للأسف الشديد مازلنا نتعامل مع كرة القدم.. بنفس الأسلوب والنظرة التى عفا عليها الزمن.. ولم نستوعب التطور الكبير بل والمذهل فى عالم الكرة وأسلوب إدارتها وقدرتها على تغيير خريطة العالم الكروية.. ويبدو أننا لا نستوعب دروس الماضى ولا نستفيد من معطيات الحاضر ولا متطلبات المستقبل.. ونلدغ من ذات الجحر مرات ومرات.. وكلما بزغ شعاع فجر جديد للنهوض بالكرة وتغيير أسلوب إدارتها.. عادت نفس الوجوه لتطمس كل بادرة أمل فى الوصول إلى المستوى العالمى سواء فى الإدارة أو حتى تنظيم بطولة محلية جديرة بالاهتمام والاحترام.
.. ويوم أن صدمنا جميعاً عقب مهزلة ملف مونديال العالم «2010».. يوم أن تولى تسويق الملف بعض المتاجرين بالكرة فروجوا لمعركة المونديال بالمطبوعات والتيشيرتات التى وزعوها على شباب المحافظات واللافتات والإعلانات فى شوارعنا وحوارينا ومراكز شبابنا.. وتربح من تربح من التيشيرتات والإعلانات فى المحافظات.. بينما كانت تدار المعركة الحقيقية فى الفيفا.. والتصويت العالمى هناك.. كنا نحن نهلل فى بعض البرامج الهابطة التى يديرها غير المتخصصين لملفنا بينما كان «الصفر الكبير» فى انتظارنا.. وللأسف الشديد.. مر هذا الملف وهذا الصفر.. مرور الكرام.. ولم يحاسب أصحاب هذا الصفر ومازالوا يديرون شئون الكرة وشئون المسابقة المحلية.. الدورى العام والكأس.. ومازالوا يتعاملون مع الكرة بنفس النظرة التى عفا عليها الزمن من خمسينيات وستينيات القرن المنصرم.. بينما تغير عالم الكرة وتغيرت دنيا الاحتراف.. وأصبحت كرة القدم صناعة واستثماراً.. وأصبحت مؤسسات عالمية كبرى تستثمر بالمليارات فى دنيا الكرة.. ويوم تعرضت البرازيل منذ سنوات لأزمة اقتصادية طاحنة.. كادت تصل إلى حد الإفلاس.. كان لنجوم الكرة والمحترفين دور كبير فى دعم اقتصاد بلادهم.. حتى وقفت على أقدامها مرة أخرى وعادت واحدة من أقوى اقتصاديات العالم.. وأصبحت إنجلترا اليوم على كل لسان ليس لقدرتها الاقتصادية أو العسكرية.. وإنما لأنها تنظم أقوى دورى فى العالم.. يشاهده المليارات من البشر بل وتدفع فيه القناة الناقلة للدورى مليارات الدولارات.. وصار تسويق مباراة «دربى عالمي» مثل ريال مدريد وبرشلونة.. يفوق أكبر منتديات العالم الاقتصادية.. بل إن دربى «الأهلى والزمالك» على المستوى المحلى تتسابق الدول العربية فى استضافة المباراة وترويجها.. ورغم ذلك.. وللأسف الشديد.. مازال الذين يقودون منظومة الكرة لدينا فى عالم آخر.. يتعاملون مع المسابقة المحلية بمنتهى الاستهتار وعدم المبالاة.. ويضربون بمشاعر أكثر من 100 مليون مشجع مصرى فى الداخل وأضعاف هذا الرقم على المستوى الإقليمى والأفريقى والعربي.. بمنتهى السلبية.. قطعاً لم يفاجأ مسئولو الاتحاد المصرى ولا النادى الأهلى بموعد مباراة الزمالك والأهلى يوم الثلاثاء الماضي.. ولم يفاجأ المسئولون أيضاً بموقف الأهلى من استقدام حكام أجانب.. ومع ذلك لم يحدث فى أى دولة أفريقية ولا أقول عربية أو أوروبية ـ فذلك مستحيل ـ مثلما حدث عندنا.. لا أحد يعرف أو يقرر هل ستقام المباراة فى موعدها.. أو لا.. هل هناك حكام أجانب.. أو يديرها طاقم مصري؟!.. وظلت الأخبار تتأرجح بين هذا وذاك مجرد تخمينات.. ولم يخرج مسئول واحد فى المنظومة الكروية.. يحسم المسألة.. وظل التخبط حتى اللحظات الأخيرة للمباراة.. بل وحتى الآن لم يحسم أحد نتيجة اللقاء.. أو تحديد من المسئول عن هذه المهزلة.
>>>
الحق يقال.. إن منظومة الكرة لدينا فى حاجة إلى تغيير جذرى خاصة فى اتحاد الكرة ورابطة المحترفين ولجنة الحكام.. فمستوى التعامل مع الكرة والأندية واللاعبين والحكام لا يرقى حتى للهواة.. ولا أقول المحترفين.. فالاحتراف فى عالم الكرة والرياضة شيء آخر.. يبدو أننا لم نطلع عليه أو نصل إليه حتى الآن.
وبات واضحاً فشل مسابقة هذا العام.. فى ظل التخبط الإدارى الواضح.. وعدم حسم كثير من الأمور بصورة جعلت الجماهير تفقد الثقة فى المنظومة برمتها.. ويبدو أنه لا أمل عندى شخصياً فى وصولنا إلى مستوى الاحتراف فى التعامل مع كرة القدم.