«جريدة الجمهورية» لم تغب يوماً عن متابعة دفتر أحوال الوطن والشعب منذ ثورة 23 يوليو، اهتمت بالفلاح ورفعت عنه الظلم.. كما حرصت على رفع شأن أبطال الوطن المخلصين المرابطين خلف خطوط العمل فى المصانع.. صناع المجد والأمل والبناة الحقيقيين.
طوال 71 عاماً، سجلت «الجمهورية» بطولات وأمجاد أبنائها، فى كافة المجالات.. ولم تكتف برصد الإنجازات والأعمال المجيدة، بل إنها كانت مشاركة حقيقية فى نهضة الوطن، وحلقة وصل بين الحكومة والمواطن فى كل ربوع بلدنا العزيز. وكما كانت «الجمهورية» نقطة تحول ونقلة فى تاريخ الصحافة المصرية، كانت ثورة 30 يونيو نقطة تحول فى حياة الشعب المصرى الأبى، صاحب الحضارة والتاريخ العريق.
ساندت الجمهورية الثورة الشعبية التى عبرت عن إرادة كل مواطن على أرض مصر.. وسجلت على صفحاتها منجزات تحققت خلال آخر عشر سنوات، تعتبر بمثابة معجزات. فمنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية شهدت مصر إنجازات كبرى فى كل نواحى الحياة بداية من بناء الشخصية المصرية وتعميق الهوية والمواطنة فى داخله، ومروراً برعايته صحياً واجتماعياً وثقافياً، وكذا بتحسين جودة الحياة للمواطن المصرى بمشروع القرن «حياة كريمة» له ولأسرته.. بالتوازى مع توطين التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعى فى الصناعة ورقمنة التعاملات، والاهتمام بالتصدير، اعتماداً على جودة المنتج الوطنى وزيادة تنافسيته فى الأسواق العالمية.
وعكست الجمهورية بكل فنون العمل الصحفى، جهود الدولة لتحقيق التنمية داخل الوطن، والحفاظ على المشروعات القومية وانجازاتنا الكثيرة والحفاظ على الدولة الوطنية وجيشها وشرطتها، وتابعت حضور مصر بقوتها الاستراتيجية والسياسية وبعدها الحضارى بين الأمم فى المحافل الدولية كدولة راسخة بقيادتها الرشيدة التى كان لها دورها الكبير فى الحفاظ على الدولة..إنها «الجمهورية الجديدة» التى يقود مسيرتها التنموية الرئيس عبدالفتاح السيسى، بكل حكمة وقوة واقتدار يصطف خلفه الشعب المؤمن بقضيته، وتؤدى الصحافة الوطنية.. وفى مقدمتها «الجمهورية» دورها التاريخى، لحماية الإنجازات ومواصلة مشوار التنمية والبناء، لصالح المواطن والشعب.
إنجازات لم تترك أى مجال، من الصحة حيث المبادرات غير المسبوقة لحماية المصريين، والتأمين الصحى الشامل الذى يقدم رعاية تليق بالمواطن، إلى التعليم وتطوير غير مسبوق من أجل خريج مصرى ينافس عالمياً، وصولاً إلى منظومة النقل الحديثة التى رفعت مصر فى المؤشرات الدولية، والاسكان الاجتماعى الذى وفر السكن الكريم للأقل دخلاً، والحزمة الاجتماعية التى ساندت محدودى الدخل.
آلاف المشروعات التى تكلفت أكثر من 11 تريليون جنيه لاعادة بناء الدولة وعشرات المبادرات وكثير من الانجازات هدفها الأول هو المواطن المصرى ونقل معيشته إلى مستوى أعلى وتخفيف الأعباء عنه لأنها دولة المواطن.
