تعزيزاً لريادة مصر السياحية وتطوير المواقع الأثرية والارتقاء بالخدمات الدينية والسياحية اتخذت الدولة خطوات حثيثة وجادة فى سبيل تطوير مسار رحلة العائلة المقدسة داخل مصر، هذا التراث الاستثنائى الذى تتفرد به مصر باعتباره أطول مسار داخل دولة وحظى باهتمام واسع بعد تسجيله على قائمة التراث العالمى واعتماد البابا فرانسيس محطاته كأحد طرق الحج السياحى حيث تم ضخ 06 مليون جنيه من صندوق تنمية السياحة فى وزارة السياحة بالإضافة إلى ضخ بعض الموازنات من خلال المحافظات بتوجيه رئاسي.
البداية.. فى «أبوسرجة والعذراء ومريم» فى القاهرة.. ومروراً بـ «وادى النطرون وجبل الطير»
عشرات الكنائس والأديرة والشواهد أقرها بابا الفاتيكان
المواطنون: تنمية عمرانية وسياحية وفرص عمل
«السياحة»: ٠٦ مليون جنيه من الوزارة.. والباقى من المحافظات والكنيسة القبطية
انطلق قطار التطوير من سمنود كأول نقطة تم تطويرها بنسبة ٠٠١٪ وصولاً إلى أديرة وادى النطرون ماراً بكنيسة العذراء بسخا وجبل الطير بالمنيا ومنطقة آثار تل بسطة.
وبالقاهرة تم تطوير كنائس أبوسرجة بمصر القديمة والعذراء بالمعادى وشجرة مريم بالمطرية شمل التطوير ترميم الآثار معمارياً وفنياً بواسطة متخصصين وتأهيل المبانى والتشجير ووضع لافتات إرشادية ومعلوماتية مع الاهتمام برفع كفاءة الطرق والمناطق المحيطة بنقاط المسار، كما تم تقديم ملف المسار لليونسكو لاعتماده ضمن التراث اللامادي.
الجدير بالذكر أن المشروع يعمل على تحقيق تنمية عمرانية مستدامة وخلق مسارات تنمية سياحية إضافية وتعزيز صورة مصر السياحية. ومن جانبهم أشاد المواطنون بمشروع إحياء وتطوير مسار العائلة المقدسة كأحد أهم المشروعات القومية وتسليط الضوء على تلك المشروع الثقافى والحضاري، بجانب رفع كفاءة المناطق المحيطة مؤكدين فتح المجال لفرص شبابية وتنموية.
هذا ما أكده ماجد يوسف معرباً عن سعادته بالتطوير الذى تم بكنيسة أبوسرجة ومجمع الأديان بمصر القديمة قائلاً: توجهت للكنيسة لإضاءة شمعة وزيارة المكان الذى اختبأت فيه مريم ويسوع ويوسف النجار، وتعد «أبوسرجة» من أفضل الكنائس التى زرتها حيث تبدو وكأنها متحف رممت جدرانه بدقة شديدة وبها جداريات فنية رائعة خاصة فى الأقواس الخشبية المطعمة بالرخام والجداريات التى تصور رحلة العائلة وتقرب الصورة لنا، مشيداً بالتطوير الذى تم بالمنطقة بالكامل خاصة البازارات والمحال والشوارع.
يقول هشام إبراهيم إن مشروع إحياء المسار لم يقتصر على المواقع الأثرية فقد امتد للمناطق المحيطة ليعد مشروع تطوير كامل فمثلاً تم تطوير منطقة مجمع الأديان ومحيط كنيستى أبوسرجة والمعلقة.
السلع التراثية
أحمد حسن يرى أن تطوير المسار يخلق فرص عمل مختلفة ويشجع الشباب على إقامة مشروعات جديدة تخدم زواره كالمطاعم والفنادق والمحال وتتيح إيجاد فرص عمل فى شتى المجالات والأنشطة السياحية فى كل المحافظات التى يمر بها ويعد وسيلة لتنشيط وتسويق الصناعات الصغيرة واليدوية المرتبطة بالنشاط السياحى كصناعة المجسمات والسلع التراثية والهدايا التذكارية.
ويؤكد أحمد عبدالله ـ محاسب ـ أن تطوير المناطق السياحية يعمل على تنشيط السياحة أحد مصادر الدخل القومى والعملة الأجنبية ومسار العائلة المقدسة أثر مهم للإخوة الأقباط والتطوير يعمل على جذب شريحة جديدة من الإخوة الأقباط الراغبين فى زيارة أماكنهم المقدسة كذلك الأمر بالنسبة للأقباط المصريين مما يعمل على تنشيط السياحة الداخلية، مشيراً إلى ضرورة نقل الاحتفالات بتلك المناطق والموالد عبر وسائل الإعلام المختلفة كوسيلة ترويجية ودعوة لزيارة المسار.
