قبل أيام نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية مقالا قالت فيه انّ ما كان يُوصف بـ»شهر العسل» بين إدارة ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو قد انتهى بالفعل، مشيرة إلى أن إسرائيل الآن أصبحت خاضعة بشكلٍ كامل للأجندة الأمريكية، وأنّ الرئيس ترامب، يتخذ القرارات الحالية نيابةً عن نتنياهو وليس العكس مثلما روج نتنياهو لدرجة ان موفد الرئيس الأمريكى لشئون الرهائن آدم بوهلر قالها صراحة أن واشنطن ليست وكيلا لإسرائيل فى المنطقة.
دونالد ترامب الذى لم يكمل شهرين بالبيت الأبيض,اختلفت معاملته لإسرائيل حاليا عن معاملته أثناء حملته الانتخابية وحتى فى أيامه الأولى بالرئاسة صحيح أن ترامب شخصية محيرة ومن الصعب التنبؤء بما سيفعله لكن بدا واضحاً أنه قرر شيئاً ما تجاه نتنياهو وائتلافه اليمينى المتطرف.
أوضح دليل على أن شهرالعسل بين إدارة ترامب ونتنياهو قد انفض بالفعل هو المفاوضات المباشرة التى جرت قبل أيام بين واشنطن وحركة حماس فى العاصمة القطرية الدوحة دون علم نتنياهو فبعد أن كانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة السابقة والتى تصنف حماس منظمة إرهابية ترفض التعامل مع الحركة بشكل مباشر وتجرى أى اتفاقيات معها عبر وسطاء قرر ترامب أن يتفاوض بشكل مباشر مع حماس وإبعاد نتنياهو من الصورة حتى قيل أن الأخير علم بالأمر من خلال أحد أعضاء فريقه التفاوضى الذى كان موجوداً بالدوحة! وهذا معناه أيضاً أن واشنطن قررت فرض هذه المفاوضات على نتنياهو لأنها لا تثق فيه ولا فى حليفه اليمينى المتطرف سموتريتش فالاثنان لهما حساباتهما السياسية والحزبية والشخصية الضيقة ويمكن أيضاً تفسير لجوء ترامب للتفاوض المباشر مع حماس بأنه مستاء من نتنياهو وتقريباً أدرك أن نتنياهو سيعرقل أهدافه وصفقاته فى المنطقة لا سيما فى موضوع إعادة الرهائن، الذى وعد به مراراً، فقرر ترامب إرسال موفده لشئون الرهائن آدم بوهلر، إلى الدوحة لمقابلة قيادات حماس وعدم ترك الأمر لنتنياهو.
لم يجرؤ نتنياهو على النطق بكلمة والتزم الصمت فيما يبدو أن ترامب فرض قراره وهذه بالطبع ليست المرة الأولى التى لا يقيم فيها ترامب وزنا لنتياهو فقد سبق واتخذ مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف قراراً بوقف إطلاق النار خلال المرحلة الأولى من الاتفاق الأخير فى قطاع غزّة، وهى خطوة لم يكن نتنياهو يرغب بها.
صحيح أن المفاوضات الأمريكية المباشرة مع حماس -بحسب تصريحات المسئولين الأمريكيين – لم تأت بنتيجة إيجابية لكنها على كل حال سابقة لم تحدث ويجدر التوقف عندها ويمكن تكرارها مرةً أخري.
السؤال: هل يلقى نتنياهو من ترامب نفس ما تلقاه الرئيس الأوكرانى فولديمير زيلينسكى بالبيت الأبيض؟ إذا تجرأ «بيبى نتنياهو»على رفض أوامر ترامب؟، بحسب شخصية ترامب كل شيء وارد بدليل أنه فى الوقت الذى كان نتنياهو ينتظر أن تفتح الولايات المتحدة أبواب جحيمها على حماس وغزة بأكملها مثلما ردد ترامب كثيراً فتحت واشنطن أبوابا أخري، ليست جحيما وإنما محادثات مباشرة مع حماس ومن شأن العلاقة المباشرة بين حماس وواشنطن أن تتيح نقل الصورة الحقيقية بين الطرفين ولن تفلح ضغوط نتنياهو التى مارسها على واشنطن بشكل متكرر طوال الشهور الماضية بهدف إظهار حماس بأنها هى من تعرقل المفاوضات.
ترامب رجل واقعى ويدرك جيدا أن هدف القضاء نهائيا على حماس الذى يعتبره نتنياهو أساسيا هو وهم وعلى طريقة «اليد التى لا تستطيع قطعها فلتصافحها» قرر المصافحة وحساباته أولا وأخيرا مصلحته فهو مثلا يريد تحريرالرهائن وإنهاء الحرب والحصول على جائزة نوبل للسلام وكل هذا لن يحدث بالود مع نتنياهو أوالتعامل عبر وسيط مع حماس.