جريدة الثورة .. تهز عرش تشرشل
وتزلزل 10 داوننج ستريت قبل 71 عامًا
وكالات الأنباء الإنجليزية تهاجم الجريدة والكاتب «مستر بيڤان»
ماهر عباس
عبرت الجمهورية فى أعدادها الأولى عام 1953 وعقب صدورها فى 7 ديسمبر إلى قارات العالم وعبر بحاره ومحيطاته وتضاريس السياسة والجغرافيا واخترقت مجلس العموم البريطانى و«10 داوننج ستريت» على مائدة رئيس وزراء بريطانيا السير ونستون تشرشل أشهر رؤساء وزرائها القرن الماضى.. وكانت استضافة «الجمهورية» الجريدة المولود العملاق وقتها للزعيم المعارض الانجليزى الاشتراكى مستر بيفان لكتابة مقال أسبوعى على صفحات جريدة الثورة والتى يديرها أحد أعضاء مجلسها الرئيس أنور السادات مثار جدل كبير فى الشارع السياسى البريطانى وأوساط الاعلام البريطانية مقروءة ومسموعة ومرئية كان مقال مستر بيفان فى «الجمهورية» يتناول تجربة ومباحثات حزب المحافظين فى مباحثات الجلاء وتصفية الامبراطورية التى لم تكن تغيب عنها الشمس «بريطانيا» وفيه يؤكد الزعيم الاشتراكى الراحل قبل 71 عاما انيورين بيفان فى تناوله الامبراطورية الممزقة.. وأن المحافظين «الحزب» لا يدرون أن بريطانيا ماضية نحو مصير محتوم بالفناء شأنهم شأن الامبراطوريات القديمة.. وتحدث مستر بيفان عن التطور السياسى فى المجتمعات الحديثة ملمحا على الدول التى كانت تحت كنف الاحتلال البريطانى وأنه بالنسبة لمصر ليس هناك شك أنه حين يخرج البريطانيون من مصر ستصبح أمورها فى أيدى المصريين دون سواهم.
ونبه إن البريطانيين «المحافظين» فى إشارة إلى الحزب الحاكم بأن عالم اليوم – يقصد الخمسينيات – يمتاز بأمور لا مثيل لها فى التاريخ القديم.
ومضى يقول وهكذا بدأت بريطانيا وهى كارهة تتخلى عن سلطانها فى عدة أقطار.. أمام الكفاح الوطنى الذى يزداد قوة على مر الأيام.. وهو الكفاح الوطنى الذى يجعل الاستعمار من الوسائل البالية التى لا جدوى منها.
ولعل الحملة الشرسة والشديدة التى قامت بها صحف الصباح والمساء وصحف الآحاد زائفة الصيت والتاريخ ضد «الجمهورية» يعكس أن مولود الثورة الصحفى ولد شامخا ومعبرا عن الشارع المصرى.. وفى مجلس العموم ومجلس الوزراء الأشهر «10 دوانج ستريت» كانت مقالات الجمهورية هناك موضوعى للحوار الساخن بين «المحافظين» حزب تشرشل فى جانب والأحزاب الاشتراكية والعمالية فى جانب آخر.
وكانت أكبر ضجة تثيرها صحيفة فى دولة كانت تعد قبل أقل من عام تحت الاحتلال للإمبراطورية التى لا تغرب عنها الشمس تتحدث عن الدولة الجديدة «الجمهورية» وجريدتها لسان الثورة «الجمهورية» وزلزلت أركان المجلس التاريخى ومجلسه الأشهر فى المبنى البريطانى الأشهر.. وامتد الهجوم على الزعيم والكاتب الاشتراكى البريطانى بيفان الذى قال فى مقاله «الحقيقة» التى كانت غائبة عن وعى تشرشل والمحافظين الحزب وكانت الجمهورية فى صدد وكالات الأنباء والصحف بمقالها الذى أثار ضجة ربما هى الأولى فى صحيفة بإحدى مستعمرات بريطانيا العظمى وقتها خاصة كلام بيفان فى سطوره «إن بريطانيا ستجلوا بإرادتها أو بالرغم منها – عن مصر» هذه هى الجريدة العملاقة التى حملت الكلمة الصادقة المعبرة عن آمال وأحلام المصريين على لسان كاتب بريطانى وزعيم اشتراكى الراحل «بيفان».
وهنا يمكننا القول إن الجمهورية منذ أول عدد كانت لسان الثورة وآمال الشعب والمواطن.
