هل حققت البعثة المصرية نجاحا أم فشلا فى دورة باريس الأولمبية 2024؟ الشارع فى مصر يعتبر أن ما حدث للبعثة خلال الدورة من نتائج وسلوكيات وأحداث هو فشل جماعى بإمتياز، وفى المقابل المسئولون بقيادة د.أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة أعلى جهة حاكمة للرياضة فى مصر واللجنة الأولمبية الجهة المنوطة بقيادة الرياضة فنيا يعتبرون أن ما تحقق إنجاز، وبل ويزيدون فى وصف الإنجاز بأنه عمل جماعى اشتركت فيه أطراف عديدة من فرط ما تحقق من إنجازات.
المشكلة هنا أن إعتبار المسئولين أن ما تحقق هو إنجاز قد يغطى على كل الكوارث التى حدثت للبعثة والأموال الطائلة التى تم صرفها على لعبات لم تحقق سوى المراكز الأخيرة بين كل دول العالم، وبدلا من دراسة دقيقة لما حدث ثم الحساب للإتحادات الفاشلة ومجالس إداراتها نحتفل بإنجاز لا يقارن بدول مساحتها أقل من حى صغير فى القاهرة ورغم ذلك حققت إنجازات أفضل مما حققته البعثة المصرية التى تعتبر من أكبر البعثات بين كل دول العالم.
والحقيقة الدامغة أن الإنجاز البديع لبطلنا أحمد الجندى فى الخماسى وتحقيقه للميدالية الذهبية فى اليوم الأخير للدورة وتحطيمه للرقم الأوليمبى فى التصفيات ثم الرقم العالمى فى النهائيات وقبله بدقائق تحقيق البطلة سارة سمير للميدالية الفضية لرفع الأثقال، غطى تماما على السلبيات العديدة طوال الدورة وكوارث بعض اللعبات مثل لاعبة ملاكمة تستيقظ صباحا على وزن زائد ولا تشارك فى الدورة الأولمبية بعد كل ما تم صرفه عليها وأخرى خاضت مسابقة السلاح التى تتطلب جهدا وتركيزا كبيرا وهى حامل فى الشهر السابع، ولاعب مصارعة يخرج من القرية الأولمبية ويظل ساهرا حتى الصباح ويعرض نفسه لإتهام إحدى الفتيات له بالتحرش.
ثم والأهم هو النتائج السلبية لكل اللعبات التى كنت أعلم وكتبت عنها كثيرا أنها لن تحقق أى ميداليات أو حتى أى مركز متقدم لو صرفنا عليها أموال قارون لأن طبيعة الجنس البشرى الذى ننتمى اليه لا يتوافق مع قدرات هذه اللعبة وأصبحنا كما لو كنا قد حجزنا المركز الأخير فيها.
وأعود إلى الخلاف فى الرأى حول فشل أو نجاح البعثة بين رجل الشارع العادى وبين المسئولين لأجد نفسى كالعادة منحازا إلى رأى رجل الشارع وهو الترمومتر الدقيق لتقييم أى حدث، لأن تقييم رجل الشارع يكون دائما بلا عاطفة وبلا أى مصالح من أى نوع.
وحتى أبرهن على أن نتائج بعثتنا التى كانت الأكبر فى تاريخ المشاركة الأولمبية منذ المشاركة الأولى عام 1912، سأذكر أمثلة بسيطة عن دول عرفت تماما قدرها وتخصصت فى لعبة واحدة أو اثنين على الأكثر وعادت بميداليات وتألق غير عادي.
سان لوشيا الجزيرة الصغيرة فى البحر الكاريبى والتى تبلغ مساحتها أقل من خمس مساحة شبرا وعدد سكانها نحو 180 ألف نسمة أى أقل من ضعف سعة ستاد القاهرة شاركت فى الدورة يثلاث رياضيين فقط وخرجت بذهبية وبرونزية للعداءة العملاقة جوليان ألفريد التى جعلت بلادها حديث العالم.
وشاركت كينيا باثنى عشر لاعبا ولاعبة كلهم فى رياضة واحدة هى العاب القوى وحققت 11 ميدالية منها 4 ذهبيات وفضيتان و5 برونزيات.
تناولت فى مقال سابق دور ما يسمى بالرياضة التخصصية التى تقوم الدول من خلالها فى التخصص فى الرياضات التى تناسب الطبيعة الفسيولوجية والأنثربولوجية لهذه الدولة وبالتالى تحقق هذه الإنجازات التى فشلت بعثة مكونة من 164 فردا فى تحقيق ربعها.
هكذا يكون التقييم العلمى للبعثة وسبب تقييمى لها بالفشل ولكن هل يتم حساب الفاشلين.. الإجابة ستكون فى الأحلام كالعادة!!