ليس من الأمانة أن يتحدث البعض بجحود ونكران غريب، ويتمادى فى الهجوم والقسوة، والتنظير، دون دراية أو موضوعية أو تجرد أو حديث عن التحديات والظروف الصعبة التى واجهت الدولة المصرية، أو تكبدته من خسائر فادحة وتكلفة باهظة بسبب احداث وفوضى يناير 2011 حتى يونيو 2013 وما حدث من فوضى وإرهاب، أو ما تحقق خلال وبعد انتهاء هذه التحديات والتهديدات من انجازات أو نجاحات بعد أن كانت مصر مرشحة للضياع والسقوط بعد أن واجهت مخططًا شيطانيًا، أرفض الأحكام المطلقة التى تتجاهل اعتبارات وأسباب، وأزمات، وتحديات، أو النظر إلى الأمور بعين ومعايير الأزمة، الحالية والطارئة وأسبابها وكونها نتاج تداعيات صراعات دولية وإقليمية، تقيم الأمور من منظور الأزمة، هو أمر يفتقد للعلم والموضوعية والانصاف وأحاديث «السوشيال ميديا» و»اليود كاست» وغيرها ممن يزعمون أنهم يستضيفون الخبير الفلاني، والمعارض العلانى ويتبارون فى الهجوم وأحاديث غريبة تفتقد لأدنى معايير الموضوعية، أو حتى الحيادية، وتنظير غريب رغم أننا جربنا المنظرين كثيرًا فى مواقع المسئولية واثبتوا فشلاً ذريعًا وأدرك الجميع من خلال هذه التجارب الخائبة لهم أن هناك فارقًا كبيرًا بين الأحاديث والتنظير وبين الواقع وبين الكلام والفعل ولا داعى أن اذكر بعض هذه التجارب.
الحديث على اطلاقه، وتجاهل كافة الاعتبارات، والتحديات والمعوقات حديث يفتقد للأمانة فى العرض أو ربما يكشف جهلاً بهذه الأبعاد، وكأن مصر كانت سويسرا، أو ألمانيا، أو أوروبا أو واحدة من البلدان المتقدمة، أو دولة كما يقولون على المفتاح، فلا يتطرق أحدهم للحديث عن ظروف مصر والتحديات التى واجهتها حتى قبل 2011 حيث تراكمت المشاكل والأزمات وغاب الاصلاح والبناء هذه التحديات لا تشفع لديهم ولا تعطى مبررًا لمعاناة ينظرون فقط إلى الجزء الفارغ من الكوب ويتمثل فى أزمة عابرة، ومعاناة مؤقتة، وتنظير لا ينقطع، ومزايدات لا تستند على أى دليل، تتاجر بالأزمة وتجعلها مقياسًا للحكم، وهو أمر شديد الانتهازية، يفتقد لأدنى معايير الموضوعية ويتجاهل أبعادًا ونجاحات، ومثل ذلك تحديات وأزمات وصعوبات انطلقت منها التجربة، يحدثونك عن هرم الأولويات وهو حديث مستهلك وكأن مصر كانت إحدى النمور الآسيوية، أو الدول الأوروبية، ولا يدركون أن مصر وصلت إلى حافة الضياع والسقوط وبلغت فيها المشاكل والتحديات فى كافة المجالات والقطاعات وفى جميع ربوع البلاد ذروتها وأن الأمر لم يكن يحتمل التأجيل أو رفاهية الاولويات، وأن البناء كان لابد أن يكون شاملاً، الأدهى والأمر أنهم لا يرون أى جميل، أو نجاح أو انجاز وما أكثر من ذلك فى بلد كان أكثر المتفائلين يقول إنه لن يعود قبل 500 عامًا من فرط ما تعرض له من افتقاد رؤية الإصلاح والبناء، وتراكم المشكلات والأزمات والتحديات، وفوضى عارمة، وأرهاب كاد يأكل الأخضر واليابس، وأزمات وصراعات دولية وإقليمية، فرضت تداعيات وآثار مؤلمة وصعبة انعكست على جميع دول العالم وبطبيعة الحال مصر جزء من العالم، الغريب والعجيب أنهم يتمتعون برفاهية الكلام والنقد والتنظير، والنقاش، وفى أجواء من الأمن والأمان والاستقرار والحرية، وفى وطن واثق من نفسه وقدراته على حماية حاضره ومستقبله لكنهم لا يفكرون ولا يثنون على ذلك بل لا يترحمون على أصحاب هذا الفضل من شهداء أبرار، أو احياء كافحوا وجاهدوا وثابروا وصبروا حتى يتحقق لمصر ذلك.
