هذه المرأة الأسطورة التى انتقلت فى حياتها من محطة لأخرى ومن تخصص لغيره دون ان يبتعد عنها النجاح والتألق والتى قالت فى مجلتها التى حملت اسمها روزاليوسف التى مازالت بيننا حتى الآن رغم انها انطلقت لاول مرة عام 1925 – قالت «كلنا سنموت ولكن هناك فرق بين شخص يموت وينتهى وشخص مثلى يموت ولكن يظل حياً بسيرته وتاريخه»، فاطمة اليوسف أو روزاليوسف فنانه وصحفية لبنانية موهوبة من أصل تركى واحدى أشهر أسماء الفن والصحافة والسياسة فى النصف الأول من القرن العشرين بمصر وهى والدة الأديب الكبير إحسان عبد القدوس.. ولدت فى بيروت والدها هو محيى الدين اليوسف تركى الأصل، توفيت والدتها عقب ولادتها واضطر والدها لتركها مع أسرة من الأصدقاء لرعايتها وفى سن الرابعة عشر بدأت رحلة الكفاح والنجاح فى عالم الفن من القاهرة بعد أن تركت الأسرة التى ربتها ورفضت السفر معهم إلى خارج مصر، حيث اكتشفها الفنان عزيز عيد وهو الذى أخذ بيدها فى دنيا الفن وبدأت العمل ككومبارس حتى سنحت لها الفرصة واختارها عزيز لدور سيدة عجوز رفضته كل ممثلات الفرقة وأدته بعبقرية لاقت استحساناً كبيراً من الجمهور.. أدت أدواراً كثيرة على المسرح كما أدت مقطوعات موسيقية مع محمد عبدالقدوس والتحقت بفرقة چورچ ابيض، وتألقت أثناء عملها مع يوسف وهبى بعد ان كون فرقة رمسيس عام 1923 فكانت بطلة الفرقة وبلغت ذروة المجد عندما مثلت دور مارجريت جوتيه فى رواية «غادة الكاميليا» ونالت لقب «برنار الشرق» .. وبعد خلاف مع يوسف وهبى تركت الفرقة واعتزلت التمثيل واتجهت للصحافة فى أهم محطات حياتها، حيث أطلقت مجلتها «روز اليوسف» الأسبوعية وكانت مجلة أدبية سياسية، وبعد ثلاثة أعوام من صدورها جاءت جريدة روزاليوسف اليومية التى ترأس تحريرها عبدالرحمن بك فهمى وكتب فيها عباس محمود العقاد ونجيب محفوظ وعائشة عبدالرحمن.. الطريف ان مجلتها الأسبوعية واجهت مشكلات كبيرة وأزمات مالية طاحنة، ومن ضمن مشكلات المجلة مصادرة 42 عدداً للمجلة من اجمالى 104 أعداد كما توقفت عن الصدور أكثر من مرة.. وقد واجهت روزاليوسف مشكلات مع حزب الوفد المصرى وصل الأمر للهجوم على مقر المجلة ورفض باعة الصحف بيعها بسبب موقفها من الحزب، وقد نجحت حملة روزاليوسف واستقالت حكومة نسيم باشا وعاد دستور 1923، وعندما عاد الوفد مرة أخرى إلى الوزارة كان أول قرار اتخذه هو إلغاء ترخيص صحيفة روزاليوسف اليومية، ثم أدى ضغط الحكومة والحزب بالمجلة للإفلاس وإيداع روزاليوسف السجن فترة قصيرة وسرعان ما أفرج عنها.. وقد أصدرت مطبوعات اخرى بعد إيقاف المجلة لتلافى أضرار هذا الإيقاف مجلة «الصرخة» و«صباح الخير» و «مصر الحرة» و«الرقيب» و«صدى الحق».. وكان لروزاليوسف دور واضح فى حركة الادب والثقافة حيث أصدرت الكتاب الذهبى وسلسلة كتب فكرية وسياسية وفى عام 1956 أصدرت كتاباً بمذكراتها هو «ذكريات»، وقد اختارت رمزا لمجلة صباح الخير التى تعتبر من إصداراتها المميزة للقلوب الشابة والعقول المتحررة يشير إلى مضمون المجلة واتجاهها.. وبرغم ما واجهت فى حياتها من مشكلات ومصاعب إلا إنها تغلبت عليها لتأتيها أقوى ضربة فى حياتها عندما اعتقل عبدالناصر ابنها إحسان عبد القدوس بسبب ما كتبه فى مقال بعنوان «الجمعية السرية التى تحكم مصر» وفيه تساءل عن البرلمان والغموض الذى يحيط بطريقة الحكم التى تدار بها البلاد. كانت هذه السيدة المثقفة مثار إعجاب شديد فى الحياة الأدبية حتى قال عنها مصطفى أمين فى كتابه «مسائل شخصية» إن أغرب ما فى قصة هذه المعجزة أنها وهى صاحبة أكبر مجلة سياسية فى البلاد العربية لم تكن تعرف كيف تكتب وكان خطها أشبه بخط طفل صغير ومع ذلك كانت قارئة ممتازة وذواقة رائعة للأدب.