يوضح محمد يوسف أن تطوير المسار نقلة حضارية بكل المحافظات التى يمر عليها مع تطوير البنية التحتية للمناطق المحيطة به والطرق المؤدية إليه، مؤكداً على أهمية الترويج لهذا الإنجاز بأكثر من لغة ومن خلال عدة وسائل إعلامية ووسائل التواصل.
دكتور أحمد عبدالحميد النمر عضو المكتب العلمى بوزارة السياحة والآثار ومسئول ملف العائلة المقدسة بدأ تطوير مسار العائلة المقدسة من عام ٦١٠٢، بضخ ٠٦ مليون جنيه من صندوق التنمية السياحية بوزارة السياحة، وهناك توجيه رئاسى بضخ بعض الموازنات من خلال المحافظات لتطوير ورفع كفاءة الطرق والمناطق المحيطة بكل نقطة بالمسار تسهيلاً على الزائرين خاصة مع وعورة وصعوبة بعض الطرق ومنها منطقة وادى النطرون لاحتوائها على ٤ أديرة بمناطق متفرقة فتمت مراعاة التغيرات المناخية مثل السيول والحفاظ على جودة الطرق فى وجودها بعمل مخرات، وطبقاً للقانون والمادة ٠٣ شاركت الكنيسة القبطية فى تأهيل وترميم المنشآت والأديرة المسجلة آثار كأديرة وادى النطرون وجبل الطير للإشراف على الترميم الإنشائى والمعمارى الدقيق للحفاظ على التراث.. مشيراً إلى أن أعمال التطوير بصفة عامة شملت ترميم الأثر والمحطة وعمل اللوحات الإرشادية والمعلوماتية وإعادة تأهيل البنية التحتية وشبكات المرافق بالكامل والطرق، وقد شمل التطوير بمحافظة القاهرة شجرة مريم بالمطرية وكنيستى أبوسرجة والمعلقة بمصر القديمة والعذراء بالمعادي.
أبوسرجة ومجمع الأديان
ويوضح النمر أن كنيسة «أبوسرجة» ضمن مجمع الأديان على مقربة من المتحف القبطى والمعبد اليهودى وكنيسة الست بربارة والكنيسة المعلقة وهى ذات مكانة دينية حيث لجأت العائلة المقدسة لمغارتها مرتين أثناء رحلتها إلى مصر قدوماً ورجوعاً، تم افتتاحها عام ٦١٠٢ بعد الانتهاء من مشروع ترميم شامل ترميم الآثار وتأهيل المبانى وترميمها معمارياً وفنياً وتطوير مجمع الأديان وإزالة أكبر مقلب قمامة وتحويله إلى حديقة مفتوحة بزراعة ٠٠٥ نخلة وإعادة رصف وإنارة الشوارع المؤدية إلى الكنيسة وإنشاء بوابات إلكترونية ومعدنية ووضع اللافتات الإرشادية واللوحات المعلوماتية، وفى نفس المنطقة تم ترميم الأساسات والمبنى الهيكلى للكنيسة المعلقة أيقونة الآثار القبطية ترميم المعمارى الدقيق وتطوير نظم الإطفاء والمراقبة والتهوية الخاصة بها من خلال نظام تكييف مع عدم المساس بالأثر وقيمته التاريخية.
شجرة مريم
بتكلفة ٧ ملايين و٠٥ ألف جنيه تم الانتهاء من تطوير «شجرة مريم»« بالمطرية تلك المدينة التى لجأت إليها العائلة المقدسة واستظلت تحت شجرة الجميز التى يتبرك بزيارتها المسلمون والأقباط وشمل التطوير استبدال بعض الدعامات الحاملة للشجرة وتنظيف الإطار الرخامى الذى يعلو الحنية والأحجار المحيطة بتمثال السيدة العذراء وبالبرجولة تم عمل قواعد لعمل جلسات بها والبدء فى تركيب السراميك وتنظيف الأسوار الخارجية من الملصقات والكتابات وتركيب الأحجار المفقودة من الخارج والداخل وتعلية الأسوار وطلائها وتوصيل خراطيم الكهرباء داخل الأسوار وتركيب كشافات أعلى وأسفل السور وتغيير الأرضيات المتهالكة وتكحيل العراميس وتركيب جلسات رخامية بأماكن مختلفة داخل المنطقة.
كنيسة العذراء بالمعادي
من أهم مزارات رحلة العائلة المقدسة ونقطة بداية الرحلة إلى صعيد مصر، شملت أعمال تطوير الكنيسة إنشاء منطقة خدمات ومرافق للزائرين، وأماكن انتظار للسيارات السياحية والبدء فى إقامة المرسى السياحى أمام الكنيسة، بالإضافة إلى تنسيق الموقع من تشجير ووضع لافتات إرشادية وأماكن استراحة للزائرين ودورات مياه إضافية بطول مسارات الزيارة.