تشرشل: تصفية الامبراطورية البريطانية
إيزنهاور: هل ما تفقده بريطانيا تنتزعه أمريكا؟
نهرو: الهند تولى شئونها أبناءها

بقلم: مستر بيڤان
الزعيم الإنجليزى الاشتراكى
من المأثور عن السير ونستون تشرشل أنه قال مرة إن الوصول لرياسة الوزارة لكى يشرف على «تصفية» الامبراطورية البريطانية، وأغلب الظن أن هذه العبارة الطنانة التى تعد مثلا لما عرف عنه من عنجهية قد بدأت الآن تزعجه وتقض مضجعه، فقد ذكره غلاة المحافظين حين أوشكت المحادثات بين بريطانيا ومصر أن تبلغ غايتها المنشودة، فهؤلاء المحافظون يعدون جلاء القوات البريطانية عن منطقة قناة السويس خطوة أخرى فى سبيل «تصفية الامبراطورية» ولا يجول بخاطرهم أن مصر لم تكن قط حزءًا من الامبراطورية وأن بريطانيا تستند فى بقاء قواتها فى الأراضى المصرية إلى اتفاق كان قائماً بين البلدين، فالشبح الذى يتراءى لهم ويلقى الرعب فى أفئدتهم هو اضمحلال امبراطورية عظيمة بترت من جسمها الممزق أعضاء كاملة وهى تعانى أسباب الانحلال، إذ ما فتئت فكرة الامبراطورية تسيطر على عقولهم فلا يتصورون عالما لا تقوم فيه امبراطورية بريطانية.
فالمحافظون الذين امتازت ثقافتم بدراسة تاريخ المدنيات السالفة وما تشمله هذه الدراسة من قصص عن الدول القديمة التى ادركها الفناء يميلون بطبعهم إلى توقع هذا البلاء وإن كان يحز فى نفوسهم أن تلقى بلادهم هذا المصير، فهم لا يرون فى موكب التاريخ الحافل بمختلف الأحداث والعبر سوى قيام دولة وسقوط أخرى، ولا يعنون فى دراستهم التاريخ بغير الأحداث التى تضمنها دون ربط الأسباب بمسبباتها أو الاعتراف بمبدأ التطور، فهذه الأحداث تمر أمامهم أشباح وأطياف يكتنفها الظلام فتسيرفى هذا الموكب مصر واليونان وقرطاجنة وروما وبيزانطة وفرنسا وأسبانيا وبريطانيا، ثم يتساءلون: أليست بريطانيا ماضية نحو هذا المصير المحتوم شأنها فى ذلك شأن تلك الدول القديمة التى أصبحت فى ذمة التاريخ؟ ويقولون أيضاً: هل ستحتل دول جديدة بأن التاريخ لا يعدو أن يكون مسجلاً لقيام الدول وسقوطها خليق بأن يخفى عن أبصارهم حقيقة ما يجرى فى العالم فى عصرنا هذا، فإننا لا نشهد اليوم قيام دولة ناهضة بدلاً من أخرى متداعية بل إن ما يحدث الآن هو زوال الاستعمار إلى غير رجعة، صحيح أن أمريكا قد خرجت من الحرب العالمية الثانية إحدى دولتين اجتمعت لهما أسباب المنعة وعوامل القوة وأن بريطانيا قد تخلفت عنهما، ولكن ذلك لا يعنى أن ما تفقده بريطانيا تنتزعه أمريكا، والواقع أن صراعاً عنيفاً يقوم الآن بين حركات الكفاح الوطنى والاستعمار وليس من شك فى أن النصر سيكتب للمجاهدين، فترات الاستعمار لن ترثه دولة مستعمرة جديدة بل سيئول إلى الشعوب المكافحة فى سبيل الحرية.
فالهند لن تخرج من قبضة بريطانيا لكى تسيطر عليها أمريكا بل ليتولى شئونها أبناؤها دون غيرهم وكذلك أصبح أهل الساحل الذهبى يحملون صولجان الحكم الذى كان فى قبضة بريطانيا، فليس من شك إذن فى أنه حين يخرج البريطانيون من مصر ستصبح أمورها فى أيدى المصريين دون سواهم، وإذا قال قائل إن الاتحاد السوفيتى على الرغم من الاتجاهات السائدة فى العصر الحاضر، ومن المبادئ التى يزعم أنه يدين بها، لايزال يقسم تحت جناحيه طائفة من الشعوب المتاخمة لأراضيه فإن هذه الشعوب لم تذعن لهذا المصير بل ما فتئت تعمل على الإفلات من مخالب الدب، ومما لا ريب فيه أنها لن ترضى بما تعانيه من وسائل الطغيان والقمع.
