كانت هناك قواعد عالمية متفق عليها تحكم وتدير العلاقات بين الدول، ومن خلال منظمات دولية متعددة الأطراف يظهر أمامنا إطار قيمى يلجأ اليه الجميع حتى ولو كان هذا اللجوء صوريا، قامت الحرب العالمية الاولى وخرج من رحمها عصبة الأمم ثم اندلعت الحرب العالمية الثانية فتحللت عصبة الأمم وحل محلها الأمم المتحدة، قوانين ومواثيق ومعاهدات واتفاقيات لها طابع الإلزام وهناك تظاهر بالالتزام بها واحترامها من الجميع.
>>>
لكن ورغم كل ملاحظاتنا على ان العالم يحكمه الأقوياء فقط، والمنتصرون دائما ما يكتبون التاريخ ويرسمون المستقبل ويتحكمون فى الحاضر، فإن بقاء او وجود نظام عالمى كان سترا وستارا يخفى وراءه مظالم وظلمات، لكن ومع بزوغ الرأسمالية بأنيابها وتوحشها وانبطاح الاشتراكية بنظيراتها الناعمة وتأثيراتها المنعدمة ، أصيب العالم «بمتلازمة التحول» وظهرت العولمة التى تقوم على الحريات الكاملة وازالة السدود والقيود والحدود، امام الأموال والأشخاص وضمان حرياتهم.
>>>
فى نفس الوقت ذات الليبرالية النيوليبرالية والتى احتضنت كل ما هو بلا قيود او حدود، باتت شركات التكنولوجيا تحكم وتتحكم فى مسارات العالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحلت شركات التكنولوجيا محل شركات الطاقة والتى بدورها تبوأت مكانها بديلا عن شركات السلاح والتى كانت قد تسيدت الساحة بدلا من شركات الصلب والفحم والمناجم، وصلنا الآن إلى عصر الذكاء الاصطناعى الذى جعل العالم فى حالة تسول معرفى دون ضجيج البحث والأبحاث والباحثين.
>>>
لكن فجأة وقعت الواقعة ولم نعد نعرف ما يجرى حولنا ، أحقا ارتدت أمريكا عن الإيمان بالعولمة والديمقراطية وحقوق الإنسان والليبرالية ؟ هل صحيح ان اكبر وأغنى واقوى دولة فى العالم باتت تُحكم بعيدا عن مؤسسات الدولة التقليدية ؟ وهل انفض السامر والتحالف الأمريكى الأوربى على وقع التهديدات الأمريكية بضم جزيرة جرين لاند ؟ هل سيبق الاتحاد الأوربى وحلف الناتو كما هما ام ان تغييرا سيصيبهم فى مقتل ؟ اسئلة عديدة بعضها لا يحتاج إلى اجابات.
>>>
لكن ما يجب ان نبحث له عن تفسيرات او اجابات هو السؤال البسيط جدا والذى يلح على عقلى منذ فترة طويلة ولا أريد التفكير فيه مخافة الوقوع فى المحظورات الفكرية والثقافية ، السؤال هو من يحكم العالم ؟ ومن يتحكم فيمن يحكم العالم ؟ أعط شركات التكنولوجيا من سكان سليكون ڤالى ؟ أم صناع الطاقة والسلاح ؟ أم المتحكمون فى دوائر المال والأعمال والبنوك والمصارف ؟ هل هم اليهود الذين يديرون العالم بحق ؟ ام هى الماسونية العالمية التى نقرأ عنها كثيرا ؟ من هى الجهة التى أفرزت حكام العالم ؟ هل الناخب الأمريكى حقا هو من اختار ترامب ومن قبله بايدن ومن قبلهما اوباما؟
>>>
هل رجل العقارات والبيزنس وصالات المصارعة وتلفزيون الواقع هو اختيار محض للجماهير ام ان هناك آخرين قد رسموا الخطة ونفذوها عبر أدوات المال الإعلام ؟ لا أريد ان انفصل عن الواقع لكن الواقع نفسه بات خياليا لا يستطيع اعقل العقلاء فهم تفاصيله ، فبحق السماء من يحكم العالم؟