للأسف الشديد تحوًّلت كل البرامج التليفزيونية فى كل القنوات إلى شكل واحد.. مذيع وعلى جانبيه لاعب سابق أو أكثر فى الأهلى وآخرون فى الزمالك، وإلى هنا فالوضع طبيعي، ولكن ما هو غير طبيعى نوعية النقاش الهابطة التى تدور فى الأستديو وتثير التعصب الذى يدعون أنهم يحاربونه ولكنهم فى الواقع أكبر من يؤجج العصب بهذا الحوار الهابط الذى يصل لمرحلة الجهل.
الحقيقة أن مثل هذه البرامج فى قنوات تحت السلم وفوق السلم تدار بحرفية عالية من المذيع بهدف ايجاد كل المنافذ نحو التريند على حساب أى شيء آخر.
كنا فى الماضى نشاهد حوارات النجوم الكبار تخرج دائماً متحفظة بقيمة النجم وتاريخه وبحساب وعلم ودراية بكل قواعد وقوانين اللعبة، ولكن للأسف فى عصر السوشيال ميديا اختفت كل هذه المثاليات وأصبحت البرامج تدور فى شكل خناقة وصراع من كل نوع بين الضيوف من الجانبين وبينهما يقف المذيع سعيداً بأن هذه الحوارات تضعه على التريند على حساب المباديء وأخلاقيات المهنة، وليس هناك مانع أيضاً من التدخل من أجل اشعال الحوار أكثر وأكثر من أجل المزيد من المشاهدات والليكات.
المثير فى تلك القضية عنصران مهمان، الأول هو أن كل طرف من أطراف الحوار الأهلاوي– الزملكاوى منحاز تماماً لفريقه فى الصح والخطأ وفى الحق والباطل، والثانى هو الحوار الهابط الذى يصل على مرحلة الجهل بين الأطراف المتنازعة.
فى العنصر الأول عليك أن تتأكد تمام أن كل طرف يتحدث لمصلحة فريقه فقط، فلو فرض مثلا تم الحديث عن هدف بيراميدز فى الزمالك فى الثوانى الخيرة للقاء، فتأكد أن كل الأطراف الأهلاوية سيقولون إن الهدف سليم وكل الزملكاوية سيقولون أنه تسلل بعيداً عن التفسير الواضح للقوانين.
إذا كان الوضع معكوساً فى هدف الجزيرى فى الأهلى فى نهائى السوبر، فتأكد تماماً ان كل الأطراف الزملكاوية ستؤكد صحة الهدف، وفى المقابل سيقول كل الأهلاوية أن الهدف تسلل، وفى خلال المناقشات فى الحالتين، ستشاهد كل ألوان الجهل فى تفسير قوانين كرة القدم وقواعد الفار من لاعبين كانوا نجوماً فى الملعب، حتى لو كان النقاش مع حكم أو متخصص فى التحكيم ويتكلم فقط بقانون الكرة وليس بأى شيء آخر.
أتعجب من تلك الظاهرة الغريبة الآن بأن الأهلاوى والزملكاوى عليه أن يدافع عن فريقه فى الحق والباطل وليس بالمنطق والعقل، حتى لو كان الخطأ أو الخروج على النص واضحا تماما على فريقه، فإن مهمته الأساسية هى الدفاع فقط حتى لو خالف كل القواعد المهنية.
أما العنصر الثانى فهو الجهل الشديد الذى يتحدث به هؤلاء اللاعبون والذين لم يدرسوا كلمة واحدة عن كيفية الخروج بالحديث فى وسيلة إعلامية تخاطب ملايين ويخرجون بجهلهم ومعلوماتهم المحدودة لمخاطبة الملايين دون إدراك بأنهم قنابل موقوتة تثير الجماهير وتؤجج التعصب.
متى يخلصنا الله من كل هذه الوجوه التى تلوى الحقائق وتمد الجماهير والمشاهدين بجرعة دسمة من الجهل والضلال.