انتهى زمن نجم الشباك وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها.. بعد غياب عادل إمام وابتعاد نادية الجندى ونبيلة عبيد ورحيل نور الشريف ومحمود ياسين.. والأسباب يطول شرحها وبعد أن دخلنا زمن بطولات «الميكروباص» والمقصود بها البطولات الجماعية بينما تشير إلى النجم الأوحد.. إلى البطولات «الملاكي».
وأهم أسباب اختفاء نجم الشباك دخول السوشيال ميديا وتفتيت النجوميات الكبيرة إلى شرائح متعددة فقد كان جمهور السينما يذهب إلى دار العرض لأجل فنان بعينه ويتوقع منه الكثير ويقطع المشوار ويدفع ثمن التذكرة راضياً مرضياً.. وهذه الأسماء الجماهيرية صنعت تاريخها مع الجمهور بصرف النظر عن مستوى الأفلام فقد يرضى عنها الجمهور ويهاجمها النقاد أو العكس.. ونادراً ما يجمع الكل على فيلم واحد.. وفى هذ النوادر اختار كبار النقاد أفضل مائة فيلم فى تاريخ السينما المصرية من بين عدة آلاف من الأفلام وصنفوها بسهولة.. لأن الذاكرة فيها ما لا يقل عن 50 فيلماً.. يستطيع المتخصص أن يرصدها بسهولة.
أسباب الغياب
اختفى نجم الشباك لأن الغالبية من أجيال الشباب وتاريخهم بسيط.. ثم ان النجم فى الوقت الحالى متواجد أمام الناس 24 ساعة.. القنوات تعيد المسلسلات والبرامج والاعلانات وهو فيها بشكل أو بآخر.
أحياناً يقدم البرنامج أو يحل ضيفاً على غيره.. وهم يتبادلون فى البرامج المجاملات الزائدة بحجة تسلية الجمهور وهو دائماً عايز كده.. والصحيح أنه فى عصر الانفتاح والانترنت تغير المزاج.. وحامل الموبايل يستطيع بسهولة أن يتجول فى أرجاء العالم وهو فى مكانه.. ويتابع ملايين الفيديوهات حسب الطلب.. قديمها وجديدها.
والشوق هو ما يدفع المتفرج إلى نجمه المفضل.. والنفس تمل من التكرار والتعود.. والفن أساسه الدهشة.. والمفاجأة فى الشكل والمضمون.. ولو وصلتك دعوة مجانية وانت تعرف مقدماً ماذا سيعرضه هذا الفنان لن تذهب وآفة أهل الفن عندنا إذا نجح لهم شئ قدموه فى أجزاء حتى تكره هذا اليوم الذى ظهر فيه العمل لأول مرة مع انك رحبت به واحببته وإذا اختار لنفسه أسلوباً يعيد ويزيد فيه.. وعندما قدم محمد سعد شخصية اللمبى بأسلوبه الحركى والشكلي.. وجد قبولاً جماهيريا تمثل فى الايرادات العالية التى حصل عليها من أفلامه والتى تراجعت واحداً بعد الآخر لأنه تمسك باللمبى ثم استنسخ فى اطاطا وبوحة وبوشكاش.. وعندما أراد أن يتخلص من اللمبى فى مسلسلات تليفزيونية وجدناه يستعيده بأسماء أخرى ولم يستطع أن يهرب من تأثير اللمبى عليه.. إلا عندما أعاد شريف عرفة اكتشافه فى فيلم الكنز لكنه رفض وعاد إلى قواعده فى برنامج تليفزيونى بميزانية كبيرة مع هيفاء وهبى والنتيجة لم ينجح لا هو ولا اللمبي.. ولما اقتنع وقدم نفسه فى فيلم الدشاش أراد أن ينافس السقا وكرارة والعوضى وهذه ليست منطقته وتظل مشكلته هى نفسها مع أغلب أبناء جيله آخر شئ فى لائحة اهتماماتهم هو «النص» وبدونه لا يمكن لأهم ممثل فى العالم أن ينجح مهما كانت قدراته.
إيه الحكاية
كانت القاعدة أن النجم السينمائى هو الأصل.. ويحتفلون بذلك عند تقديمه فى عمل تليفزيونى ويعتبرونها ميزة.. وهو أمر موجود حتى فى قلعة السينما العالمية هوليوود الآن سقطت هذه القاعدة وكله مثل بعضه.
ودخلت المنصات على الخط.. ولأنها تبحث عن الجديد لمشترك يدفع لأجل ذلك وإلا انصرف إلى منصة أخرى ومن هنا تم الدفع بعناصر شابة لأنها أقل أجراً ولكنها معروفة حيث أن الشهرة لم تعد مشكلة.. فكل فنان له صفحة وشلة وجماهير له وتروج له.. وجوجل يقوم بذلك إذا دفعت وسائر المواقع X، فيس بوك، توك توك واستحدثوا عبوات جديدة.. خماسيات وسباعيات ملفات الـ15.. السهرة.. أو الفيلم التليفزيونى الذى تم تصويره بكاميرات حديثة متطورة.. وبميزانيات منخفضة.. وفى الموسم الرمضانى المنتهى مؤخراً رأينا بطولات تحمل اسماء أحمد مالك وطه دسوقى وعصام عمر وهدى المفتي.. وتغيرت المعادلة.. ويبدو أن الاسماء الأولى أحمد عز وكريم عبد العزيز وأحمد حلمى وأمير كرارة وعمرو يوسف.. وجدوا فى فلوس الاعلانات المكسب السريع المريح والرصيد المالى قد يكبر.. لكن على حساب الرصيد الفني.. وخاصة أن الإعلان يذاع مئات المرات وقد أعجبتهم لعبة الأكشن كلهم بلا استثناء ربما ضاق المتفرج من العنف والبلطجة.. لقد كان نور الشريف رحمه الله عليه يفعل ذلك وهو يذهب لمشاهدة عروض الشباب فى مسارح الحكومة ويركب سيارة متواضعة يخصصها لهذا الغرض فهو لم يكن يذهب للمنظرة والنجومية عليهم.. وكان بالفعل يقرب ويكتشف ويقدمهم فى أعماله التى ينتجها.. وهذه هى النجومية بحق.. وكان الكبير محمود ياسين يقول إنه لا يحب «النجمكة» ولما سألته عن المصطلح قال إنه يقصد به الممثل المعروف الذى يعيش 24 ساعة فى حياته العامة والخاصة على أنه «النجم» فهو يمثل على نفسه!
ولأن الفلوس والشهرة قد تحققا بأكثر مما يحلم تغيب الطموحات الفنية ونظراً لغياب الثقافة.. يصبح اختيار العمل وفقاً للأجر والسفريات ولزوم الراحة.. قبل فكرة النص وأهدافه.. وتحول شعار أغلبهم المهم نسلى الناس ولأن مواقع مثل التوك توك تقوم بالواجب وأكثر.. يفقد الفنان بريقه وتميزه إذا كان هناك من الجمهور من يتفوق عليه.. وينافسه فى الشهرة من منازلهم.
ولهذا نطالب بإعادة تعريف معنى «النجومية» بحيث يكون النجم الحقيقى هو الأكثر قرباً من عقل وقلب المتفرج وأن يكون دائماً وأبداً مرآة عاكسة لأحوال البلد.. بصورة أفضل.. فهل هى صعبة؟!