الكذب الرسمى وغير الرسمى صناعة رائجة فى إسرائيل الكل هناك يكذب من أكبر رأس لأصغر رأس بثمن وبلا ثمن فمنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يدرك المتابع لأى حديث ترد فيه كلمة إسرائيل أو قادة إسرائيل أن الكذب موجود بين السطور و يستطيع بسهولة أن يلتقط الكذب بداية من تصريحات نتنياهو وأعضاء حزبه مرورا بالمسئولين فى الحكومة ثم مجلس الحرب وصولا لفريق الدفاع الإسرائيلى المكلف بالمرافعة أمام محكمة العدل الدولية فى الدعوى التى أقامتها جنوب أفريقيا، متهمة إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين فى قطاع غزة الذى يتعرض لحرب مدمرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر خلّفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى وكارثة إنسانية غير مسبوقة.
لا غرابة أن يخرج بنيامين نتنياهو أمام العالم فى وسائل الإعلام ويقول إن جيش الدفاع الإسرائيلى الذى يرتكب كل المجازر السابقة هو الجيش الأكثر أخلاقية فى العالم!! وليست مفاجأة أن يقول فريق الدفاع الإسرائيلى فى محكمة العدل الدولية إن القاهرة هى المسئولة عن منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة من الجانب المصرى لمعبر رفح!! فإسرائيل عندما وجدت نفسها محاصرة أمام محكمة العدل الدولية بأدلة موثقة لارتكابها جرائم ضد الإنسانية، لجأت إلى إلقاء الاتهامات على مصر فى محاولة للهروب من إدانتها المرجحة وما يعرفه جيدا هؤلاء المحامون الإسرائيليون أنهم جميعا يكذبون فهناك مئات التسجيلات المصورة من نشرات الأخبار خلال الشهور الثلاثة الماضية فى مختلف المحطات الإخبارية تظهر قادة إسرائيل من نتنياهو إلى أعضاء مجلس الحرب الإسرائيلى وهم يعلنونها صراحة أنهم لن يدخلوا المساعدات لاسيما الوقود إلى قطاع غزة لأن هذا جزء من الحرب.
العالم كله يعرف أن الجانب الفلسطينى من معبر رفح فى غزة يخضع لسلطة الاحتلال، والتى قصفت محيط المعبر من جانبها عدة مرات فأخرجته من الخدمة وفى المقابل كانت مصر ولا تزال تعلن أن معبر رفح من جانبها مفتوح بلا انقطاع، مطالبة إسرائيل بعدم منع دخول المساعدات للقطاع والتوقف عن تعمد تعطيل أو تأخير دخولها بحجة تفتيشها.
العالم كله شاهد الرئيس الأمريكى بايدن ووزير خارجيته ومستشاره للأمن القومى ومنسق الاتصالات بالبيت الأبيض وقادة أوروبا وهم يتوافدون على المنطقة ويطلبون من إسرائيل فتح المعبر من جانب قطاع غزة لإدخال المساعدات وإسرائيل ترفض و تشترط لدرجة أن الرئيس بايدن شخصيا طالب نتنياهو بفتح المعبر لتسهيل دخول المساعدات، وهو ما أعلن عنه مستشاره للأمن القومى جيك سوليفان فى 13 ديسمبر الماضي، باعتباره بشرى سارة كما أن المفاوضات التى جرت حول الهدن الإنسانية التى استمرت لأسبوع برعاية مصرية قطرية وبالتنسيق مع الولايات المتحدة شهدت تعنتا شديدا من إسرائيل فى تحديد حجم المساعدات التى ستسمح بدخولها للقطاع!
العالم كله أيضا شاهد العديد من كبار مسئولى العالم وفى مقدمتهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عندما زاروا معبر رفح من الجانب المصري، ولم يتمكنوا من عبوره لقطاع غزة، نظرا لمنع الجيش الإسرائيلى لهم، أو تخوفهم على حياتهم بسبب القصف المستمر على القطاع.
أجدنى هنا مضطرا لأن أستعير بعضا مما كتبه الكاتب الإسرائيلى المعروف مايكل بريزون قبل أيام فى مقاله بصحيفة هآرتس الإسرائيلية تعليقا على وصلات الكذب التى يقدمها محامو إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية حيث قال نصا:»إن طاقم الدفاع عن إسرائيل فى محكمة العدل الدولية حطم كل الأرقام القياسية الممكنة فى الكذب بشأن «البراءة المزعومة» من الاتهامات الموجهة إلى إسرائيل إزاء حربها فى غزة.. ولو تمكن أحد هؤلاء المحامين من توصيل جهاز كشف الكذب أثناء خطاباتهم، لانهارت شبكة الكهرباء فى لاهاي»!!، كما قال إن جنوب أفريقيا اختارت التركيز على ما يحدث فى غزة بدلاً عن الحديث عما يحدث فى جميع الأراضى المحتلة، غزة والضفة الغربية والقدس ففى نهاية المطاف، نحن نتحدث عن أمة واحدة يُداس أفرادها تحت أحذية المحتل نفسه.»
وردا على كذبة نتياهو الكبيرة عندما قال إن جيش الدفاع الإسرائيلى هو الأكثر أخلاقية فى العالم سأقتبس له أيضا فقرة من مقال لكاتب إسرائيلى آخر فى نفس الصحيفة «هآرتس» وهو جدعون ليفى الذى كتب قبل أيام تحت عنوان « لا توجد وسيلة «لتفسير» الفظائع فى غزة»: لم يعد من ممكنا تفسير الدمار والقتل والتجويع والحصار بهذه الأبعاد المروعة، ولا يمكن استخدام «المعلومات»، ولا حتى آلة الدعاية الإسرائيلية الفعالة لا أحد يستطيع تبرير قتل نحو 10 آلاف طفل فى غزة! لم يعد ممكنا إخفاء الشرّ بأى دعاية!، فأحداث السابع من أكتوبر لا يمكن أن تبرّر المشهد الحالى فى غزة.. لم يولد بعد ذاك الذى سيستطيع أن يفسر أو يبرر قتل 162 طفلا رضيعا فى يوم واحد! ناهيك عن تبرير قتل نحو 10 آلاف طفل فى شهرين!