فى لحظة فارقة من عمر المهنة، أثبت الصحفيون مرة أخرى أنهم أهل لمسئولية الكلمة، حين حضر أكثر من 6500 عضو من أبناء صاحبة الجلالة، ليشاركوا فى انتخابات نقابة الصحفيين التى جرت فى أجواء حرة وديمقراطية يُشار إليها بالبنان.. مشهدٌ يستحق التوقف عنده طويلاً، لا من باب المجاملة أو الاحتفال الموسمى، بل كدلالة حية على حيوية هذه الجماعة النقابية، وعلى أن الممارسة الديمقراطية ليست شعاراً بل ممارسة راسخة الجذور فى وجدان الجماعة الصحفية.
منذ عقود طويلة، كانت نقابة الصحفيين واحدة من القلاع التى انتظمت فيها الانتخابات، وشهدت دوماً تنافساً شريفاً بين الزملاء، فى ظل مساحات متاحة للتعبير والدعاية، قد تحتد أحياناً ولكنها لم تخرج- فى الغالب- عن حدود المقبول.. لكن فى ظل ثورة وسائل التواصل الاجتماعى، تعقّدت هذه المعادلة، ودخل على الخط من يتخفون وراء الأسماء الوهمية واللجان الإلكترونية، بهدف التشويش والتشويه، فى محاكاة- لا واعية ربما- لصناع الفتن والانقسام. وهنا تبرز أهمية وعى الصحفيين، وقدرتهم على الفرز بين النقد المهنى والابتزاز المغرض.
الانتخابات الأخيرة أظهرت وعياً متقدماً بين الصحفيين، ليس فقط من خلال المشاركة الكثيفة، ولكن من خلال الروح العامة التى سادت يوم التصويت، حيث سادت مشاهد التهانى والاحترام المتبادل، حتى بين المتنافسين، بمن فيهم من لم يحالفهم الحظ فى الفوز.. وهذا فى حد ذاته درس مهم فى ممارسة الديمقراطية، يعكس نضج الجماعة النقابية، ويؤكد أن الصحافة كانت وما زالت مساحة للتنوع لا للإقصاء.
وفى هذه المناسبة، نتقدم بالتهنئة الخالصة للنقيب خالد البلشى على تجديد الثقة، ونتمنى له وللأعضاء الجدد فى مجلس النقابة التوفيق فى المرحلة المقبلة، آملين أن تكون رؤاهم الجديدة لبنة حقيقية فى بناء مستقبل أفضل للصحافة والصحفيين، وأن تعكس توجهات المجلس طموحات جموع الزملاء، وتضع مصالحهم وحقوقهم المهنية فى صدارة الأولويات.