لا أجامل، ولا أريد من أحد أن يكيل المديح، ويكتفى فقط بعرض انجازات ونجاحات دون ذكر أزمات وتحديات لكن ما نريده فقط هو الانصاف والموضوعية، والتناول النابع من ضمير المهنية والأمانة فنحن لا ننكر أن هناك أزمة ومعاناة على الاطلاق ولا نقول إن الدنيا وردى ولكننا نريد عرضًا أمينا، فمصر تشهد حالة غير مسبوقة من الحراك التنموى فى جميع المجالات والقطاعات، يرتكز على الرؤية والإصلاح والإرادة، ينتشر فى كافة ربوع البلاد وربما يكون من لايرى أن مصر تغيرت (360) درجة مصابًا بالعمي، رغم انه يتابع، ويجوب كل مناطق مصر لذلك من لا يرى أبعاد وآثار الأزمة المؤقتة والعابرة التى فرضتها تداعيات أزمات وصراعات دولية وإقليمية، فهو بعيد عن الأمانة والموضوعية، فالضيف القادم من خارج مصر أو الذى ابتعد عنها لسنوات ثم عاد يشهد بأن هناك دولة جديدة فى مصر، بل أن حالة الجدل والنقاش لدى البعض حول أولويات التنمية، أو الرأى والرأى الآخر هى شهادة بأن هذا البلد يشهد ملحمة تنموية، حققنا خلالها، مشروعات عملاقة، وباتت لدينا قلاع، وموارد اضافية، وثروة حقيقية فى البنية التحتية وحالة استقرار شاملة، وفرص كبيرة ومدن ذكية وصلت إلى 22 مدينة ومستهدف إجمالاً لتصل 42 مدينة كما هو مخطط وتوسع زراعى غير مسبوق، وعمراني، ضاعف مساحة العمران فى مصر، وفرص هائلة للاستثمار ونضع قواعد الانطلاقة الصناعية، ناهيك عن طفرات فى مجال الطاقة، وقدرة بلد واقتصاده على تجاوز وعبور الأزمات والتحديات والأهم بطبيعة الحال أنه لأول مرة ربما فى تاريخ مصر تشهد عملية بناء الإنسان المصري، والإيمان والإرادة لتحويل حقوقه إلى واقع على الأرض، المشكلة أن البعض ينسى سريعًا، رغم أنهم كانوا يصارعون الفوضي، والإرهاب، ويخشون كل شيء، حتى النزول للشارع أو نعمة الاطمئنان على أسرهم وأبنائهم أو حتى الثقة فى المستقبل، هذه الحالة كنا نعيشها قبل أكثر من عقد من الزمان والآن لا يلفت نظرنا اننا نتحاور وربما نختلف حول وجهات نظر فيما تم تنفيذه على أرض الواقع هو أمر غير مسبوق، وأصبح لدينا حجم بناء تاريخى حققناه وانجزناه قبل انفجار الأسعار العالمية، وبلغة «أهل البلد» فزنا به إيا كان لكن له جدوى وأهداف وعوائد عظيمة على المديين القريب والبعيد، ولذلك اطلب أمرًا مهمًا للغاية أن الحديث عما نعيشه لابد أن يكون بنظرة فيها موضوعية وانصاف، والإدراك أنها مجرد وجهة نظر لا تحجر على آراء الآخرين لذلك لابد أن أتوقف عند مجموعة من النقاط كالتالي:ـ
أولاً: لا أجد أحدًا يتحدث من هؤلاء عن الأوضاع والتحديات والأزمات والمشاكل المتراكمة قبل أكثر من عشر سنوات، والتى لمسناها جيدًا وادركناها عقب2013، وبدأت مسيرة الإصلاح والبناء فى عام 2014 من خلال أمرين ــ الأول أن مرحلة ما قبل2011 ربما أدى تراكم المشاكل والأزمات والتحديات إلى عجز الدولة عن تبنى مسار الإصلاح الحقيقى والشامل، ورؤية البناء والتنمية.