فالمحافظون يخطئون حين يزعمون أنه لا مناص من قيام دولة جديدة بدلا من تلك التى قد يصيبها الانحلال، ويحاولون أن يدعموا دعواهم هذه بأحداث مماثلة فى التاريخ ولكن مالا يستطيعون إدراكه هو أن عالم اليوم امتاز بأمور لا مثيل لها فى التاريخ القديم.. فنحن لا ننكر أن بعض الشعوب قد تفوق غيرها من ناحية الجاه والسلطان، ومرد ذلك إلى زيادة الوعى والشعب وحين يبدى استياءه من وجودها فلا مناص لها من الرحيل، ولهذا السبب ذاته سنجلو نحن البريطانيين عن مصر طائعين أو كارهين لأنه لا جدوى من قيام أية قاعدة عسكرية إذا اكتشفها شعب يكن لها روح العداء والبغضاء.
والنضال بين الاستعمار والحركات الوطنية قائم منذ عهد بعيد، ولكن عصرنا هذا يمتاز بأنه لا يمكن لأية دولة أن تقيم أداة صالحة للحكم فى أى بلد دون تعاون وثيق من جانب أمنه.. بل إننا لنذهب إلى أبعد من ذلك لنقول إن مجتمعنا الحاضر الممتد الجوانب الذى انتشر فيه التعليم وتعددت أسباب الثقافة وادخلت الطرق الحديثة فى الصناعة لا يمكن أن تقوم قائمة فيه لأية حكومة إذا امتنع الشعب عن التعاون معها، وإذا حدث ذلك أصبح بقاء الدولة التى تبسط سلطانها على تلك البلاد متعذرًا ويصبح اعترافها بهذه الحقيقة مسألة وقت فقط، وأنه لمن دواعى الحكمة وسداد الرأى لإمثال تلك الدول أن تعترف بعدالة المطالب الوطنية بدلا من أن تجبر آخر الأمر على الخروج حين تدرك أن بقاءها أصبح مستحيلاً.
ففى الأزمنة السالفة كان المستعمرون لا يطلبون سوى الطاعة من الشعوب المغلوبة على أمرها فى تأدية أعمال تقتضى بذل جهود جسمانية وكان ذلك من الأمور الميسورة، أما الآن فإن الأوضاع التى يمتاز بها المجتمع الحديث تستدعى استخدام الجسم والعقل معاً، وإذا لم يقم أهل البلاد الخاضعة للاستعمار بذلك عن طيب خاطر فلن يجد حكامهم وسيلة لإرغامهم على ذلك، فقد تؤدى وسائل الإرهاب إلى زيادة الطاقة الجسمانية، ولكن لا سبيل إلى إرغام العقل البشرى على الرضوخ بوسائل القمع والقهر، بل إن ذلك قد يؤدى إلى شل نشاطه ومن هنا يقوم الاختلاف الكبير بين المجتمع الحاضر وما كان عليه فى العصور السالفة.
فلذلك لن تميل أى دولة حديثة إلى أن تحل محل امبراطورية قديمة إذا وفقت ثورة وطنية فى أن تحمل هذه الامبراطورية على التخلى عن سلطانها، وهذه هى البواعث التى تؤدى إلى الاختلاف بين المجتمع الحديث والعهود القديمة بل إن هذه الأسباب ذاتها هى التى تجعل الدولة الجديدة عاجزة عن حكم شعب آخر على نحو فعال.
وهكذا بدأت بريطانيا – وهى كارهة – تتخلى عن سلطانها فى عدة أقطار لا بحد السيف الذى تهددها به دولة أخرى فى عنفوان قوتها ترمى إلى بسط سلطانها على الأرض بل أمام الكفاح الوطنى الذى يزداد قوة على مر الأيام، وهو الكفاح الذى يجعل الاستعمار من الوسائل البالية التى لا جدوى منها ولعل المبادئ التى لا تتفق وروح العصر التى يعتنقها المحافظون عن وسائل الحكم ورغبتهم فى الاحتفاظ بالمجد القديم هى التى تدعوهم إلى التشبث بممتلكاتهم الموروثة.