محافظات المسار
وفيما يخص المحافظات أكد النمر أن قطار التطوير انطلق من سمنود المحطة الخامسة فى ٦١٠٢ وأول نقطة تم افتتاحها على مسار العائلة المقدسة بعد أن تم الانتهاء من أعمال تطويرها وتأهيلها بنسبة ٠٠١٪ وذلك فى يناير ١٢٠٢.
وبتكلفة ٦٧ مليون جنيه تم تنفيذ أعمال التطوير بمنطقة وادى النطرون بمحافظة البحيرة حيث تم ترميم الأديرة والكنائس كالتالى دير أبومقار تم ترميمه وكنيسة الشيوخ وبعض الأعمال لكنيسة أباسخيرون وتم ترميم كنيسة الرهبان والقلالى الأثرية والطاحونة الأثرية وكنيسة الأنبا بيشوى من السطح والجدران الخارجية فى دير الأنبا بيشوي، وفى دير العذراء السريان رممت كنيستا العذراء والأربعين والقلالى الملاصقة للسور بدير العذراء البراموس تم ترميم الكنيسة الرئيسية والسور الأثري.
كنيسة العذراء بسخا
نزلت العائلة المقدسة بمدينة سخا بمحافظة كفر الشيخ حوالى سبعة أيام تبعاً للمصادر وتحتوى على العديد من الآثار الدينية أبرزها الحجر الذى طبعت عليه قدم السيد المسيح بخلاف المخطوطات ورفات أجساد القديسين وتعد ثانى موقع تم افتتاحه ضمن مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة بعد افتتاح موقع سمنود، مشيراً إلى أنه تم تقسيم المسار إلى ٤ مناطق واستغرقت أعمال التطوير حوالى ٣ أشهر.
تل بسطا
بتكلفة ٧ ملايين جنيه تم تطوير منطقة آثار تل بسطا بمحافظة الشرقية التى تتميز بوجود العديد من الآثار الفرعونية والقبطية إضافة إلى البئر المقدس الذى يتوسط المنطقة الأثرية التى تعد أولى نقاط دخول العائلة المقدسة إلى مصر، وشمل التطوير البنية التحتية والمنطقة الأثرية واستكمال البئر وترميم محيطه فى عمل مشترك بين وزارتى السياحة والآثار والتنمية المحلية ومحافظة الشرقية.
جبل الطير بالمنيا
دير السيدة العذراء أنشئ على قمة جبل الطير الملاصق للنيل بسمالوط وأنشأت القديسة هيلانة كنيسة منحوتة بالصخر عرفت بكنيسة الكف لمعجزة السيد المسيح حين منع بكفه الصغير سقوط الصخرة وانطبع كفه عليها ليعرف الجبل «بجبل الكف» وشهدت الكنيسة أعمال التطوير من ترميم لها وللمدخل وتم إنشاء طريق مباشر للوصول إلى الدير وتطوير المنطقة بالكامل.
دير المحرق
شملت أعمال الصيانة والرصف للطرق الواقعة فى مسار رحلة العائلة المقدسة وخاصة طريق «القوصية ـ مير» بطول ٥كم والذى تم رصد مبلغ ٥٥ مليون جنيه لتطويره ورفع كفاءته وتوسعة الطريق من أول فم ترعة القوصية أول طريق الدير حتى عزبة أنطون وتم إنشاء طريق يربط دير المحرق بمحافظة أسيوط بالمناطق الأثرية المحيطة وتمهيد الطريق المؤدى لدير مغارة درنكة آخر محطات الرحلة المقدسة.
دعاية سياحية
أكد دكتور مختار الكسبانى أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية جامعة القاهرة أن مصر تحتل أهمية خاصة منذ فجر التاريخ فهى مهد الحضارات وموطن الديانات وملاذ الأنبياء، وأشار إلى أن مسار العائلة المقدسة عانى من الإهمال خلال العقود الماضية نتيجة عدم إدراك أهميته وذلك بالرغم من دعوة الكنيسة الكاثوليكية لاعتماد المسار كطريق للحج وبعد أن اتجهت أنظار الدولة إليه وقام الرئيس السيسى بإصدار توجيهاته بتطوير المسار وما يحيطه من مناطق وطرق مؤدية إليه تم اعتماده كمنطقة لحج المسيحيين يأتى إليها الملايين من الحجاج من كل بقاع الأرض ليصبحوا وسيلة دعاية لمصر كبلد سياحى ومصدر لزيادة دخل للدولة لا يكلفها الكثير سوى مكان إيواء للحجيج الذين أتوا للزيارة والتعبد وأخذ البركة وقد تكون خياماً كما الحال فى عرفة مؤكداً أن مصر يمكن أن تستقبل من ٠٢ إلى ٠٣ مليون حاج سنوياً.
ويشيد الكسبانى بعملية التطوير التى تتم بشكل علمى ومن قبل متخصصين الأمر الذى أدى إلى الحفاظ على المنشآت الأثرية والترميم دون محو أى أثر تاريخى وكذلك تطوير المنطقة بالكامل ما يكسب المنطقة أهمية ويؤهلها لاستقبال الزوار.