إعلام المقاومة الفلسطينية جدير بالدراسة المتأنية للوقوف علي مواطن القوة والإفادة منها علميًا وعمليًا وأعتقد أن مراكز بحث كثيرة وجامعات متخصصة فى عالمنا العربى وفى العالم الغربى بل لدى الاسرائيليين بدأت فى تناول هذا الإعلام الذى أحدث صدمة كانت مقصودة للعدو خاصة ما تم بعد اتفاق وقف إطلاق النار كان مؤداها أن كل ما تم من تدمير وقتل لم يزد المقاومة إلا قوة وهو ما قاله وزير الخارجية الأمريكى بأن المقاومة استطاعت تجنيد عدد يساوى ما فقدته من ابنائها وأكدت ذلك المقاومة فيما ظهرت به.
حرص إعلام المقاومة على أن يكذّب كل ما قاله الإسرائيليون فى رسالة المقاومة للمواطن الإسرائيلى وللعالم وكان أولها ما ادعاه الاسرائيليون على لسان رئيس الوزراء نتنياهو بأنه تم القضاء على غالبية القوة العسكرية للمقاومة، فظهر عناصر المقاومة بأعداد كبيرة وفى كل مكان بغزة وفى تنظيم وانضباط قلما يحافظ عليه الجنود فى العمليات الحربية كما ظهروا بلياقة جيدة وبأزياء جديدة وهو ما قد لا يكون متاحا لقوم ظلوا فى مواجهات حربية بشعة لأكثر من عام وحصار شديد فى كل المجالات براً وبحراً وجواً.
كان ظهور الجنود يحملون أسلحة اسرائيلية رسالة إعلامية واضحة ترد على ادعاء الاسرائيليين بتهريب أسلحة من مصر للمقاومة وتؤكد ما نشر فى تقارير كثيرة فى الغرب وليس فى العالم العربى وحده بأن كثيرا من الأسلحة التى فى أيدى المقاومة يحصلون عليها من الإسرائيليين أنفسهم فضلًا عما حصلوا عليه كغنائم حرب.
أما الحالة المعنوية والثبات الذى بدا عليه الجنود فهو رسالة إلى كل من يهمه الامر بأن فلسطين لم تهزم ولن تهزم فى رسالة تيئسية إلى عدوهم بأن النصر المطلق الذى كان يأمله العدو مستحيل الآن ولا فى المستقبل.
أما ما أظهره الإعلام الفلسطينى من التحام المواطنين بالمقاومة فقد حمل رسائل شتى ففور ظهور المقاومين على الأرض احتفى بهم المدنيون الذين لا يوجد فيهم من لم يفقد عددا كبيرا من ذويه ومع ذلك كان الاحتفاء واضحاً وتم نقل هذه الصور للعالم أجمع. وكانت الصور تقول كما قرأتها: إن وجود المقاومة فى فلسطين أمر يستحيل التخلص منه وإن الحقائق على الأرض تؤكد أن المقاومة هى صاحبة الكلمة وإن فكرة التهجير التى لم تلتفت إليها المقاومة فكرة مصيرها إلى التراجع كما تراجع نتانياهو عن النصر المطلق وعن القضاء على حماس وعن تحرير الأسرى بالقوة العسكرية.
هذا الإعلام لم يأت عفو الخاطر وإنما جاء على علم احتشد من خلاله المقاومون بكل ما يستطيعون من قدرات فى كل مجالاتهم لخوض هذه الحرب عسكريا وتكنولوجيا وإعلاميا و إعدادا دينيا ونفسيا للمواطن العادى وللجندى المقاتل والمسئول السياسي فكانت هذه النتائج التى كان ثمنها باهظًا لكنها حافظت على إرادة الفلسطينى وعلّمت من كان لديه شك أن المقاومة لا تموت وان الفكرة الصحيحة مهما جوبهت بالقوة تظل حية وتزداد كلما حوربت قوة على قوة.