بطل الحرب يكتب أول مقال فى “الجمهورية”
فكرة جمال عبدالناصر.. أعدها أنور السادات بعد خروجه من المستشفي
سمير الجمل
كان جمال عبدالناصر فى وقتها عام 1953 نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للداخلية.. لكنه لم يستمر فى منصب الوزير سوى عدة أسابيع وتركه إلى زميله زكريا محيى الدين وأثناء وجوده بمستشفى مظهر عاشور لإجراء جراحة الزائدة الدودية.. فجأة استدعى زميله فى مجلس قيادة الثورة أنور السادات وطلب منه دراسة إطلاق جريدة تحمل فكر الثورة.. ويكون الرأى فيها أكثر من الخبر.. وأبدى السادات دهشته من هذا التكليف وثورة 1952 قد أكملت عامها الأول فقط.. وقد جاء اختيار عبدالناصر للسادات دون غيره.. لمعرفته به وحبه للقراءة وشغفه بالكتابة.. أما عن جمال نفسه فقد كان يتابع الأخبار من أجزاء العالم.. وتأثر فى شبابه بسيرة زعماء العالم.. وصرح بأنه تأثر كثيرا بكتاب توفيق الحكيم «عودة الوعى» والسادات يعرف أن الثورة فى سباق مع الزمن وعليه أن ينفذ هذا المشروع فى أقل وقت ممكن.. وهو ما حدث بالفعل واتجه إلى مؤسسة دار الهلال.. يجرى فيها تجارب الأعداد الأولى للجريدة التى كان الاسم المقترح لها «التحرير اليومى» والسادات كان يكتب فى إصدارات دار الهلال ويعرف الكثير من رجالها.. وفى الدور الخامس 36بشارع شريف انطلقت الجريدة قبل أن تنتقل إلى موقعها القديم بشارع زكريا أحمد وقبل الانتقال الحالى إلى شارع رمسيس فى عهد سمير رجب.
وبطل حرب أكتوبر وقائدها الأعلى لم يكن بعيدا عن الكتابة وأصدر عدة كتب «يا ولدى هذا عمك جمال» «30 شهرا فى السجن» «قصة الثورة كاملة» «صفحات مجهولة» «وصيتى» «البحث عن الذات» وكتب القصة «ليلة خسرها الشيطان» «صراع الجزيرة».. وكان يحب الفن وحاول فى فترة دراسته الثانوية أن يحترف التمثيل.. والمقربون يعرفون حبه للسينما.. وأحب فيلم «غراميات كارمن» بطولة ريتا هوارث و«يوم فى حياتى».. وليلة ثورة 23 يوليو دخل السينما وعندما كان نائبا للرئيس جمال عبدالناصر ذهب إلى مبنى أخبار اليوم لكى يطرد الكتاب من أصحاب المذهب الشيوعى كما يقول أنيس منصور.. وكلفه بعمل صفحة أدبية وكان يقرأ كل شيء ويعرف الكثير عن أمور الأدب والفن.. ومثلما فكر عبدالناصر فى إطلاق جريدة الثورة.. وكلف السادات بذلك عاد هو الآخر يطلق مجلة أكتوبر وأسند إلى أنيس منصور رئاسة تحريرها وكان هذا بعد انتصار أكتوبر وكان يكتب الافتتاحية أو يمليها على أنيس وقد أحسنت قناة الوثائقية بفيلمها عن السادات وسلسلة أفلامها المختلفة عن نصر أكتوبر العظيم من كافة الزوايا.
أول مقال
«ها هى الجمهورية تشق طريقها إليك.. بين الصحافة العربية.. إنها تشق طريقها واضحا لا تخبط فيه ولا التواء ولا مجاملة ولا تحامل.. لقد حددت أهدافها وآلت على نفسها ألا تنفذ هذه الأهداف إلا بسلطان الصدق وفى ضوء الوضوح وهى بهذا السلطان وهذا الضوء خليقة بقيادة وتوجيه الوعى فى كل مرفق من مرافق الوطن».
