لاحظت فى الفترة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعى، الأغلبية يتحدثون عن عداوة البعض لهم، فالبعض يشعر أن أقرب الناس له أصبح عدوًا له، والبعض الآخر يشعر أن الكل أصبح عدوا له وليس لديه أصدقاء! والبعض يشعر عند نجاحه أن البعض يكنون حقدا وعداوة له، بغض النظر هل هذا الشعور صحيح من عدمه، فلنتحدث عن الأصدقاء قبل أن نتحدث عن الأعداء بصفة عامة؛ كلمة صديق جاءت من الصدق فليس كل شخص تصادفه بحياتك تطلق عليه لفظ صديق بسرعة، فيجب أن يتحلى بالعديد من الصفات أهمها الصدق، الإخلاص، الراحة، الأمان، الثقة، وخلاصة الكلام لن تجد صديقا بحق إلا الذى يخشى الله.
الله سبحانه وتعالى لم يترك مسألة إلا وتناولها وتشعر وأنت تقرأ كتاب الله بأنه يتحدث عن أحوالنا ويتناول مشاكلنا ولا يكتفى بعرضها بل يعطى لنا الحل، فالله سبحانه وتعالى ذَكّرّ فى مُحكم آياته أن لكل نبى عدواً،» قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ»، هذا حال الأنبياء! ماذا عنّا نحن ؟! فالبعض منّا يشعر بأن له أعداء ولكن لا يعلم البعض بأن هؤلاء الأعداء لهم حكمة بل أحيانًا يكونون سبب كل شىء جميل حدث لنا حتى ولو فى ظاهر الأمر جلبوا لنا المشقة والتعب، فالإنسان من دون خصومات، من دون معارضات، من دون نزاعات من دون صراعات لا ينضج، لا يسعى، لا يظهر فضائله ويعرف نقاط قوته وأيضا ضعفه الإنسان بالعدو يجتهد، يظهر صِدقه، يظهر ثباته.
فطبيعة الحياة حلبة صراع بين الحق والباطل، بالصراع يرتقى المؤمن، وتقام الحُجة على الكافر، طبيعة الحياة دار ابتلاء، دار تكليف، الله عز وجل دائماً وأبداً يوظف الشر للخير المطلق، أى الشر نسبى، بمعنى أن صاحبه أراد الشر، لكن الله سبحانه وتعالى يوظف هذا الشر للخير المطلق، فالظلم شر كما نعلم جميعًا، ينتقم الله به ثم ينتقم منه، وذلك واضح فى قوله تعالى: «وَكَذَلِكَ نُوَلِّى بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً»، وقد سأل سيدنا موسى الله عز وجل عن العدل الإلهى فمثلاً: قد يقتل شخص آخر، أحدهما ظالم والآخرمظلوم ولكن الله استخدم الظالم الذى قَتَلَ فى قتل ظالم أيضًا سبق وأن قتل شخصًا آخر، إنسان أراد أن يسرق هذا شر لكن الله سبحانه وتعالى يسوقه إلى الشخص الذى ماله حرام، فالله أخرج لهذا الإنسان شهوته الشريرة وأدّب هذا الذى كسب مالاً حراماً فى وقت واحد، فليس هناك شر مُطلق كما لا هناك عدل مُطلق، بل هناك شر وعدل نسبى، الشر النسبى فى نفوس أصحاب الشر، لكن شرهم يوظف للخير.. فإذا كان الله معك يسخر لك العدو ليخدمك، أى يصبح عدوك فى خدمتك، وإذا كان عليك! أقرب إنسان يتهجم عليك!، فكل حدث سلبى بحياتك هو فى الحقيقة خير ولكن حكمته لم تظهر لك بعد، فكل شخص تصادفه بحياتك ليس صدفة بل قدر ولسبب وجزء من خطة الله الرائعة لحياتك، فلا تجعل ألم فراق أحدهم يُنسيك حكمة الله فى لقائه.