ما هى الجهة المسؤولة عن» براند الدولة «؟ ومن المسؤول عن الصورة الذهنية عن مصر؟ من يصنع التصور الشامل عن هذا الوطن؟ وقبل البحث فى إجابات هذه الأسئلة والتساؤلات علينا أن نعرّف البراند أو التصور أو القوة الناعمة وهو «قدرة الدولة على التأثير فى مختلف الفاعلين الدوليين ، دول ومجتمعات وشركات وحتى الأشخاص وذلك من خلال الجذب والإقناع بدلا عن اللجوء للإكراه باستخدام أدوات القوة التقليدية» ومن خلال سحب هذا التعريف على الواقع سنجد أن معرفة الآخرين بمصر وإدراكهم لها ولتاريخها وحاضرها هو البداية، فالمعرفة تصنع السمعة والسمعة تصنع التأثير فى كل الاتجاهات.
>>>
هذا التأثير يتم ترجمته بشكل اقتصادى بحت، فما تحققه بالتأثير الناعم يغنيك عن تحقيقه بالتأثير الخشن، وهناك مؤشرات دولية تحسب نصيب «براند الدولة» فى الناتج المحلى الإجمالي، ففى دولة مثل ألمانيا نجد أن «براند الدولة» يساهم بنسبة 300٪ من ناتجها الإجمالي، بينما فى مصر لا تزيد تلك المساهمة على 20٪ وفقا لتقارير معلنة، وقامت منظمة براند فاينانس بعمل مسح على 100 ألف مواطن من 100 دولة فجاءت مصر فى المركز 31 بعدد نقاط 41.6 عام 2022، مقارنة بالمركز 34 بعدد نقاط 38.3 فى عام 2021، بينما كان الترتيب 38 هو نصيب مصر فى عام 2020 بعدد نقاط 34.8، وبصرف النظر عن تفاصيل هذه المسوحات والدراسات.
>>>
يجب الإشارة إلى ان تاريخ مصر وحضارتها التى فاقت 7000 سنة مضت هو الأساس الذى يجب ان نبنى عليه «البراند» فالأهرام وأبو الهول وأبو سمبل ومعبد حتشبسوت وكليوباترا ونفرتيتى والأقصر وأسوان ومراكب الشمس وكل الآثار المصرية لها لغة عالمية وبات هناك علم يدرس فى كل جامعات ومعاهد الدنيا اسمه «علم المصريات» ويمكن القول إن هناك ما أضيف إلى هذه الزاوية حيث متحف الحضارة وما يضمه من مومياوات وكذلك الصورة الذهنية التى ترسخت بعد حفل نقل المومياوات العظيم، أما المتحف المصرى الكبير ففى تقديرى سينقل «براند الدولة من حالة إلى حالة اخرى تماما».
>>>
وتجدر الإشارة إلى أن محمد صلاح ساهم فى تعزيز الصورة الذهنية ورفع درجة البراند المصرى بين الجماهير الأوروبية خاصة البريطانية وربما هناك علاقة بين زيادة نسبة السياحة البريطانية إلى مصر وبين محمد صلاح وقصته فى بريطانيا، ونتذكر جميعاً ما فعله البطل الأوليمبى محمد على رشوان وتأثير سلوكه على زيادة نسبة السياحة اليابانية إلى مصر بنسبة 300٪، الآن لدينا السير/ مجدى يعقوب الذى أنادى بأن ترشحه المؤسسات العلمية لنيل جائزة نوبل فى الطب، كما كان لدينا زويل ونجيب محفوظ ومحمد البرادعي، شخصيات مصرية ساهمت بشكل أو بآخر فى رفع ترتيب براند مصر أمام العالم، بالتأكيد هناك أمور أخرى كثيرة منها سمعة البلد فى محيطها الإقليمي.
>>>
وهذا يتأتى وبرتبط بأمور كثيرة فى الداخل منها سيادة القانون واحترامه وحقوق الإنسان وسلوكيات الشعب وسماته مثل الكرم والشجاعة والنبل والتسامح وغيرها من السمات الجمعية، هناك أيضاً التصدير، فما تصدره من ناتج صناعتك أو زراعتك هو رسالة إلى المستهلك المستورد فى البلد المستورد أنك «مهم»، كذلك الدور السياسى فى العلاقات الدولية ومدى تفاعلك مع القضايا المحيطة وتأثيرك فى التعاطى معها والمشاركة فى إطفاء الحرائق والصراعات الإقليمية، كذلك قدرة الدولة على استضافة الفعاليات الدولية الكبرى المرتبطة بالقضايا الكونية الكبري، كل هذا يساهم فى رسم صورة «براند الدولة»، لكن يبقى السؤال من هو الشخص ومن هى الجهة المسؤولة عن متابعة ومراجعة براند الدولة المصرية؟