كانت هذه الافتتاحية التى كتبها السادات فى العدد الأول من الجمهورية «٧ ديسمبر 1953» وكان هو مديرها العام ثم رئيسا لمجلس إدارتها بينما تولى الكاتب حسين فهمى رئاسة التحرير.. وكتب طه حسين وكامل الشناوى ومحمد مندور ولويس عوض وخالد محمد خالد.. وقد أكد السادات فى مقاله أنها الجريدة الحرة التى استمدت حريتها من ثورة يوليو التى تضئ طريقها بنار الحق ونور الحق.. تحرق الأصنام وتحرق المفاسد وهى جريدة قوية قوة الثورة التى تخط طريقها إلى أهدافها عازمة مطمئنة.
والسادات الذى أجاد استخدام المناورة فى حرب أكتوبر وكانت من أهم عوامل خداع العدو.. والنصر عليه.. تراه يخرج مصطفى أمين من السجن.. ثم هاجمه وأوقف عموده الشهير فى جريدة الأخبار.. ونشر فصول روايته «سنة أولى حب» التى تحولت إلى فيلم بعد ذلك ثم دعاه إلى فرح ابنه جمال وهو من أبعد هيكل عن الأهرام.. واختص الأخبار بصورها الخاصة وهو رئيس بعد أن أقنعه بذلك إبراهيم سعده تحت عنوان يوم فى حياة الرئيس وأسند تلك المهمة إلى المصور الصحفى الكبير فاروق إبراهيم وظهرت أشبه بفيلم وثائقى وكان ذلك قبل اغتياله بشهرين.. وكانت وجهة نظر الرئيس أنه يحب أن يظهر للشعب الوجه الإنسانى له مثلهم وكانت موافقته على هذه الصور خاصة تلك التى ظهر فيها بملابسه الداخلية وهو يحلق ذقنه دليلا على جرأته وحبه للاختلاف عن غيره.
وقد ربط البعض هذا الجانب من شخصية السادات عندما قرر الذهاب إلى العدو فى عقر داره.. وتحمل المقاطعة العربية بعد كامب ديفيد.. والغضب الذى أحاط به داخليا وخارجيا ثم اعترف الكثير من هؤلاء بأنه كان بعيد النظر والدليل أن ما رفضته منظمة التحرير الفلسطينية مع السادات.. هرولت لتحصل على ربعه بعد ذلك ولم تبلغه.
رياضة وفن
عندما أعلن الرئيس السادات حبا للنادى الأهلى تحولت الغالبية إلى تشجيعه.. وكان يمارس اليوجا ورياضةالمشى وحياته العسكرية كانت الرياضة مادة أساسية فيها خاصة فى مراحلها الأولي.. وعندما أدرك أن حبه للأهلى سوف يثير غضب الأندية الأخرى أعلن حياده وتدعيم أندية القناة بصفة خاصة بورسعيد – الإسماعيلية – السويس وكان أيضا يحب السباحة.
وفى بيته قاعة لعرض الأفلام وهو مشهد قدمه أحمد زكى فى فيلم السادات ويحب مشاهدة الأفلام القديمة بصفة خاصة لأسمهان وعبدالوهاب وفريد الأطرش على رأس هؤلاء.. وكان يدندن فى لحظات الروقان بأغنياته وحب السادات لفريد يعجب جمهور النادى الزمالك لأنه من أبرز مشجعيه وكان يقول للمقربين منه أشجعه فى المباريات الدولية وهو فعلا مدرسة.. ولا يمكن له كمحب للفن أن يتجاهل أم كلثوم وقد كانت تعرفه جيدا قبل الثورة وبعدها.. ويقول يكفى ما قدمته للبلد بعد هزيمة 67.. ويكفى أيضا أنها أبسط الناس.
وقد قرر عام 1976 الاحتفال بالفن وأهله فى عيد الفن وقال فى كلمته: يسعدنى كل السعادة أن التقى اليوم بكل فنانى وفنانات مصر وكتابها ومفكريها وقادتها على جميع المستويات فقد جئنا إلى هنا لنحتفل بعيد الفن وهو فى الحقيقة احتفال بمصر وبالقيم الإنسانية العليا وقدم ميدالية جائزة الجدارة.. ومعها أخرى مالية قدرها ألف جنيه «رقم مرعب فى وقته» وكرم محمد عبدالمطلب وزينات صدقى ومريم فخر الدين والموسيقار محمد الموجى ومحمود المليجى وكمال الملاخ الصحفى والأثرى وحمدى غيث وسعاد حسنى وكان حريصا على رعاية الفنان عبدالوارث عسر بعد أن علم بمرضه.. وكرم تحية كاريوكا نظرا لنشاطها الوطنى مع الفدائيين ضد الاحتلال الانجليزى فى منطقة القناة ومنح نجمة إبراهيم «يهودية الأصل» معاشا ظلت تحصل عليه حتى وفاتها.. وفى مناسبات عديدة كرم ماجدة الصباحى ورشدى أباظة وشادية وتوفيق الدقن وغيرهم.
