الدول، فإذا كنت تسعى إلى وظيفة أو مكانة معينة، فلابد أن تكون لديك المهارات والقدرات والملكات والخبرات والمؤهلات لتصل إليها، والدول أيضاً إذا أرادت التقدم والقوة فلابد ان تهيأ لها سبل التنفيذ والوصول إليها وتوجد أسباب ومقومات هذا التقدم المنشود.
وبالتالى فلا يوجد هدف قابل للتحقق بدون توفير اسباب ومقومات تحويله إلى واقع على الأرض.
الدولة المصرية عانت على مدار عقود ماضية من أزمة شديدة التعقيد وهى المحدودية، سواء الموارد المتاحة، أو المقومات والأسباب التى تحل الاشكالية، وتنهى الأزمة، ولم يكن يصلح ان تظل مصر فى هذه الأوضاع من ازمات ومشاكل متراكمة واصلاح غائب وفى ظل نمو سكانى سريع ويزيد الطين بلة ويفاقم المشكلة، لذلك منذ ان تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية الوطنية فى قيادة الدولة المصرية، قرر ان يخوض هذا التحدى وينهى المعضلة والمشكلة ويخلص مصر من محدودية الموارد والامكانيات ليس بالكلام والشعارات ولكن بالرؤية والأفكار الخلاقة والارادة السياسية الصلبة، وصراع مع الوقت، واهداف مصر على مدار 11 عاماً جميعناً يعرفها، سواء فى تنفيذ المشروع الوطنى لتحقيق التقدم الشامل فى كافة القطاعات وزيادة موارد الدولة والدخل القومى، وتخليص المصريين من ازمات ومشاكل معقدة باتت معلقة على مدار عقود رغم المعاناة الصعبة وامتلاك الفكر والطموح لتحويل كافة القطاعات إلى نقاط قوة، ليس على المستوى المحلى ولكن الاقليمى والدولى، مثل كيف تكون مركزاً اقليمياً ودولياً لتداول الطاقة، كيف تمتلك بنية تحتية عصرية، هى أساس تحقيق أى تقدم، كيف تصنع وتخلق دولة الفرص، لجذب الاستثمارات الضخمة التى تصنع الفارق فى انعاش الموارد المصرية وتوفير فرص العمل، هل يمكن أن تجذب هذه الاستثمارات الضخمة المستثمرين الكبار والكيانات العملاقة من الخارج بدون ان توفر لهم جميع أسباب النجاح وتحقيق المكاسب المتبادلة ولماذا سيأتى الاستثمار والمستثمرون ولا توجد فرص ذهبية للاستثمار ولا توجد أسباب ومقومات النجاح، من بنية تحتية عصرية، وبنية تشريعية جاذبة وحوافز وتيسيرات تنافسية وعمالة ماهرة، ومناخ أمنى وسياسى مستقر وتوفر احتياجات الاستثمار من طاقة متنوعة وطرق، وموانئ ومطارات وقطاعات وفرص.
الرئيس السيسى تحدث كثيراً فى بناء القدرة والانطباع والحقيقة أنه تعبير فريد يجسد ان الطموح والاهداف تحتاج إلى مقومات وقدرة وانطباع، لكن السؤال المهم، ما جرى فى مصر من ملحمة بناء وتنمية، وامتلاك القدرة، وتشكيل الانطباع القوى فى ظل دولة لم يكن لديها شيئ قبل الرئيس السيسى، وخرجت على التو من أوضاع مأساوية، وكادت تسقط سواء بسبب الفوضى والانفلات والتدمير وليس التغيير أو خلال حكم جماعة الإخوان الفاشل والفاشى وما تلا عامهم من إرهاب وجرائم فى حق هذا الوطن، وأضف إلى ذلك ميراث ثقيل من تراكم المشاكل والأزمات، وانهيار الخدمات ومحدودية الموارد، والسؤال من أين لمصر إذا فكرت فى تنفيذ عملية البناء والتنمية، واطلاق المشروع الوطنى لتحقيق التقدم، ان تنفق على هذا الحلم، الحقيقة ان الأفكار الخلاقة أو ما نطلق عليه خارج الصندوق ساهمت بجزء كبير فى حل هذا التحدى أو المعضلة خاصة فى بناء المدن الجديدة الذكية، مثل العاصمة الإدارية والعلمين، أو 24 مدينة جديدة فى مصر، لم تكلف موازنة أو خزينة الدولة مليماً واحداً بل ساهمت فى إنعاش خزينة الدولة والانفاق على مشروعات عملاقة أخرى فى الكثير من المجالات، وكان دور الدولة فقط هو تهيئة انسب الظروف من ترفيق هذه المناطق لتكون جاذبة للاستثمارات والمشروعات ومن هذه العوائد جاءت هذه المدن العملاقة المليئة بالفرص الثمينة، والتى وفرت مئات الآلاف من فرص العمل الحقيقية وحققت أهداف الدولة المصرية فى مضاعفة العمران فى ربوع البلاد، ولتكون الدولة مهيأة لمجابهة النمو السكانى خلال العقود القادمة، وتفك شفرة الزحام والتكدس وتتعانق مع شبكة الطرق العصرية فى توفير الجهد والوقت والمال والطاقة.. بناء القدرة والانطباع هو الطريق الحقيقى لتحقيق التقدم والاستقرار فلا يمكن ان تتحقق الأهداف والآمال دون تهيئة مقومات واسباب ذلك، ولن يأتى اليك أحد دون وجود القدرة على جذب الاستثمارات أو الاستثمار فى المواقع الاستراتيجية المميزة أو تحقيق طفرة ونهضة زراعية أو وضع البلاد على طريق التقدم الصناعى، ولا يمكن فى ظل ما تموج به المنطقة من مخططات واوهام للاحتلال والتوسع والنفوذ، ان تحمى الأمن القومى، دون وجود القدرة على الحماية والاكتفاء والاستغناء النسبى لتلبية احتياجات الشعب.