الأمر الثاني: ما أفضت إليه ثورتان خلال عامين ونصف العام، وتأثيرهما على أحوال وظروف هذا البلد، وما حدث من خسائر بسبب الفوضى العارمة فى يناير 2011 وما حدث من إرهاب على يد جماعة الإخوان الإرهابية والذى احتاج لتكلفة باهظة على مستوى الأمن والاستقرار، أو أعداد الشهداء والمصابين وأيضا ميزانية الحرب على الإرهاب، ورغم ذلك الدولة لم تؤجل مسيرة الإصلاح والبناء والتنمية ولكنها انطلقت فى وقت متزامن لتخوض معركتى البقاء والبناء هل هذا يشفع لدى المزايدين، ولماذا يفتقد حديثهم ذكر هذه التحديات والمشاكل التى ورثتها مصر وقيادتها السياسية، ونجحت فى عبورها.
ثانيًا: لماذا لا يتحدث هؤلاء عن هموم وتحديات تواجه الدولة المصرية، ورثتها من عقود وعهود سابقة، فى كل المجالات والقطاعات ولا أريد القول إنها كانت بعد يناير 2011 حتى رحيل الإخوان المجرمين أشبه بـ»الخرابة» أو شبه الدولة تعانى فى الداخل والخارج.. لماذا لا يتحدث هؤلاء عن خطورة الزيادة السكانية وتأثيرها على التنمية ولنا أن نتخيل أن مصر فى 2011 كان تعداد سكانها 80 مليون نسمة وأصبح الآن 107 ملايين بما يعنى أن الزيادة السكانية والنمو السكانى وصل إلى 27 مليونًا، والسؤال كم يحتاج هؤلاء الـ27 من ميزانيات فى الصحة والتعليم والسكن والمرافق والسلع الأساسية، والمياه أيضا، وماذا كنا سنفعل مع هذه الزيادة التى تبلغ فى حجمها مجموعة من الدول إذا لم تتحرك الدولة فى مسار البناء والتنمية والتوسع العمراني، والمشروعات العملاقة التى استوعبت ملايين فرص العمل وخلقت فرصًا للعمل والاستثمار لذلك لابد أن نكون منصفين وموضوعيين، وأن هذه التجربة التى تحققت انقذت مصر من ويلات كثيرة سواء المشاكل والأزمات المتراكمة أو النمو السكاني، أو تداعيات الأزمات العالمية بداية من «كورونا» مرورًا بالحرب الروسية ــ الاوكرانية، نهاية بما يحدث فى المنطقة على مدار أكثر من 13 شهرًا.
ثالثًا: لماذا لا يتحدث هؤلاء أن مصر ورثت أمرًا لطالما كان عائقًا أمام المشروع الوطنى للبناء والتنمية والتقدم وهى محدودية الموارد، فجميعًا يحفظ عن ظهر قلب هذه الموارد ومصادر الدخل، وربما هذه الموارد المحدودة شهدت تطورًا كبيرًا فى السنوات الأخيرة بفضل الرؤية التنموية والبنية التحتية ومشروعات الطاقة، والاستثمار وتطوير الموانيء وقناة السويس الجديدة التى تأثرت بسبب الأحداث والأزمات الحالية فى المنطقة بالإضافة إلى الفرص الاستثمارية الضخمة والمباشرة غير المسبوقة، أريد الحديث الموضوعى والمنصف وهذا لا يعنى خلق الاعذار ولكن بأمانة وتجرد فهى شهادة حق.. تحيا مصر.
تحيا مصر