من أجمل ما قال
إن القوات المسلحة المصرية فى أكتوبر 1973 صنعت المعجزة ويستطيع هذا الوطن أن يطمئن أنه أصبح له درع وسيف.
١١ عاماً فى رحاب “الجمهورية”
بقلم لواء دكتور مهندس
مصطفى هدهود
محافظ البحيرة الأسبق
Email:[email protected]
بمرور أحد عشر عاماً على تواجدى فى رحاب جريدة الجمهورية ومؤسسة دار التحرير جريدة الثورة وصوت الشعب التى أسسها الزعيم جمال عبدالناصر 7 ديسمبر 1953.. اشعر بالفخر والاعتزاز والسعادة على تواجدى وسط مجموعة متميزة من الصحفيين والكتاب والإداريين والفنيين والعاملين لم اتعامل مع مثلهم طوال حياتي.
بدأت مسيرتى مع جريدة الجمهورية منذ نهاية عام 2013 عندما كنت محافظا للبحيرة حيث قابلت رئيس التحرير فى ذلك الوقت الصحفى والكاتب البارع والمتميز الفلاح الأصيل ابن قرية مسهله مركز السنطة محافظة الغربية الكاتب السيد البابلى وانبهرت بجمال المبنى معماريا ومكتب رئيس التحرير ومساعدتى لحل احدى المشاكل التى واجهتنى فى بداية عملى بالمحافظة وتوطدت علاقتى معه ومازالت مستمرة حيث أرى فيه الإنسان المخلص لوطنه والشعب المصرى واستمرت العلاقة القوية بدعوة الكاتب الصحفى فهمى عنبه رئيس التحرير خلال عام 2014 لحضور احتفال المحافظة بالعيد القومى ووجدت فيه الشخصية المتواضعة الرصينة المحب لعمله وجريدته الجمهورية.
وزاد حبى وارتباطى بجريدة الجمهورية عند حضور وفد من الجريدة برئاسة الاخ والصحفى اللامع ماهر عباس ومحمد العزاوى لزيارة المحافظة ومشاهدة التطور الذى يحدث بالمحافظة، وهنا تكررت زياراتى لمبنى الجريدة وتوطدت علاقاتى مع شخصيات متعددة خاصة استاذى ومعلمى الصحفى جلاء جاب الله ابن المنزلة رئيس مجلس إدارة المؤسسة فى ذاك الوقت وشعرت معه بحنية الأخ لأخيه وحبه وارتباطه بكل العاملين.. وهنا بدأت رحلة الكتابة فى صفحة الرأى بتشجيع من اخوتى سعد سليم وإياد ابوالحجاج وفهمى عنبه وجلاء جاب الله وحمدى حنضل وماهر عباس وزياد السحار ومجاهد خلف وعبدالناصر شمس وسيد حسين ومحمد عبدالحميد وأحمد رمضان وشريف نبيه ومحمد النقيب وبالفعل كنت ومازلت اعتبر يوم حضورى لمبنى جريدة الجمهورية من اسعد ايامى واشعر بسعادة وطمأنينة عند التحاور معهم.. واستمرت مسيرتى فى الكتابة بمقال اسبوعى مع جريدة الجمهورية وازدادت قوة علاقتى وارتباطى بتولى اخى وصديقى الصحفى الكاتب عبدالرازق توفيق ذلك الرجل الذى يحب وطنه حباً جماً ويعشق قواته المسلحة ويفتخر بقائد الدولة المصرية الرئيس عبدالفتاح السيسى وهنا استمررت فى كتابة سلسلة من المقالات الاسبوعية كل يوم سبت عن «مصر تستطيع بالصناعة» وعدة مقالات متنوعة اهمها «أنقذوا أسيال» و«الابيسان» وسلسلة مقالات عن مقاومة التمدد الإسرائيلى الصهيونى نحو الاوطان والاراضى العربية والدور المصرى شعبا وقيادة للحد من هذا التمدد الاستعماري.. إضافة إلى موضوعات اخرى عن المشروعات القومية ومنها الاستطلاع الميدانى عن اكبر محطــة مياه فى غرب الدلتــا ومستقبل مصـــر والدلتــا الجــديد والـ LRT.