بناء القدرة والانطباع ليس رفاهية بل ضرورة حتمية لتغيير الواقع المتأزم وفق رؤية وفكر وإرادة، فتطوير الموانئ بشكل عصرى ومواكب للتطوير العالمى بالنسبة لمصر أمر مهم للغاية، فهناك 12٪ من حجم التجارة العالمية يمر امامنا، فكيف لا نستفيد من ذلك ونحصل على جزء كبير من هذه الكعكة لزيادة مواردنا ونحن نمتلك مقومات الموقع المتميز، ولدينا شواطئ تصل إلى 2500 ميل بحرى على البحرين الأحمر والمتوسط، لذلك كان من الحتمى وفقاً لرؤية الرئيس السيسى تحويل موانئ مصر إلى موانئ عصرية وعالمية لنكون مؤهلين لذلك، وإذا اردنا زيادة الصادرات فلابد أن تكون لدينا القدرة على ذلك، سواء فى تحقيق نهضة زراعية غير مسبوقة لم تأت صدفة، ولكن بدأت بإيقاف نزيف الأراضى الزراعية بحسم ثم تنفيذ مشروعات استصلاح وزراعة لمساحات شاسعة ونجحت مصر فى اضافة 4.5 مليون فدان إلى رقعتها الزراعية ولدينا مشروعات عملاقة فى هذا المجال مثل «مستقبل مصر» والدلتا الجديدة وسيناء والصعيد والوادى وهى مدن زراعية شاملة تضم الكثير من الاعمال والمشروعات مثل محطات المياه والكهرباء والطرق ومصانع منظومة متكاملة ونظم رى حديثة وشق ترع وطرق لذلك وصلت صادرات مصر الزراعية إلى ما يقرب من 11 مليار دولار ولولا امتلاك القدرة ما تحقق ذلك، لأن مصر وضعت هدفاً استراتيجياً بأن تكون دولة جاذبة للاستثمارات الضخمة سواء من القطاع الخاص أو الاستثمارات الأجنبية ، لذلك لابد من بناء وامتلاك القدرة والانطباع وإحداث ثورة شاملة للاصلاح وتأهيل البلاد وتمكينها من مقومات تحقيق هذا الهدف من بنية تحتية عصرية وتشريعية ووجود فرص حقيقية فى جميع القطاعات وهو ما تحقق بالفعل وباتت مصر من أهم الدول جذباً للاستثمارات فى إفريقيا والمنطقة بل باتت خبراتها قوة ناعمة وتجربة ملهمة، تستفيذ منها دول كثيرة، مثل التميز المصرى فى البنية التحتية والبناء والتعمير خاصة الدول التى تعرضت للأزمات، أو الدول المتطلعة إلى التقدم، أو امتلاك البدائل مثل «خطة مصر لاعمار غزة» والتى حظيت بتأييد عربى ومباركة دولية وقد صاغتها فى زمن قياسى، فى وجه مخطط التهجير.
بناء القدرة والانطباع فى مصر على مدار 11 عاماً هناك نماذج وامثلة بالعشرات لكن المساحة لا تكفى وفى كافة المجالات والقطاعات ولكن يظل بناء القدرة على مجابهة التحديات والتهديدات للحفاظ على الأمن القومى هو الأهم والأبرز وهو رؤية عبقرية وقرار تاريخى حمى مصر ووجودها وأمنها القومى.