وما أجمل التواجد صباح كل يوم جمعة اسبوعيا وتناول الافطار مع مجموعة من الكتاب الصحفيين المتميزين أحمد العطار ويحيى على وماهر عباس ومحمد مرسى وسيد عبدالجواد ومحمد الفوال وأحمد خيرى ومعتز الحديدى ومحمد المنايلى ومحمد زين وفى مقدمتهم الحاج صالح ابراهيم الرجل الذى مازال يواصل مشواره لصالح الجريدة والوطن بالرغم من تحديات كفاءة الحركة ولكن الحب والتعاون والاصرار والعزيمة همى اسلحته لمواجهة التحديات العمرية والعاملين وائل رأفت ومع حضور الصحفى الصادق مع نفسه الذكى القريب من العاملين والمتجاوب معهم فى الامور الكاتب أحمد ايوب رئيس تحرير الجريدة حاليا والذى تولاها منذ نحو 8 شهور وظهرت الجريدة فى صورة جديدة ومتطورة من حيث الإعداد والمراجعة والاخراج والموضوعات الجديدة التى تم تضمينها بالجريدة والمتابعات الاسبوعية واليومية والاهتمام بنشر التحاليل والمناقشات عن كل ما يدور داخل وخارج مصر لتصبح الجمهورية نبض الشعب والحكومة.. الصحافة العصرية.. وتعلمت ومازلت اتعلم الكثير من اخى وصديقى الكاتب الصحفى ماهر عباس ذلك الرجل الذى يملك موسوعة تاريخية وصحفية زاهد الحياة وذو ذكاء فطري.. وقدرة على العطاء والوفاء لمهنة الشرفاء وربما هو الصحفى الوحيد منذ صدور الجمهورية قبل 71 عاما الذى يديرها بتواجده فى الديسك المركزى والتجهيزات والحق يقال إن جريدة الجمهورية لا يمكن صدورها بالمستوى الرائع الحالى إلا بمجهودات مئات العاملين الجنود المجهولين الذين يعملون فى صمت وحب وانتماء للمؤسسة والوطن مصر الغالية من أول رجال الامن ورجال التجهيزات أحمد جاد ومحمد رمضان وحافظ وصفى «أبوصدام» وسعيد شاهين وكتيبة المحررين المراجعين الأكفياء برئاسة مجدى عيسى ومصطفى عز الدين ومحمد كمال وحسام السيد وعادل حسن وخيرى محمود وأحمد حجاب وأحمد مصطفى ووائل صلاح وحامد محمود وعادل البكل وسامح حماد ومحمد حامد إضافة إلى رجال التجهيزات سامح مصطفى وفيصل عبدالله وأحمد إبراهيم ومنتصر صلاح وياسر رفعت وصبحى عبدالنبى ومحمد الاشهب ووائل أبورواش وعرفة إدريس وأحمد ابراهيم ومحمد البيطار وعماد رزق ومدحت صلاح ومحمود عبدالمنعم ورمضان عبدالسيد ووليد عاطف وياسر أبوالعطا ومحمد جمال وإسلام رياض وهانى السيد وسامى عبدالحفيظ وخلف حسنى وهانى صابر ومصطفى محمود وجمال اسماعيل وأحمد متعب وطه حسين ومازن محمود ومصطفى البحيرى و محمد خالد وعشرات العاملين الاخرين.
ما أود قوله مع مرور 71 عاما على صدور الجمهورية التى اسسها الزعيم جمال عبدالناصر وادارها الرئيس محمد انور السادات وجمعت على مدى تاريخها كبار كتاب مصر والعالم العربى ان هذه الجريدة بشبابها وقياداتها المتعاقبة نجحت فى تجاوز كل التحديات ولا تزال تقف شامخة مع شقيقاتها فى الصحافة القومية وسط عالم متوتر بالاحداث فى الاقليم والمنطقة المحيطة.